2018-05-27 الساعة 05:20م (يمن سكاي - اليمن نت)
تأتي الذكرى الثامنة والعشرون، لتحقيق الوحدة اليمنية في 22 من مايو 1990، لأول مرة من دون صالح، واليمن يتنازعه مشروعان لا ثالث لها، يتمثل الأول في انقلاب الحوثيين على السلطة شمالاً، والآخر يمثله المجلس الانتقالي جنوباً، فهل تكون نهاية الجمهورية في صنعاء والوحدة في عدن؟
ففي الشمال ماتزال جماعة الحوثي التي أحكمت قبضتها على مؤسسات الدولة في 21 من مارس 2014 بمساعدة من نظام صالح والقوات الموالية له، تسيطر واقعياً على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الشمالية الأخرى، باستثناء محافظة مأرب والجوف وأجزاء من البيضاء التي تخضع للسلطة الشرعية، فيما تعاني تعز حتى اليوم من حصار مطبق من قبل المسلحين الحوثيين.
وفي الجنوب، برزت كيانات مسلحة بعد التحرير من الحوثيين، تناهض سلطات الدولة وتضعف من تواجد حضورها، بفضل تواجد دولة الإمارات (ثاني دولة في التحالف العربي بعد السعودية) التي أسهمت في تغذية وإنشاء كيانات مسلحة تحت مسمى الحزام الأمني في عدن والنخبة الشبوانية والحضرمية، وهي كيانات مسلحة غير نظامية لا تعترف بالحكومة الشرعية المعترف بها وتتلقى أوامرها من أبوظبي ومن قيادة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجنوبي عبد الرقيب الهدياني، إن اليمن يتنازعه مشروعان لا ثالث لهما، يتمثل الأول في انقلاب الحوثيين على السلطة، والآخر في المشروع الانفصالي الذي يمثله بعض مكونات الحراك المحسوبة على المجلس الانتقالي الذي يقوم بأنشطة بهذا الاتجاه.
وأوضح في تصريحات لـ” اليمن نت” أن هذان المشروعان أثبتا في الواقع أنهما غير مؤهلان لاستقرار اليمن وحل مشاكله، بل إن بقائهما على هذا النحو يخلقان مشاكل جديدة، عبر التدمير والعبث بمقومات البلد”.
وقال “الهدياني” إن مشروع الانفصال في جنوب اليمن، يتطلع إلى ضم العديد من المواطنين الموالين له في كثير من المحافظات اليمنية في إطار المشروع التشطيري الذي يهدف إلى إعادة اليمن إلى ما قبل عام 90″.
وأشار المحلل السياسي الهدياني، إلى أن هناك مزاج في الشارع للمحافظات الجنوبية اليوم يكاد يتجه بقوه في اتجاه اليمن الاتحادي (دولة كونفدرالية)، وهذا ما كشفت عنه الاحتجاجات الشعبية في سقطرى والمهرة وعدن والتفاف الناس حول الحكومة الشرعية اليمنية بالتالي لازال 22مايو الحدث الهام في تاريخ اليمن.
وتابع” تخوض الحكومة الشرعية اليمنية المؤيدة بالإقليم وبالقرارات الدولية حرباً مسلحة تجاه الانقلابيين الحوثيين وتتجاهل وترفض دعوات التقسيم في بعض المكونات الجنوبية”.
ومضى قائلاً” سيبقى 22 مايو (الوحدة اليمنية) الطريق الوحيد الضامن للذهاب إلى دولة العدالة في توزيع الثروة والسلطة والشراكة لكامل اليمنيين هو حل وطوق نجاه لليمن، مشيراً إلى أن أي ذهاب بمشاريع أخرى بعيد عن 22 مايو هي مآلات وطرق لن تؤدي باليمن إلى الاستقرار”.
وأشار الهدياني في حديثه لـ”اليمن نت” إلى أن مشروع مؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلى الخروج باليمن نحو دولة اتحادية متوافق عليها، يجدد مسار الوحدة اليمنية التي اعترضتها كثير من الشوائب والإساءات خلال السنوات الماضية”.
