2015-01-17 الساعة 05:24م
تربط دول مجلس التعاون الخليجي بدولة لبنان علاقات مميزة تاريخياً، لكن تصريحات حسن نصر الله، أمين عام حزب الله اللبناني، التي انتقد فيها البحرين بصورة لاذعة، بدت وكأنها كرة ثلج تكبر يوماً بعد يوم، على حساب تلك العلاقات.
فبعد الموقف الإيراني المتشنج من مسألة اعتقال الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية، علي سلمان، واستنكاره رسمياً على المستويين الخليجي والعربي؛ ظهر حسن نصر الله بمناسبة المولد النبوي معبراً عن إدانته لاعتقال سلمان، ليصف ما يجري في البحرين بالمشروع الصهيوني، مضيفاً أن “الدولة البحرينية راهنت على استسلام القيادة السياسية للمعارضة وجرها إلى صدام مسلّح”، على حد قوله.
نصر الله قال أيضاً في الكلمة ذاتها: إن “الجماعات التكفيرية تشكل خطراً على دول المنطقة وعلى ما هو فوق السياسة والكرامة”، واعتبرها “تهديداً للإسلام كرسالة”، داعياً إلى “التكاتف في مواجهة ممارسات الجماعات الإرهابية والتكفيرية”، وأضاف: “كما هزمنا الإسرائيليين سنهزم التكفيريين”.
البحرين سارعت على إثر تلك التصريحات إلى استدعاء القائم بأعمال سفارة لبنان لدى المملكة، إلى مقر الخارجية البحرينية؛ احتجاجاً على التصريحات التي وصفتها بـ”العدائية”، وطالبته بإدانة تلك التصريحات.
كما طالبت الخارجية البحرينية الحكومة اللبنانية باتخاذ إجراءات قانونية رادعة وحاسمة، ضد هذه التصريحات؛ لـ”تنافيها مع طبيعة العلاقات القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين”.
واعتبرت الخارجية أن تصريحات نصر الله “تدخل مرفوض في الشأن البحريني والخليجي، وتتضمن تحريضاً واضحاً على العنف والإرهاب، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه أو التهاون تجاهه”.
الإمارات أيضاً قامت من جهتها باستدعاء سفير لبنان لديها، الأربعاء، وسلمته مذكرة احتجاج رسمية، إثر التصريحات التي أدلى بها حسن نصر الله حول مملكة البحرين، واعتبرتها أبوظبي “عدائية”.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية، طارق الهيدان، “إدانة دولة الإمارات العربية المتحدة الشديدة لهذه التصريحات العدائية والتحريضية البغيضة والمرفوضة، التي تعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين الشقيقة”.
وحملت أبوظبي الحكومة اللبنانية المسؤولية الكاملة عن هذه التصريحات، وطالبتها باستصدار بيان واضح يندد بها، “واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة والحاسمة تجاهها؛ لضمان عدم تكرارها مستقبلاً”.
وعلى مستوى مجلس التعاون الخليجي، أدان الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني، الأربعاء، تصريحات نصر الله، ووصفها بأنها “عدائية وغير مسؤولة”، مضيفاً أن تلك التصريحات تدخل بشؤون البحرين و”تحريض صريح على العنف”.
كما استدعى الزياني، سفير الجمهورية اللبنانية في الرياض، إلى مقر الأمانة العامة؛ للاحتجاج على التصريحات التي أدلى بها أمين عام حزب الله اللبناني.
وفي إشارة إلى إمكانية تضرر العلاقات الخليجية اللبنانية من جراء تصريحات نصر الله، أفاد بيان للأمانة العامة لدول مجلس التعاون، أن “دول المجلس اعتبرت تصريحات أمين عام حزب الله اللبناني، تتعارض مع الروابط والعلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط دول الخليج مع الجمهورية اللبنانية”.
إيران على خط المواجهة
وكانت مواقف خليجية وعربية مماثلة اتخذت من تعليق إيران على قضية اعتقال سلمان في البحرين، حيث وصف معاون وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، اعتقال الأمين العام لجمعية الوفاق الشيعية، بأنه “حركة غير مدروسة، ومتسرعة، وبمثابة دعم المتطرفين في هذا البلد”، محذراً من أن “البحرين غير قادرة على تحمل تبعات اعتقال الشيخ سلمان”.
في حين ردت المنامة بإدانة الموقف الإيراني، و”التدخلات المتكررة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في الشؤون الداخلية للمملكة”، واعتبرتها “تدخلاً مرفوضاً وغير مقبول، وتصرفاً غير مسؤول في إطار العلاقات الإقليمية والدولية”.
ومن جانبه، عبر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عن “رفض” دول المجلس لـ”أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية”، تعليقاً على الموقف الإيراني، مستنكراً “ردود الأفعال والتصريحات التي صدرت عن وزارة الخارجية الإيرانية بشأن التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في مملكة البحرين”، مع سلمان.
كما استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، تصريحات إيرانية بشأن اعتقال أمين عام جمعية الوفاق في البحرين، ووصفها بأنها “تدخل في الشؤون الداخلية”، وتشكل “خرقاً لقواعد القانون الدولي”.
وحتى الساعة، لم يصدر عن الجانب اللبناني تصريح حول المواقف الخليجية المستنكرة لتصريحات أمين عام حزب الله، والتي تحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية تلك التصريحات، وتطالبها بإجراءات تضمن عدم تكرارها.
لكن موقع “الوطن أونلاين” نقل عن وزير العمل في الحكومة اللبنانية، سجعان قزي قوله: إن حكومة بيروت تتبرأ من تصريحات نصر الله، وإن بلاده تنأى بنفسها عن التدخل في شؤون الدول الأخرى. كما نقل الموقع ذاته عن مصدر وزاري رفيع، أن مجلس الوزراء اللبناني سيناقش، في اجتماعه اليوم الخميس، قضية تصريحات الأمين العام لحزب الله، والتي ستكون على رأس أجندة المجلس.