2015-01-20 الساعة 11:31ص
تواصلت التطورات الميدانية الليبية، المنبثقة من تداعيات حوار جنيف بين الأفرقاء الليبيين، خصوصاً بما يتعلق بقرار "وقف النار" من أطراف محددة. فقد أعلن المتحدث الرسمي باسم "المؤتمر الوطني العام" (البرلمان السابق)، عمر حميدان، أمس الإثنين، في بيان صحافي، أن "المؤتمر أصدر أمراً لرئيس الأركان العامة، عبد السلام جادلله العبيدي، بوقف القتال في كل الجبهات، من أجل تهيئة المناخ المناسب للحوار".
وألحق حميدان بيانه الأولي ببيانٍ آخر، أكد فيه تفويض "المؤتمر" رئيسه نوري بو سهمين، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة، بـ "التنسيق مع رئاسة الأركان والمجلس الأعلى للدفاع وقادة الثوار، لوضع الآلية المناسبة لتسيير العمليات العسكرية الميدانية، بالشكل الذي يهيئ الظروف الملائمة لإنجاح الحوار".
وكان قد صدر بيان، أواخر الأسبوع الماضي، أدّى إلى بلبلة في مختلف الأوساط المحلية والدولية، ونُسب إلى قوات عمليتي "فجر ليبيا" و"الشروق"، تُعلنان فيه "وقف إطلاق النار على جميع جبهات القتال ضد القوات الموالية للواء خليفة حفتر، شرط أن يلتزم الطرف الآخر بذلك، من أجل إتاحة الفرصة للحلول السلمية". وسرعان ما نفى بعض قادة المحاور، مدنيين وعسكريين من العمليتين، البيان، وشددوا على التزامهم بأوامر رئاسة الأركان العامة التابعة لـ"المؤتمر".
وفي موازاة بلبلة "المؤتمر"، كانت قيادة الجيش الليبي التابعة لمجلس النواب المنحل بطبرق، تؤكد، يوم الأحد، على "وقف جميع العمليات العسكرية، براً وبحراً وجواً، استجابة لحوار جنيف، باستثناء العمليات التي تستهدف معاقل الإرهابيين".
واعتبر خبراء عسكريون أن بيان قيادة الجيش واضح في "الإعلان بعدم وقف العمليات العسكرية على مدينتي بنغازي ودرنة، اللتين تتهمهما القيادة الموالية لحفتر، بأنهما من المعاقل الرئيسية للجماعات الجهادية". أما بالنسبة للوضع في غرب ليبيا، فيرى الخبراء، أنه "رغم الأهداف المشتركة بين عملية الكرامة بقيادة حفتر في شرق ليبيا، وما يعرف بجيش القبائل، وكتائب الزنتان بغرب ليبيا، إلا أن خضوع كتائب غرب ليبيا للتراتبية العسكرية والانصياع لأوامر قيادة الجيش الموالي لمجلس النواب، يظلّ شكلياً فقط، إذ سبق لحفتر نفسه أن أعلن عن عدم تبعية جيش القبائل له"."
تتجلّى أهم الصعوبات، التي تواجه عملية وقف إطلاق نار حقيقي في ليبيا، في عدم قدرة أفرقاء عرب ودوليين على مراقبته"
ويتابع الخبراء: "حرب قوات حفتر ستستمرّ ضد مدينتي بنغازي ودرنة في شرق ليبيا، المستثناة من وقف إطلاق النار، حسب بيان قيادة الجيش، بينما لن تتوقف معارك غرب ليبيا التي يتصدرها جيش القبائل وكتائب الزنتان في قاعدة الوطية".
وتتجلّى أهم الصعوبات التي تواجه عملية وقف إطلاق نار حقيقي في ليبيا، في عدم قدرة مجلس الأمن الدولي، ولا الأمم المتحدة، ولا الاتحاد الأفريقي، ولا جامعة الدول العربية، على إرسال مراقبين دوليين، إلى مناطق محددة بين الأطراف المتقاتلة، لمعرفة من يخرق وقف النار.
أما في حال تمكنهم من إرسال فريق مراقبة، فإن "الأمر لن يخلو من تفسيرات سياسية عدة، قد تستخدمها أطراف النزاع، وتضرّ بعملية الحوار، كما أن أحداً من أطراف القتال لن يضمن سلامة المراقبين" وفقاً للخبراء. واعتبروا أن "ترك مقترح بعثة الأمم المتحدة أمر مراقبة وقف إطلاق النار للجان من الطرفين، لا يبدو جيداً، لصعوبة تطبيق عملية وقف إطلاق النار في ظل التوترات الجارية بين أطراف القتال".
وحسب محللين سياسيين، فإن ثمة صعوبات تعترض تطبيق وقف إطلاق النار، من حيث عدم خضوع القيادات العسكرية بشكل نهائي لأوامر القيادات السياسية، وعلى الرغم من علاقات التبعية الشكلية، إلا أنه من الناحية العملية يُمكن للقادة الميدانيين، تحديداً الثوار الذين لا يحملون رتباً عسكرية، عدم التقيّد بأوامر أطراف العملية السياسية.
من جهتها، حثّت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان لها، يوم الأحد، أطراف القتال في ليبيا، على "ضمان تطبيق وقف إطلاق النار براً وبحراً وجواً، بالإضافة إلى وقف حركة المجموعات المسلحة والمركبات". ودعت إلى "تشكيل لجان من الطرفين، تقوم بالتنسيق مع البعثة لمعالجة أية خروقات".