2016-05-01 الساعة 11:45م (يمن سكاي - متابعات)
كتب السفير التركي لدى اليمن "فضلي تشورمان" مقال له بعنوان "رسالة وداع الى اليمن " تداولته العديد من وسائل الاعلام وكشف من خلاله عن مؤامرة تحاك على اليمن
فيما يلي نص المقال
رسالة وداع لليمن
أود أن أشارك اليوم، باعتباره آخر يوم لي كسفير تركيا في اليمن، بعض عبارات الوداع مع أصدقائي اليمنيين وغيرهم من الذين كان من دواعي سروري التعرف عليهم والعمل معهم في آخر أربع سنوات ونصف: سوف أظل معتزا بالـ 3 سنوات ونصف التي قضيتهم في صنعاء ليس فقط بسبب التجربة المهنية المذهلة الأفضل على الإطلاق، بل لكونها تجربة شخصية فريدة من نوعها في العلاقات الإنسانية، لقد استمتعت ببناء روابط صادقة وحقيقية مع أشقاء وشقيقات يمنيين من جميع المناطق والخلفيات، والذين لم يتوقفوا يوما عن إدهاشي بمثابرتهم وصدقهم وعمقهم وحكمتهم.
"لماذا بحق السماء تعاني اليمن كل هذا العناء إذا كان اليمنيون يتمتعون بهذه الخصال الحميدة؟"، لقد أبقاني هذا السؤال مشغولا وأنا أحاول فهم وتحليل هذا المجتمع والثقافة المعقدة، لا أستطيع القول بأني نجحت في استيعاب تعقيدات اليمن بشكل كامل، ولكن أستطيع القول وأنا مطمئن بأنني استمتعت وأنا أحاول ساعيا في هذا المجال، فالحكمة الشرقية تقول بأن نظل معترفين بتقصيرنا في إدراك كل الأمور، وألا نثق دائما بقدراتنا على الفهم والرصد وعليه: هل يوجد مكان في الأرض أكثر توافقا مع هذه الحكمة من اليمن؟
عندما وطأت قدماي صنعاء في 14 نوفمبر 2011، كان اليمن في بداية فترة انتقالية باركها المجتمع الدولي كمثال يحتذى به، وقد كان الأمر كذلك بالفعل، وكنا جميعا متحمسين لكون اليمن لديها فرصة حقيقية لتتحول “سلميا” إلى دولة أكثر ديمقراطية وأكثرانتظاما تحت سلطة الحكومة، ولكن اتضح بعد ذلك أن ليس الجميع كان متحمسا بشكل إيجابي، كنا نعرف أنه سيكون هناك تحركات مضادة لتعطيل المرحلة الانتقالية، لكننا لم نكن نعتقد أبدا أن المؤامرة ستصل إلى هذا المستوى الذي شهدناه وعشناه في أوائل 2014 كمؤامرة مدبرة ومحبوكة جيدا.
إن مدبري ولاعبي هذه المؤامرة بكل مراحلها والتي جعلت اليمن في العامين الأخيرين في مهب الحرب الأهلية، والعمليات العسكرية الخارجية، والدمار ، والمجاعة، والموت معروفة جيدا بالنسبة لي وكذلك لمعظم اليمنيين، لكن علينا أن نكتم هذا حتى يحين الوقت المناسب ليدرك جميع اليمنيين ذلك، وعلينا التحلي بالصبر حتى يصبح كل شيء واضحا كالشمس للعالم وللرأي العام اليمني. إني أؤكد هنا على أن التخطيط لهذه المؤامرة تم بمهارة قبل أن يلاحظ العالم ذلك خلال الأحداث الدراماتيكية في سبتمبر 2014 أو فبراير 2015، والعمليات العسكرية التي تقوم بها قوات التحالف من دول الخليج ليست سوى نتيجة لذلك ورد فعل على ما كان مخطط له في وقت سابق من داخل اليمن ومن قِبَل أشخاص يعرفهم اليمنيون جيدا.
إن نصيحتي المتواضعة الوحيدة، بعد إذن الإخوة والأخوات في اليمن، هي عدم إغفال العلاقة الأساسية بين "السبب والنتيجة" في سلسلة الأحداث المعقدة التي وضعت حياتهم نهبا للخطر والمعاناة، مالم فسوف تضللهم المظاهر "النتائج" ولن يتمكنوا أبدا في التعرف على الأسباب الجذرية لمشاكلهم.
إن العلاقات بين تركيا واليمن عميقة وقوية وسوف تتوسع لتشمل جوانب أكثر في السنوات المقبلة، وسينجو اليمن ويتغلب على الصعوبات الحالية وستكون تركيا أول الشركاء الرئيسيين عندما يصبح اليمن مستعدا للتنمية والأمن والرخاء، وفي هذه الأثناء فإن تركيا، حكومة وشعبا، تدعم الأمة اليمنية كلها من دون تمييز، بكل النواحي والوسائل المتاحة.
وها أنا أغتنم الفرصة متمنيا التوفيق لخلفي السفير ليفنت إلار وراجيا من جميع نظرائي أن يتكرموا بمعاملته بنفس المودة والتعاون الذي قدموه لي.
وأنا أكتب رسالة الوداع هذه، لدي مشاعر مختلطة، فأنا مرتاح لأني سأعود إلى أنقرة مسقط رأسي بعد سنوات المغامرة، ولكن سأكون بالتأكيد أكثر سعادة إذا كنت في اليمن وأودعها من هناك، إن طبيعة هذه المهمة غير المكتملة والتي كانت منوطة بي في العامين الأخرين تشعرني بعدم الارتياح لطريقة هذه المغادرة، ولكن في لحظةٍ ما علينا أن نترك الأمور للحياة لتدبرها بطريقتها الخاصة.
إن الأمر الذي أنا على ثقة منه هو أنني سأظل معتزا دائما بهذا الكم الهائل من الذكريات التي حملتها معي من اليمن وأنا أقدم تحياتي لكل اليمنيين الذين عرفتهم. شكرا لكم جميعا.