2016-06-12 الساعة 09:32م (يمن سكاي - متابعات)
على مد البصر ترى القبور وشواهدها والرموز الشيعية المستمرة في خطوط طويلة، هذه هي مقبرة وادي السلام، أكبر مقبرة في العالم وتقع في محافظة النجف العراقية.
تحدث موقع “ميدل إيست آي” مع حافر القبور في مقبرة وادي السلام، التي يتم دفن الشيعة المقتولين في معارك الفلوجة وغيرها من المدن.
ومع ازدياد أعداد المصابين إثر القتال لاستعادة معقل تنظيم داعش في الفلوجة، على بعد 200 كم للجنوب، يقول حافر القبور حامد الواد إنه كان مشغولاً بدفن قتلى ساحات المعركة.
وقال الواد: “في مكتبي الخاص، تلقيت زيادة بمقدار 13-14 جثة باليوم، لكن المقبرة ككل تستقبل أكثر من 100 متوف باليوم”.
ويعد الواد أحد حافري القبور في المقبرة التي تأسست قبل 1400 عام، ويقال إنها تتسع لجثث أكثر من 5 ملايين شخص مدفونين على امتداد مساحة 6 كيلومترات مربعة من الأرض.
فيما أدى القتال المستمر بين داعش والجيش العراقي وحلفائه إلى ارتفاع عدد القتلى في جميع أنحاء البلاد.
ويقول الواد إن جثث المقاتلين الذين قتلوا مؤخراً لم تأت فقط من الفلوجة، بل كان يتم استقدامها من “الصقلاوية وجرف الصخر، والرمادي.”
بينما لا تنشر الحكومة العراقية الأعداد الحقيقية لأولئك الذين يقتلون في المواجهات، لكن عضواً من قوات الأمن المتمركزة خارج المقبرة أخبر وكالة فرانس برس أنه تم دفن أكثر من 70 مسلحاً من العملية العسكرية على الفلوجة، منذ الأول من حزيران/ يونيو الجاري.
إلى ذلك، قال جويل وينغ، رئيس تحرير مدونة “ميوسينغ أون آيراك / تأملات حول العراق”، إن الحكومة تملك سياسة رسمية لعدم نشر الأرقام الحقيقية للقتلى من أجل الحفاظ على “المعنويات عالية”.
واشتد القتال حول الفلوجة منذ أن بدأ الجيش العراقي بالاشتراك مع وحدات الحشد الشعبي والتحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، بشن هجوم على المدينة قبل أسبوعين، ومنذ ذلك الوقت وأعداد القتلى في تصاعد مستمر.
ونظراً لأن المقبرة تقع بالقرب من ضريح الصحابي علي بن أبي طالب ابن عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وثاني أكثر شخصية مبجلة عند المسلمين الشيعة، يرغب العديدون بأن يدفنوا فيها.
من ضمن أكثر القبور زيارة هو قبر آية الله العظمى محمد صادق الصدر، الذي قتل في كمين عام 1999. واستولى ابنه مقتدى الصدر في عام 2004 على ضريح الإمام علي في تحدٍ لسلطات الاحتلال الأمريكي.
بالرغم من المساحة الكبيرة التي تحتلها المقبرة، توجد دلالات تشير إلى أن قطع الأرض، تحديداً في المناطق الثمينة القريبة من ضريح الإمام علي بدأت بالنفاذ.
وارتفعت أسعار الأراضي في المقبرة من قرابة 1500 دولار لكل 500 متر مربع في عام 1991 لتصل إلى أكثر من 10آلاف دولار اليوم.
وبالرغم من الجهود الحثيثة للحكومة العراقية لتصوير القتال ضد داعش على أنه صراع ضد التعصب الديني، وتسليطها الضوء على مدى التنوع الديني ضمن الجيش والمسلحين، يعتبر أغلب المقاتلين أنه يغلب على الحرب الطابع التبشيري والطائفي بشكل واضح.
على صعيد متصل، أفاد أحمد حسن خالد صالح، طالب علم أحياء سابق ومقاتل الآن مع صفوف كتيبة عباس التابعة لوحدة الحشد الشعبي، لموقع ميدل إيست آي، أن هزيمة داعش ستتزامن مع عودة “المهدي” المخلص المنتظر حيث قال: “مضى عام واحد على القتال وقد طفح الكيل، نحن بانتظار شخص واحد، اسمه المهدي. نحن ننتظر ظهوره، وعندما يأتي سنبدأ القتال معه بإذن الله.” ويضيف: ” نحن نقاتل دفاعاً عن معتقداتنا، لكن أولويتنا هي الدفاع عن بلدنا.. والحق دائماً مستهدف، لا أحد يرغب بأن يسود الحق.”
وتشير أسماء الميليشيات العديدة بوضوح إلى أن الصراع يغلب عليه الطابع الإسلامي الشيعي.
حيث أنشئت كتيبة العباس عند ضريح العباس في كربلاء بعد دعوة آية الله العظمى علي السيستاني لجميع الوحدات بحمل السلاح لتتهيأ للقتال ضد داعش. وكذلك الأمر بالنسبة لكتائب حزب الله، ولواء علي أكبر، ولواء أبو الفضل العباس، وجيش المهدي وغيرهم الكثيرين الذين يعكسون ميول أولئك المشاركين في القتال.
وتشهد ملايين الجثث الموجودة في وادي السلام على حماسة الشيعة العراقيين في تبني عقيدتهم، ورغبتهم في أن يدفنوا قرب أسلافهم الدينيين.
وهذا التوسع المستمر في عدد المدفونين هو نصب تذكاري أيضاً لمئات الآلاف من الأشخاص الذين قتلوا منذ عام 2003 على يد قوات الاحتلال الأمريكي، والحرب الطائفية وداعش.
ويرجح ألا تفقد المقبرة مكانتها كموقع دفن مفضل عند الشيعة، لكن يأمل العديدون أن يؤدي إنهاء الحرب على داعش إلى تقليل تدفق الجثث لها لأول مرة منذ سنوات.