2016-07-12 الساعة 12:16ص (يمن سكاي - متابعات)
لم ينجح الاتفاق النووي الإيراني في ردع إيران عن التدخل في شؤون دول المنطقة، فبعد مرور سنة على توقيع الاتفاق في 14 تموز/ يوليو العام الماضي، تبدو طهران أكثر “إصرارا” على تعزيز نفوذها الإقليمي وسط تراجع الثقة بدور واشنطن التقليدي.
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فإن التأثيرات السياسية للاتفاق شجّعت، لا بل جعلت إيران تسعى إلى الهيمنة.
ويلاحظ التقرير أن الاتفاق منح الوسيلة لإيران لزيادة ثقلها عبر الدبلوماسية والمال والوكلاء والعنف، وبالتحديد من خلال السماح للنظام بالاستفادة من عشرات مليارات الدولارات المتأتية من مكاسب النفط التي كانت محرومة منها، ومن خلال السماح له بالتحول إلى شريك تِجاري عالمي جذاب.
علاوة على ذلك، أصبحت إدارة أوباما، التي لم تحقق نجاحات دبلوماسية في أماكن أخرى، مدينة لإيران بسبب الاتفاق، لدرجة أنها تفادت مواجهة إيران، والأسوأ من ذلك أنها تنظر إلى الاتفاق كما يبدو على أنه لحظة تحوّل مع طهران.
وكان وزير الخارجية الأمريكي قال “نحن نشارك القلق الذي عبّر عنه الكثيرون فيما يخص دعم إيران المستمر للجماعات الإرهابية والوكيلة في جميع أنحاء المنطقة، وتأييدها لنظام الأسد في سوريا، وجهودها لتقويض استقرار البلدان المجاورة لها، وليس لدينا أوهام بأنّ هذا السلوك سوف يتغير بعد تنفيذ الاتفاق”.
لكن إجراءات الإدارة الأمريكية وتعليقاتها منذ ذلك الحين تناقض هذه الالتزامات، فكانت ردود الإدارة الأمريكية على الأزمات التي تولّدها إيران مختلطة منذ التوصل للاتفاق، لكنها تفتقر حتماً إلى ما يتطلبه إقناع الدول الإقليمية المشكّكة بأنّ واشنطن تلتزم بتعهداتها حيال حلفائها.
ففي العراق، وبحسب تقرير معهد واشنطن، مارست الإدارة الأمريكية ما يكفي من السلطة منذ منتصف عام 2015 لإبعاد تنظيم داعش بمساعدة القوات الحكومية، كما ساندت الولايات المتحدة جهود “مجلس التعاون الخليجي” في اليمن، ومنعت شحن الأسلحة الإيرانية، وعاقبت إيران، بشكل معتدل، لخرقها أحكام تجارب الصواريخ الخاصة بآلية إنفاذ الاتفاق.
لكن، في المقابل، فشلت واشنطن في ردع احتجاز إيران العنيف للطاقم البحري الأمريكي في كانون الثاني/يناير المنصرم، وفي الواقع أشادت بالنظام على أعماله أكثر مما أدانته.
وبالرغم من التزاماتها تجاه دول “مجلس التعاون الخليجي”، أوقفت الحكومة بيع الطائرات إلى الكويت والبحرين وقطر، وهم الحلفاء الرئيسيين في محاربة تنظيم داعش وردع إيران.
ولم تفعل الولايات المتحدة الكثير لمقاومة انتهاكات إيران في لبنان، وففقا لتقرير المعهد.
والأهم من ذلك كله، يضيف التقرير، لم يكن هناك رداً يُذكر من قبل واشنطن على الحلف الإيراني الروسي في سوريا الذي عُقد تماماً بعد الاتفاق النووي وعكَس حظوظ نظام الأسد، وسبّب توتراً ثنائي الأطراف مع تركيا والدول العربية، وأضعف بصورة أكثر التزام الولايات المتحدة للثوار المناهضين للأسد.
وبدا أن إيران، في ظل نعيم الاتفاق النووي، تحرز تقدماً على مختلف مسارح الأحداث، من دون أن تتلقى صدّاً أمريكياً ملحوظاً.
ومن دون استعداد البيت الأبيض إلى “التحكم بزمام الأمور”، يتصرف اللاعبون في الساحة الإقليمية على المستوى الفردي، فالسعودية هي الأقوى في مقاومة إيران، إذ تقود حملة اليمن، وتدعم الإطاحة ببشار الأسد، وتبقى بعيداً عن حكومة رئيس الوزراء الشيعي حيدر العبادي في العراق، وتسحب ممتلكاتها المصرفية من لبنان الذي ترى أنه عالق في نطاق التأثير الإيراني. وقد اتبعَت الإمارات العربية المتحدة وفي بعض الأحيان قطر استراتيجيات مماثلة.
أما عُمان والكويت فتقفان على الهامش، والأردن متخوّفة من إيران لكنها تواجه مخاطر أكثر إلحاحاً.
وتبقى مصر غائبة إلى حدّ كبير عن المنصة الإقليمية، بينما تنظر تركيا إلى إيران على أنها خصم إقليمي وشريك تجاري، في نفس الوقت.
وبالنسبة إلى إسرائيل، فتقرّ عدة شخصيات رفيعة المستوى، من بينها مسؤولون عسكريون قياديون، أنّ الاتفاق النووي أوقف بشكل مؤقت السعي النووي الإيراني، على الرغم من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يعترف بهذه النقطة.
وفي الوقت نفسه، سعت إسرائيل إلى التودد إلى موسكو، وبقيت محايدة بشكل عام بشأن الأسد، وردّت على حلف إيران و«حزب الله» بغارات عسكرية متكررة إلى حد ما في سوريا.
إن النتيجة لكل ذلك ليست مُرضية، بحسب تقرير معهد واشنطن، فالإدارة الأمريكية تبدو مهتمّة بشكل أساسي في الحفاظ على الاتفاق وقنواته الجديدة مع طهران، بينما تتراجع ثقة الحلفاء بدور حاسم لواشنطن في المنطقة، ولاسيما في ظل المخاطر المتفاقمة.