2015-02-27 الساعة 08:04م
ما زالت قرارات منع عرض الأفلام من أجهزة الرقابة والحكومات منذ الخمسينيات إلى يومنا هذا مستمرّة، لأسباب سياسية أحياناً وأخلاقية غالباً. فعلى سبيل المثال، ظهر عام 1971 فيلم "سيدة الأقمار السوداء" للمخرج سمير خوري، من بطولة ناهد يسري وحسين فهمي وعادل أدهم، وصوّر العمل في لبنان غير أنّه فشل، ومُنع لاحتوائه على مشاهد عري وابتذال.
أمّا فيلم "ذئاب لا تأكل اللحم" الذي أنتج عام 1983، فقد أثبت أنّه لا يكفي التطور إخراجيّاً وملؤه بمشاهد ساخنة لحصد النجاح، ما لم يقترن بقصة مدروسة ورسالة عميقة، وكان من إخراج سمير خوري أيضاً، وتم تصويره في الكويت وكلّف مبالغ طائلة، ممّا جعله أكثر الأفلام تطوّراً آنذاك من ناحية الصورة والتقنيات. لكن قصته الضعيفة واحتواءه على مشاهد عري صادمة، جعله يسقط جماهيريّاً، فتم منعه وتبرأ منه الممثلون الكويتيون، واعتزلت بطلته، ناهد شريف، بعد فترة طويلة إثر هجوم نقدي شديد.
قد نافست ناهد شريف في مسألة الأفلام الممنوعة من العرض داخل مصر، الممثلة المعتزلة، شمس البارودي، التي شاركت في أفلام كثيرة اتهمت بخدش الحياء العام منها: "حمام الملاليطي" 1973، "المطلقات" 1975، "حب على شاطئ ميامي" 1976 وغيرها.
أمّا على الصعيد العربي فتحتل الممثلة السورية "إغراء" المرتبة الأولى في هذه القائمة. إذ دخلت الوسط الفني في أواخر الخمسينيات باسم أرادت تجسيده بدقة على أرض الواقع، فمثّلت أفلاماً كثيرة اعتبرتها الرقابة ضمن مصنّفاتها الممنوعة، منها: "امرأة لا تبيع الحب"، "نزوات" و"عاريات بلا خطيئة".
وتبدو ظاهرة منع الأفلام في المغرب العربي متمركزة في تونس، فقائمة الأفلام التونسية التي واجهت مصير المنع، طويلة، ومنها: "غناء العروس"، و"الدواحة"، و"اللمبارة"، و"الحرير الأحمر"، و"دار الناس" وغيرها.
أما المجتمعات الغربية وعلى الرغم من تحررها، إلاّ أنّ لا تحرّر يغلب اعتراض عمل الرقابة التي منعت أفلاماً كثيرة لأسباب أخلاقية متنوّعة، قد تكون أقل إقناعاً من الإباحية. إذ طال المنع بعضها لأنّها تحث على العنف والجرائم أو لأنّها لا تحمل رسائل إنسانية تبرر كمية الرعب فيها، من أشهرها: "ذي اغزورسيست" 1973، و"ناتورال بورن كيلر" 1994 ، والفيلم الياباني "غروتاسك" 2009. ومنذ فترة وجيزة، منع فيلم "حياة آديل" الفرنسي من العرض في أميركا لأسباب إباحية أيضاً.
وتبقى الحرية الحقيقية للسينما ليست في إظهار العري من أجل العري واستخدام أجساد النساء لحصد الأرباح، بل في فضح المسكوت عنه بطريقة راقية، لأنّ المخرج المبدع يعرف أنّ الفن ضد الاباحية، ويمكنه جعل جسد امرأة عارية يمثل الطهارة في أجمل صورها ويترجم رسالة إنسانية مثلما فعل المخرج "أليخاندرو آمينابار" في آخر مشهد من فيلم " آغورا" مثلاً.
بينما يمكن لمخرج آخر التركيز بطريقة مبتذلة على أجزاء من جسد عار من أجل رفع الإثارة وبيع التذاكر للمراهقين. ويبقى الحكم الأساسي، هو المشاهد المثقّف الذي يستطيع التمييز بين النوعين.