2016-02-27 الساعة 04:42م (تحليل خاص/ د.نيفين العلوي)
يأخذ التململ الإماراتي مؤخرا من تدهور الوضع الأمني في مدينة عدن منحى خطير، حيث بدأت القوات الإماراتية التخلي عن تأمين عدة مرافق حيوية في المدينة كان مطار عدن الدولي اخرها مؤشرا على أن الانزعاج بلغ مداه.
لا يغلب على الموقف الاماراتي طابع الخصومة الشخصية مع الرئيس و المحسوبين عليه فيما لا تنقم الدولة الخليجية من الرئيس بقاءه على مسافة واحدة من جميع المكونات و الأطراف اليمنية وعدم انحيازه لطرف على حساب أطراف وحفاظه على إجماع مكونات الشرعية الدستورية، لكنها تشعر بالغبن من حلفاء التحرير في إدارة الرئيس هادي.
معسكر لواء حزم سلمان في خور مكسر أول لواء تنشئه قوات التحالف العربي بعد تحرير مدينة عدن وكان أول معسكر تنهب آلياته والأطقم العسكرية و مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة الأسبوع قبل الفائت، ولا تحرك القيادات العسكرية أي ساكن لاستعادة تلك المنهوبات او تكليف نفسها بفتح تحقيق- بحسب منتسبين.
تعنيف قائد القوات الإماراتية مشبب العتيبي للوائين حسين عرب وأحمد اليافعي في معاشيق الأسبوع الماضي كان بسبب تراخي الاثنين في التعاطي مع حادثة نهب معسكر حزم سلمان في الصولبان و احتجازهم لنحو يوم، مؤشر خطير على استشعار الاماراتيين بخطورة الموقف و انعكاسه على جهود دمج المقاومة في المؤسستين العسكرية و الأمنية.
و يعلم الإماراتيون ودول التحالف العربي بأن اي انقسام يصب لصالح الجماعات المسلحة المتربصة لاسقاط المدينة، فهل تعي ذلك مكونات الداخل؟! .
بيد أن المحك الحقيقي لنجاح الحراك الجنوبي في إدارة عدن في نظر الاماراتيين هو محاربة تنظيم القاعدة و الجماعات المتطرفة.
يحرص الرئيس هادي على استمرار الزبيدي و شلال في منصبيهما رغم كل الفشل القائم في إدارتهما، وذلك لتهدئة الطرف الاماراتي و استعانة بالحراك الجنوبي المساند لجهود الزبيدي وشلال، والذي ينشط في عدن والمحافظات المجاورة، لكن الاثنين لا يمكنهما أحكام السيطرة على الأوضاع من على متن سفينة حربية اماراتية تربع قبالة سواحل "الخيسة" في البريقة!!
اغتنام الوقت المتبقي قبل تحرير صنعاء في تقديم نموذج مميز لإدارة الجنوبيين أنفسهم في مناطقهم المحررة فرصة قد لا تعوض مستقبلا وهو ما يضع مستقبل القضية الجنوبية برمتها على المحك و الحفاظ على التفهم الخليجي والعربي لها حتى الآن، فالحكمة هي الفعل المناسب في الوقت والمكان المناسبين، وعكس الحكمة هو الحمق بعينه، وسيتندر التاريخ علينا ذات زمان بأن العالم أقبل علينا و فرطنا بتلك الفرصة التاريخية بتصرفات لامسؤولة لا تنم عن وعي حقيقي بقضيتنا الجنوبية.
لا حظوا انعكاس التململ الاماراتي على دعم مشاريع خدمية كانت قد تكفلت بها في مجالي الكهرباء و الماء، نتج عنه تدهور في التموينات وتزايد الانقطاعات خصوصا مع اقتراب فصل الصيف، والذي يعني استمرار معاناة المواطنين.
فيما تتسم سياسة هادي بالحذر والتأني خصوصا في التعاطي مع الملف الأمني، وهذا يتناسب مع ظروف المرحلة وتكاثر المعطيات التي تجعل من العمل السياسي أشبه بالعمل داخل حقل ألغام .
لايزال السعوديون يثقون بقدرة الرئيس هادي على حلحلة الملف السياسي بينما أوكل الملف العسكري للنائب الأحمر وملف الإغاثة للنائب بحاح،
من جهته يبقي الرئيس شعرة معاوية مع الاماراتيين بتغيير متوقع لقائد المنطقة العسكرية الرابعة واستبداله بشخصية عسكرية من مناطق (المثلث) تعرف بمناوئتها للحوثيين، بينما رفض استقالة اللواء حسين عرب نائب رئيس وزير الداخلية بعد حادثة معاشيق.
إذن فنحن أمام مشهد شديد التعقيد يسوده غياب الثقة و المعلومة، فيما يتسابق البعض لتصفية حسابات سياسية وجلب خصومات جديدة لتيار الشرعية الدستورية، و بناء عليه وضع عراقيل أمام أي جهود مخلصة لدعم الاستقرار و فرض الأمن، ربما يكون الهدف من وراءه الحفاظ على مبررات التدخل مستقبلا،
من يدري؟ ولعل المثل القائل (العاشق الكذاب يفرح بالتهم) أكبر إيضاح على ما يجري في عدن المحررة وضواحيها..