وبالعودة إلى عهد صالح، وكيف يمر العام الثامن والعشرون، نجد أن كل ما يجري اليوم نتيجة طبيعية لسياسة الرجل وحكمه طيلة 33 عام من على كرسي السطلة وسبعة أعوام من خلف الكواليس، لما كان يحمله من تأريخ سجل قمعي وإنكاري للقضية الجنوبية، فهو الرجل الذي أجهض مشروع الوحدة، وبدد آمال اليمنيين في بناء اليمن الكبير.
وحول ذلك، يقول المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني، إن مرور حدث 22 مايو هذا العام في ظل غياب علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر، إشارة جديده على أن من قتل مشروع الوحدة قد قتل وبالتالي سيكون هناك واقع جديد مبشر بالحياة يصب في صالح مشروع اليمن الاتحادي.
وقال الهدياني إن ” مقتل صالح يقودنا أن ندفن ماضي الاختلالات او التصرفات الذي أساءت لمشروع 22 مايو (الوحدة اليمنية)، وأن ننطلق إلى مستقبل اليمن لكل أبنائه من خلال إقامة الدولة اليمنية الحديثة في كامل التراب الوطني”.
وتابع” يجب أن نشيع مشاريع الانقلاب السلالي الذي جاء بها الحوثي أو مشاريع التجزئة والإنفصال التي تحملها بعض مكونات في الجنوب”.
ولفت في ختام حديثه، إلى أن هذه المكونات أحدثت شروخاً في الجسد اليمني وفي اللحمة الوطنية، وأقامت حروب في عدن وعملت على تغيير نسيج المحافظات الجنوبية بالإحتراب والصراع، وبالتالي في طوق نجاتها هو مشروع الوحدة المصحح مساره عبر الدولة الاتحادية الفيدرالية”.
من جهته، اعتبر الكاتب والصحفي اليمني عباس الضالعي، أن الاحتفال بذكرى الوحدة في ظل غياب مؤسسها علي عبدالله صالح، هو احتفال رمزي” على حد تعبيره.
وأشار في حديث خص به “اليمن نت” أن الوحدة اليمنية قد تآكلت بسبب المشاريع التي دمرت الدولة ككيان ودمرت الوحدة كجغرافيا في ظل الوضع الحالي للبلاد”.
وأضاف الضالعي أن” اليمن الأن يمر بمرحلة من التمزيق والتفكيك ولم يعد اليمن يمناً كما كان قبل عام 90.. بل أصبحت كل يمن مقسم ومجزأ وأضعف كيان هو الكيان الذي يحمل صفة “الجمهورية اليمنية” إشارة إلى الحكومة اليمنية.
وأوضح” أن ثمة مشاريع كثيرة تنهش في الجسد اليمني وممولة من دول الإقليم وكل الأطراف مساهمة في هذا التمزيق”.
وقال “أهم عامل ساعد على التمزيق هو ضعف الحكومة الشرعية المدعومة إقليميا ودوليا”، مشيراً إلى أن عجز هذا الحكومة وغياب الرؤية ساعد على تفكيك البلد ومؤسساته.
وتابع” يوجد الآن حكومتين بشكل عملي، وحكومات مصغرة أخرى في أكثر من منطقة، ويوجد ثلاثة جيوش باسم اليمن وعشرات المليشيا الحاكمة، كثرة الرؤوس الحاكمة لجسد أصبح منهكاً يحتاج لطبيب ماهر لإنقاذه من المرض”.
ومضى قائلاً:” اليمن تمر بأسوأ مرحلة ولم تعرفها من قبل، والحل هو صحوة عامة لانتشال اليمن من هذا المستنقع الذي جلبه لنا فشلة السياسة في كل الأطراف”.
وأردف” لم يعد لنا من الوحدة سوى الذكرى والإسم، أما الواقع فقد تغير كثيراً ولن تعود اليمن إلى سابق عهدها”.
وحول الحل الأمثل للوضع الراهن، قال عباس الضالعي، إن” اليمن الاتحادي هو الصيغة المقبولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه رغم أن من ابتكر هذا الخيار هو أول من يقوم بتدميره عمليا على الأرض.
واختتم كلامه بالقول” اليمن تُحكم الأن مناطقياً وبغطاء كاذب اسمه اليمن الاتحادي”.