2016-01-27 الساعة 12:01ص (يمن سكاي - علي العقيلي)
مثلت القبيلة اليمنية بمحافظتي مأرب والجوف بيئة خصبة لاحتضان المقاومة الشعبية وتأسيس معسكرات الجيش الوطني وقوات الشرعية عقب انقلاب الحوثيين وقوات صالح على السلطات الشرعية بصنعاء سبتمبر العام قبل الماضي.
ويرصد "اليمن العربي" في هذا التقرير دور التحالفات القبلية بمحافظتي مأرب والجوف في مواجهة الحوثيين وقوات صالح وحسم المعارك بالمحافظتين لصالح المقاومة والجيش الوطني والسلطات الشرعية.
حرب "سدباء" المنسية
مثلت محافظتي مأرب والجوف "اكبر قلاع المقاومة" الصخرة التي تحطمت عليها قوات (الحوثي وصالح).
ففي إبريل 2011 عقب انفجار الثورة الشعبية الشبابية السلمية ضد علي صالح ونظامه أقدم صالح على تسليم معسكر بمحافظة الجوف، بكامل عتاده للحوثيين وهو ما لم يتم بعد أن أجرى قائد المعسكر اتصالات بمشائخ القبائل وأطلعهم على تلقيه توجيهات بالتسليم لمشائخ موالون للحوثيين مما تسبب في تفجر حرب طاحنة بين القبائل الموالية للحوثيين والقبائل الأخرى بمساندة من حزب الاصلاح بعد انسحاب كافة القوى البشرية من المعسكر بسلاحها الشخصي وتوجهت إلى ابين جنوب اليمن.
استمرت لأشهر المواجهات في محيط منطقة سدباء بمديرية الغيل جنوب غرب محافظة الجوف بين حزب الإصلاح بمحافظتي مأرب والجوف مسنودين بقبائل بالمحافظتين، والحوثيين المسنودين بقوات الحرس الجمهوري.
وكانت الحرب تدور بين إصلاح وقبائل مأرب والجوف من جهة والحوثيين والحرس الجمهوري من جهة اخرى في الوقت الذي تشهد ساحة جامعة صنعاء اعتصام مفتوح يضم الإصلاح والحوثيين جنباً إلى جنب عام 2011 ضد علي صالح ونظامه الحاكم.
ظلت الحرب بالجوف حتى عام 2014، وبعد سيطرة الحوثيين على كتاف بصعدة على الحدود مع الجوف عززوا جبهتهم بالمحافظة وتمكنوا من خلالها السيطرة على الغيل جنوب الجوف ومجزر شمال مأرب في شهر يوليو عام 2014 بعد معارك عنيفة خاضها رجال القبائل وإصلاح الجوف ومأرب ضد الحوثي وقوات الحرس الجمهوري الموالي لصالح .
انتفاضة قبائل سبأ وتشكيل الحلف الأكبر في اليمن
بعد سيطرة الحوثيين وقوات الحرس الجمهوري التابع لعلي صالح على مديريتي الغيل جنوب الجوف ومجزر شمال مأرب، اغسطس 2014 احتشدت قبائل إقليم سبأ " مأرب – الجوف - البيضاء " بوادي السحيل شمال مأرب وأشهرت أكبر حلف قبلي باليمن يحمل اسم "حلف قبائل سبأ"، ومن أبرز مهام الحلف مواجهة الحوثيين وقوات صالح .
لم تمض سوى أيام قلائل حتى حشدت قبائل إقليم سبأ بواديي نخلا والسحيل مجدداً، لكن هذه المرة ليس مهرجان إشهار بل اعتصام عسكري مفتوح ونصبت الخيام واسست مطارح نخلا والسحيل العسكرية لمواجهة الحوثيين وقوات صالح بعد انقلابهم على السلطات الشرعية بصنعاء 21 سبتمبر 2014 .
