2015-03-01 الساعة 08:50ص (يمن سكاي - الخليج اونلاين)
أثار استبدال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للقوات الخاصة بحراسة القصور الرئاسية بعدن بأفراد من اللجان الشعبية المنتشرة في المدينة، وإعادة أفراد تلك القوات إلى محافظاتهم الشمالية، العديد من الانتقادات؛ بين مستنكر لترسيخ فكرة المليشيات المسلحة، ومنتقد لجهوية هذا القرار.
وكان الرئيس اليمني أمر بتكليف اللجان الشعبية الجنوبية وقوات من حراسته الخاصة بحماية القصور الرئاسية في منطقتي التواهي والمعاشيق بعدن، بدلاً من قوات الحرس الجمهوري، المعروفة بولائها لنجل الرئيس السابق، التي كانت ترابط هناك، وتعددت المبررات التي نقلتها مصادر محلية لتلك الخطوة بين محاولة انقلابية على الرئيس، وبين مناوشات نارية مع أفراد من اللجان الشعبية الجنوبية.
وأشاد كثير من المتابعين بخطوة هادي تلك، معتبرين أن الرئيس اليمني قد استفاد من تجربة سقوط دار الرئاسة بيد الحوثيين في يناير/ كانون الثاني الماضي، وبدأ بالتشكيك في القوات التي تختص بحمايته، فعين بذلك من هم أكثر ولاءً له، واستبعد من يعرف بأنهم أتباع لنجل الرئيس السابق والقائد السابق للحرس الجمهوري العميد أحمد علي عبد الله صالح.
في حين ساق المنتقدون اتهامات لهادي بأنه ينفي بتلك الخطوة صفة "الوحدوية" التي يروج لها حديثه، خاصة مع إجلاء أولئك الجنود إلى محافظاتهم الشمالية؛ إذ تهكمت اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على خطوة هادي، واعتبرت "تصرف هادي إزاء الجنود والضباط من المحافظات الشمالية سلوكاً مناطقياً مرفوضاً من كل أبناء الشعب اليمني".
ونقل عن اجتماعها اليوم، برئاسة صالح نفسه، موقع "المؤتمر نت" الناطق باسم الحزب: "استمعت اللجنة العامة وأحزاب التحالف إلى ما اتخذه الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي - الذي يدعي أنه رئيس لكل اليمنيين- إزاء الجنود والضباط من المحافظات الشمالية مجسداً بذلك سلوكاً مناطقياً مرفوضاً من كل أبناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً وسيزرع الحقد بين أبناء الوطن الواحد، وهو سلوك يدينه المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه ويرفضه، ويعتبره عملاً يصب في اتجاه واحد هو تمزيق وحدة الوطن والإضرار بأمنه واستقراره".
وكان من بين المنتقدين الأمين العام لحزب الحق حسن زيد الذي قال على صفحته في موقع فيسبوك: "طرد عناصر كتيبتين من الحرس الجمهوري من عدن لأنهم شماليون من قبل عبد ربه منصور هادي (عمل وحدوي جداً)"، وقال في منشور آخر: "الفرز الذي بدأت به عناصر اللجان الشعبية التابعة لعبد ربه منصور هادي بطرد عناصر القوات الخاصة لأنهم شماليين من عدن (شمالي جنوبي) يؤكد النوايا الوحدوية المهلل لها".
وهاجم آخرون الخطوة باعتبارها ترسيخاً لثقافة "المليشيا المسلحة" التي ينتقد الجميع الحوثيين عليها؛ إذ قال مراسل قناة الجزيرة الإخبارية حمدي البكاري على صفحته في الموقع نفسه: "أنا عندي ملاحظة بصراحة: هو أنت تروح عدن وتعمل مليشيات كمان.. هذا ليس منطقياً لأنه في هذه الحالة أيش الفرق بينك وبين الحوثي.. الناس يريدون استعادة هيبة الدولة مش دولة المليشيا".
لجان قبلية وأخرى عقائدية
من جهته، برر المحلل العسكري العميد صالح الأصبحي الخطوة بأن "قوات الحرس الجمهوري قد سببت مشاكل مع المواطنين في المنطقة، وبأنه سبق تشكيل لجنة لحل هذه الإشكالات، وقد أوصت تلك اللجنة بضرورة إعادة تلك القوات إلى صنعاء، لكن الرئيس هادي، وكان ذلك قبل دخول الحوثيين لصنعاء في الواحد والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، قال إنه ما من داعٍ لذلك، قبل أن يحاولوا اقتحام مكان إقامة الرئيس في عدن قبل أيام، ما جعل من صدهم أمراً لا بد منه" بحسب الأصبحي.
وقال الأصبحي لـ"الخليج أونلاين": إنه "مهما تكن المحافظة التي ينتمي إليها الجنود فلا بد لهم من التحلي بالانضباط العسكري، وأن يتفهموا الموقف الذي تعيشه البلاد، وألا يشكلوا خطراً على رئيس الدولة حتى وإن لم يقبلوا به".
ووصف الخطوة بأنها الأفضل للجنود أنفسهم، حتى لا يقوموا بما اعتبره أعمالاً لا تحمد عقباها، في حين استنكر "وجود قرارين يتحكمان في المشهد العسكري بالبلاد؛ أحدهما لهادي والآخر للجان الحوثيين الثورية"، مؤكداً أن "القوات المسلحة لا تستطيع التعامل مع "رأسين" في آن واحد"، معتبراً أن "ما يحدث الآن في اليمن هو استيلاء المليشيا على سلاح الدولة، في حين أن المفترض حدوثه هو سحب الدولة لسلاح المليشيات".
وقارن الأصبحي بين اللجان الشعبية في الجنوب ولجان الحوثيين الشعبية أو الثورية قائلاً: "لجان الحوثيين هي لجان عقائدية، تحمل العقيدة الاثني عشرية وتمشي بأوامرها، وتخوض الحروب سواء أكانت عادلة أو غير عادلة، لمجرد الفتوى بخوضها، أما اللجان الشعبية في الجنوب، فهي لجان أشبه ما تكون باللجان القبلية، التي تدافع عن مناطقها ولا تخرج من حدود تلك المناطق، وهي منضوية تحت وزارة الدفاع، وقد شكلت أساساً لمواجهة القاعدة، وقد طلب منها مؤخراً أن تدخل لعدن لحفظ الأمن".
ونفى الرجل أن يكون لابن الرئيس هادي، جلال، أي علاقة بتمويل تلك اللجان أو التحكم بها.
إشعال الحرب "حماقة"
ورجح الأصبحي أن تحمل الأسابيع الثلاثة القادمة الكثير من المعلومات حول مستقبل المشهد السياسي والعسكري اليمني، محذراً من "حماقة إشعال الحرب" باعتبار أن الجميع الآن يتأهبون للقيام بحرب طائفية ولكن باسم الوطن.
وطالب دول الخليج بأداء دور في الضغط السياسي والاقتصادي على جميع الأطراف لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وطالبها كذلك بالضغط على إيران لإيقاف تمويل المليشيات بالسلاح والمال.
ولم يستطع الأصبحي تأكيد المعلومات التي تتحدث عن تمويل خليجي لتحركات هادي العسكرية، وكذلك تلك المتعلقة بتمويلهم للقبائل في شبوة ومأرب لمواجهة الحوثيين.