2016-05-22 الساعة 10:05م (يمن سكاي - متابعات)
تحلّ، اليوم الأحد، الذكرى الـ 26 لتحقيق الوحدة اليمنية، في وقت تتعالى الأصوات المطالبة بفك الارتباط الذي تحقق بين شمال البلد وجنوبه العام 1990، واعتبر الحدث الأبرز في تاريخ اليمن المعاصر.
وخلافًا للأعوام السابقة، تأتي ذكرى الوحدة، هذا العام، في وقت لم يكن فيه اليمن مقطع الأوصال أكثر مما هو عليه الآن، ومهددا بالتفكك إلى دويلات صغيرة، في ظل فشل محادثات السلام المقامة في دولة الكويت، منذ نحو شهر تقريبًا، في كبح جماع الصراع الذي أودى بحياة 6400 شخص، وشرّد نحو 2.5 مليون يمني، وفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة.
ورغم استعادة القوات الحكومية لمدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، شرقي البلاد، من قبضة تنظيم “القاعدة”، في أبريل/نيسان الماضي، بعد عام من سيطرته عليها، إلاّ أن شبح التفكك لا يزال يهدد الدولة اليمنية.
فالتنظيم المتشدد يسيطر على عاصمة محافظة أبين، وأجزاء من محافظة شبوة، جنوبي البلاد، والحراك الجنوبي في عدن ترتفع أصواته، للمطالبة بفك ارتباط الشمال عن الجنوب، فيما يسيطر الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على معظم محافظات الشمال، بما فيها المساحة الأهم، العاصمة صنعاء.
غياب علم الوحدة
العلم الوحدوي، الذي يتكون من الألوان الأحمر والأبيض والأسود، والذي عادة ما كان يرفرف في شوارع المدن اليمنية في مايو/أيار من كل عام احتفاءً بذكرى الوحدة، غاب عن الأنظار بشكل لافت هذا العام.
ففي العاصمة صنعاء وحدها، تسيطر شعارات الحوثية المعادية لأمريكا على منصات الإعلانات الرئيسة بالشوارع، فيما عاد الجنوبيون لرفع علم “جمهورية اليمن الديمقراطية”، الذي كان معمولاً به قبيل الوحدة العام 1990، وبات هو المهيمن على المدارس، والدوائر الحكومية والعسكرية، حتى تلك الموالية لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وفقًا لشهادات شهود عيان لـ “الأناضول”.
وتحل ذكرى الوحدة في وقت لا تزال فيه قيادة البلاد، من رئيس الدولة والحكومة، منفية في العاصمة السعودية الرياض، وتعجز عن العودة إلى عدن، بسبب الاضطرابات الأمنية، فيما يُرتّب الحوثيون، باعتبارهم سلطة الأمر الواقع، حفلًا مركزيًا في العاصمة صنعاء.
ويرى مراقبون أن الحروب التي شنها الحوثيون والقوات الموالية لـ”صالح”، تسببت في شروخ كبيرة طمست الوحدة، وأدت إلى تصنيف الناس من جديد إلى “شمالي وجنوبي”، كما كان حاصلًا قبل العام 1990، إضافة إلى”زيدي” (نسبة للطائفة الزيدية التابعة للإمام زيد بن علي، والتي تسكن محافظات شمال الشمال) و”شافعي”، (نسبة للمذهب الشافعي الذي ينتمي إليه أبناء محافظات الوسط والجنوب).
ومنذ العام 2007، بدأت أصوات جنوبية تطالب بفك الارتباط عن الشمال، حيث يرفع المنتمون لمكون “الحراك الجنوبي الثوري”، علم دولة الجنوب العربي الذي كان متواجدًا قبل الوحدة اليمنية، لكن الأصوات المطالبة بالانفصال تعالت هذا العام مع تحرير “عدن”، ومدن الجنوب من الحوثيين، وبدأت خطواته تترجم على الأرض.
إلغاء الإجازة
وقال سكان من عدن: “إن مسؤولين حكوميين، أصدروا تعليمات بمنع الاحتفال بذكرى الوحدة في محافظة عدن، حيث صدرت قرارات باعتبار، اليوم الأحد، دوامًا رسميًا في الدوائر الحكومية، وليس إجازة كما هو معمول به في قانون الخدمة المدنية منذ العام 1990”.
وحسب المصادر ذاتها، “صدرت قرارات تُلزم جميع الطلاب بالحضور إلى المدارس، وتُحذّر من عدم الانضباط، بينما يروج ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لإعلان قرار بالانفصال اليوم”.
وسبقت هذه القرارات، إجراءات قامت بها السلطات الأمنية ومسلحون تابعون للحراك الجنوبي، بترحيل مئات المواطنين والعمال الذين ينحدرون من محافظات شمالية، تحت مبرر عدم امتلاكهم أوراقًا ثبوتية، لكن مصادر أكدت أن الإجراء طال جميع الشماليين حتى من يملكون وثائق شخصية، وأن الهدف منه فك الارتباط.
إعلان الانفصال
ويعتقد الكاتب الصحفي اليمني جمال حسن، أن البلاد “تواجه مشكلة أكبر من انفصال الجنوب عن الشمال، إذ أن الحديث عن العودة إلى ما قبل العام 1990 يكاد يكون محالاً، بسبب ما تواجهه البلد من خطر التفكك، والوقوع تحت هيمنة ميليشيات مسلحة، وأمراء حروب”.
وقال “حسن”: “أمّا إعلان الانفصال في الجنوب والذي تداولته بعض الصحف وناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، فيبدو منافياً للوقائع، وخارج السياق السياسي لما يدور حالياً”.
وتابع: “الانفصال ليس مهيئاً له الآن بحكم الأحداث والتعقيدات الحالية، بعد انتهاء الانقلاب يمكن الحديث عنه كمشروع سياسي، وليس كهوى يقوم على التخيلات والأحلام”.
وكان مؤتمر “الحوار الوطني الشامل”، الذي انعقد خلال الفترة بين 18 مارس/آذار 2013، و25 يناير/كانون الثاني 2014، وشاركت فيه غالبية القوى والتيارات السياسية والمناطقية في اليمن، أقر شكل الدولة اليمنية الاتحادية المرتقبة من 6 أقاليم (4 أقاليم في الشمال، وإقليمين في الجنوب).
ووفقًا لوثيقة المؤتمر، التي رفضها “الحوثيون” في حينها بحجة وقوعهم في إقليم فقير، ولا يمتلك منفذًا بحريًا أو موارد نفطية، يتم تقسيم الجنوب، إلى إقليمين هما: “إقليم عدن”، ويضم محافظات (عدن، لحج، أبين، والضالع) و”إقليم حضرموت”، ويضم محافظات (حضرموت، المهرة، شبوة، وجزيرة سقطرى).
فيما يتم تقسيم محافظات الشمال والغرب إلى “إقليم أزال” ويضم محافظات (صعدة، عمران، صنعاء، وذمار)، و”إقليم سبأ”، ويضم محافظات (مأرب، الجوف، والبيضاء)، و”إقليم تهامة” ويضم محافظات (الحديدة، حجة، ريمة، والمحويت)، و”إقليم الجند”، ويضم محافظتي (تعز، وإب).