القبيلة أعادت روح الأمل في الدولة
في أكتوبر 2014م أصبحت السلطات الشرعية المنقلب عليها في صنعاء المتمثلة في الرئيس هادي وحكومة بحاح، تحت رحمة الانقلاب المتمثل في الحوثيين وعلي صالح، إلا أن احتشاد القبيلة اليمنية بمطارح نخلا والسحيل بمأرب بعث روح الامل لدى السلطات الشرعية المنقلب عليها بصنعاء في استعادة الدولة والقضاء على الانقلاب في مهده.
ولم تجد السلطات الشرعية ثقتها وأملها في استعادة دولتها غير في حشود مأرب القبلية، وقد جعل منها وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمود الصبيحي أول محطاته لأول زيارة عقب تعيينه وزيراً للدفاع بحكومة السلم والشراكة وليدة 21 سبتمبر.
ففي السادس والعشرين من نوفمبر العام قبل الماضي زار اللواء الصبيحي محافظة مأرب في اول زيارة رسمية له عقب تقلده منصب وزيراً للدفاع وألقى كلمة قوية امام حشود عسكرية وقبلية بمأرب من ضمنها حشود مطارح نخلا والسحيل .
وكان من ضمن ما قاله أمام الحاضرين من قبليين وعسكريين بمقر المنطقة العسكرية الثالثة بمدينة مأرب "أنه لن يجعل من منصب وزير الدفاع مطية وجسر عبور لمن يريد أن يمتطي السلطة قسراً "، وقال أيضاً " أنه قبل بمنصب وزير الدفاع لإعادة اعتبار القوات المسلحة بعد أن تعرضت للإهانة في عدد من المحافظات ".
وتابع، " أملي فيكم أن تكونوا العمود الفقري لبناء الدولة اليمنية الحديثة ولكم يا ابناء مأرب الشرفاء باع طويل في الثورة اليمنية " حينها أدركت قوى الانقلاب الخطر القادم من مأرب .
القبيلة تهدد الانقلاب بالزوال
أدركت قوات الحوثي وصالح خطورة الاحتشاد القبلي الضخم بمطارح نخلا والسحيل الرافض للانقلاب فحاولت جاهدة تغيير محافظ مأرب سلطان العرادة ممارسة كل وسائل الضغط والتهديد العسكري بحق الرئيس هادي وهو ما رفضه الأخير .
لجأت، حينها، إلى محاولة تشويه حشود مأرب القبلية والشعبية بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة وحاولت إقناع الرئيس هادي بإرسال قوات عسكرية تشارك إلى جانبها للقضاء على مطارح نخلا والسحيل بمأرب وهو ما رفضه أيضاً الرئيس هادي .
لم تمانع قوات الحوثي وصالح في الاحتشاد بقواتها على حدود مأرب الغربية بمناطق حباب وبدبدة، والشمالية أيضاُ على حدود مجزر ومدغل، قبل أن تكمل انقلابها على الرئيس هادي وإعلانها الدستوري .
القبيلة تشد عضد الشرعية
بعد مغادرة الرئيس هادي لصنعاء متخفياً يوم 21 فبراير 2015 ، كانت القيادة المحلية بمأرب ومشائخ ووجهاء المحافظة وقادة المطارح من اوائل الزائرين للرئيس هادي بقصر معاشيق عدن فور وصوله، قبل أي محافظة أو جهة سياسية.
وجددت قبائل مأرب مساندتها للشرعية ومحاربة الانقلاب وإصرارها على استعادة الدولة، وهو ما كان بمثابة شد العضد ومنح الثقة مجدداً .
غزو مأرب
وضعت قوات الحوثي وصالح محافظة مأرب اليمنية نصب عينيها، ولم تحاول أن تتقدم بمحافظة الجوف رغم سيطرتها على أجزاء واسعة بها، كون مأرب حاضنة أكبر قوة عسكرية مناهضة للانقلاب في اليمن تهدده بالزوال .
ففي الوقت الذي كانت تحشد قوات عسكرية ضخمة شمال وغرب المحافظة بمناطق مجزر وحباب، فتحت جبهة قتالية جنوب المحافظة واندلعت مواجهات عنيفة بمديرية قانية جنوب مأرب مطلع مارس العام الماضي وصمدت القبيلة اليمنية بوجه قوات الانقلاب حتى الخامس والعشرين من مارس .
