عُتمة على خط النار... "حزم عدين" ثانية؟
2017-02-20 الساعة 08:41م (يمن سكاي-عربي)
أكثر من 11 قتيلاً، ونحو 12 أسيراً، هي الحصيلة الأولية لمواجهات متقطعة بين مقاتلي "أنصار الله" و"المقاومة الشعبية"، في جبهة قتال مستحدثة قلب محافظة ذمار (وسط اليمن)، يبدو موقعها الاستراتيجي مغرياً لطرفي النزاع المسلح، ومثيراً لعناوين الأخبار على واجهة شاشات التلفزة، كوجهة قتال جديدة، تكسر حالة الرتابة الإعلامية، والتكرار الممل لأخبار الجبهات الأخرى. عتمة (بضم العين والتاء)، مديرية ذات كثافة سكانية عالية، وتضاريس جبلية وعرة تقع وسط محافظة ذمار، وتتكون من 5 مخاليف، تشمل 52 عزلة، وتنقسم إلى 3 دوائر انتخابية، مساوية بذلك لمحافظة مأرب.
مواجهات محدودة قابلة للاحتواء
وكما هي عادة أخبار الجبهات الأخرى، يتسابق طرفا النزاع المسلح على إعلان الإنتصارات الميدانية، ومزاعم السيطرة على المواقع (المفترضة)، في الجبهة المستحدثة، في حين يؤكّد الناشط الحقوقي، من أبناء المديرية، حميد جبل، في حديثه إلى "العربي"، أن "المواجهات في عتمة محدودة ومتقطعة"، مرجحاً "بقوة احتمالية احتوائها خلال الأيام القليلة القادمة، أو الحد من اتساع رقعتها".
بدورها، أفادىت مصادر محلية وقبلية في المديرية، "العربي"، بأن "الإشتباكات المسلحة تجددت، يوم الأحد، بين مقاتلي أنصار الله و(المقاومة الشعبية)، في جبل خلفان، وقرية رخمة، إثر هدنة قصيرة لانتشال وسحب جثث ضحايا مواجهات سابقة، استخدم فيها طرفا النزاع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة". جاء ذلك فيما شهدت مناطق الحوادث، عسوة، جبل الأقرن، الذروة، هدوءاً وترقّباً حذراً، مصحوباً بتحشيد مسلّح.
أسباب الإشتباكات
وبحسب الناشط الحقوقي، حميد جبل، فقد بدأت المواجهات الأخيرة في مديرية عتمة إثر اعتقال مقاتلي "أنصار الله" لناشط من أبناء المنطقة، كان يوزّع مساعدات من طرف القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، أثناء تصويره لتوزيع تلك المساعدات على بعض فقراء في المنطقة. ويشير جبل إلى أن "أهالي المعتقل قاموا بعد ذلك بنصب نقطة تفتيش، غير أن حملة من إدارة الناحية اتجهت لإزالة النقطة، واندلعت على الأثر اشتباكات بين الطرفين، أسفرت عن مقتل أحد مرافقي مدير الناحية". ويتهم "أنصار الله" بأنها قامت "بعد ذلك، باختطاف عامر عبد الوهاب، نجل الشيخ عبد الوهاب معوضة، والذي يتزعم المقاومة الشعبية هناك، واثنين من أقاربه من منزله بصنعاء"، مشيراً، في هذا الصدد، إلى "وجود اتفاقات قبلية سابقة تقضي بعدم إشعال الحرب في هذه المنطقة". تفتح مديرية عتمة شهية طرفي النزاع للسيطرة عليها
تذكير بجبهة حزم العدين في إب
من جهته، يرى الشيخ قائد العواضي، وهو أحد أعيان مديرية الحزم في محافظة إب ومقيم في صنعاء، في حديث إلى "العربي"، أن "جبهة عتمة التي يتواجد فيها مسلحون تابعون لهادي مصيرها الأرجح سيكون مصير الجبهة التي فتحها أنصار هادي في مديرية حزم العدين، حيث غدر التحالف وحكومة هادي بالمسلحين ورفضوا إمدادهم، ثم قمنا إلى جانب مشائخ ووجهاء في المنطقة بالتوسط لتأمين انسحاب المسلحين وفرار آخرين، وتم حسم الجبهة لصالح أنصار الله". وينصح العواضي "إخواني أبناء عتمة أن لا ينجروا أبداً لأي مواجهة، وأن يروا مناطق تعز ونِهم وميدي كيف أصبحت تموج بالدماء والدمار، وكيف تم إجهاض جميع الجبهات التي فتحها الإصلاحيون وأنصارهم في محافظة إب".
أهداف أولية
ومن منظور عسكري، يرى الخبير العسكري، العميد المتقاعد عبد القادر حسان، أن "مديرية عتمة بما تمثله من موقع جيوسياسي، يفتح شهية طرفي النزاع للسيطرة عليها، وذلك لارتباطها بمحافظات هامة، وجبهات نزاع مجاورة"، معرباً عن اعتقاده بأنه "بداية يكفي التحالف فتح جبهة جديدة في قلب محافظة ذمار، كهدف أوّلي محتمل لتشتيت مقاتلي أنصار الله"، مستدركاً بأنه "بالمقارنة بطبيعة عتمة الجغرافية المشابهة لجبهات أخرى مثل نهم وصرواح، فإنه يمكن أن تشكل هذه الجبهة وعاءً جديداً لاستنزاف قوات التحالف مالياً على الأقل".
وبالنسبة لأهداف "أنصار الله" والقوات المتحالفة معها، يلفت حسان إلى أن "تأمين مداخل عتمة يمكن اعتباره هدفاً استراتيجياً أوّلياً لمقاتلي أنصار الله من وراء فتح هذه الجبهة، وذلك تحسباً لأي تطورات قادمة". ولفهم الأهمّية الاستراتيجية لمديرية عتمة، يتوجب، بحسب العميد حسان، "النظر إلى حدودها الجغرافية، فعلى سبيل المثال، تحدّها من جهة الشمال منطقة وصابين المطلّة على محافظة الحديدة". ويشير إلى "احتمالية اعتبار عتمة بوابة قصيرة لإحكام السيطرة على الحديدة، وهو ما يعني إبقاء أنظار طرفي النزاع شاخصة بقوة على كامل النطاق الجغرافي لمديرية عتمة ليلا ونهاراً، وأيادي مقاتليهم على الزناد".