وبعد تقهقر قوات الحوثي وصالح الانقلابية حينها في الخامس والعشرين من مارس الذي كانت تتقدم به حينها إلى قاعدة العند الجوية وتقصف قصر معاشيق بالطيران قررت مباغتة مطارح القبائل بنخلا والسحيل بمأرب بغارات جوية مباغتة وجهزت سرباً من الطيران بقاعدة العند الجوية .
وحسب قاعدة عسكريين موالون للانقلاب فإنه كان من المقرر في صبيحة السادس والعشرين من مارس قصف مطارح مأرب لإحكام السيطرة على مأرب بالتزامن مع السيطرة على عدن.
انطلاق عمليات عاصفة الحزم منتصف ليل 25 مارس صبيحة 26 مارس أفشل مساعي الانقلابيين وخططهم العسكرية ودمر كافة سلاح الجو اليمني الخاضع لسيطرة الانقلاب.
بعد انطلاق عمليات "عاصفة الحزم" في السادس والعشرين من مارس العام الماضي والتي كانت فقط تستهدف مخازن الأسلحة، قررت قوات الحوثي وصالح تغيير استراتيجيتها العسكرية على ثقة منها في السيطرة على مأرب.
ففي الوقت الذي كانت تحشد القبائل في جنوب وشمال وغرب مأرب، دفعت قيادة الانقلاب بقوة عسكرية إلى محافظة شبوة وتمكنت من السيطرة على بيحان الحدودية مع محافظة مأرب من الشرق في السابع والعشرين من مارس وباغتت قبائل مأرب من جهة الشرق ولم تصمد أمامها سوى قبيلة آل عقيل وخاضت معارك شرسة ضدها أسفرت عن استشهاد 15 من أفراد القبيلة بينهم شيخ بارز قبل أن تتمكن من السيطرة على مدينة حريب إلا أنها عجزت في التقدم باتجاه وادي حريب وباقي مديريات مأرب.
وفي إبريل حركت قيادة الانقلاب قواتها باتجاه مأرب عبر صرواح واجتاحته بمساعدة موالين لها في الداخل، إلا انها تقهقرت وتراجعت بعد تسعة أشهر من الحرب الطاحنة بفضل تلك الحشود المقاومة بمأرب من كل محافظات اليمن.
القبيلة حاضنة المقاومة
على الرغم من أن صحراء اليمن بمأرب والجوف تشهد أقليات سكانية إلا أنها مثلت الحاضنة الكبرى للمقاومة الشعبية والجيش الوطني من سكان محافظة الشمال والسلاسل والمرتفعات الجبلية اليمنية ذات الكثافة السكانية العالية.
ويعود سبب احتضان قبائل مأرب والجوف للمقاومة الشعبية والجيش الوطني إلى سبب كون غالبية ابناء تلك القبائل مناهضين للانقلاب ورافضين للمد الحوثي في اليمن، مما دفع ابناء المحافظات الأخرى الرافضين للانقلاب إلى الاحتشاد بمأرب والالتحاق بمعسكرات الجيش والمقاومة بالمحافظة، وقد خاضوا حروباص عدة إلى جانب ابناء مأرب والجوف ضد الحوثيين وقوات صالح.
بيئة خصبة لتشكيل الجيش الوطني
مثلت أراضي القبائل اليمنية محافظتي مأرب والجوف بيئة خصبة كما رأتها قوات التحالف والسلطات الشرعية اليمنية ولم تتوانى في اختيارها معسكراً كبيراً لتدريب وتأهيل قوات الجيش الوطني والمقاومة ومنطلق عسكرياً للعمليات العسكرية القتالية ضد الحوثيين وقوات صالح.
وقد تم تدريب وتأهيل آلاف الجنود على أرض القبائل بمأرب وإرسالهم إلى جبهات القتال والذي يقاتلون حتى اللحظة في كلا من الجوف وحجة وصنعاء.
*اليمن العربي