أهم الأخبار

كيف تسببت حملة الدراجات النارية في الإضرار ماديًا بمئات الأسر في عدن

2020-10-28 الساعة 03:28م (يمن سكاي )

جثا أحمد سعيد على ركبتيه، واحتضن زميله بينما كان يبكي بعدما قامت قوات أمنية بإحراق دراجته النارية، ونهب 30 ألف ريال كانت بحوزته في مديرية المنصورة شمالي مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد.

حدث هذا بينما كانت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي تنفذ حملة أمنية واسعة لحظر الدراجات النارية في المدينة، فيما أعادت الواقعة التذكير بتجديد الانتقادات ضد تجاوزات القوات الأمنية وأخطائها ضد المدنيين وسائقي الدراجات النارية.

لكن القوات التابعة للمجلس الانتقالي تقول إنها ستواصل حملتها الأمنية لحظر الدراجات النارية، فيما لم تتحدث القوات ذاتها عن جبر ضرر وتعويض المتضررين من سائقي الدراجات النارية خصوصاً ممن يعتمدون عليها كواحدة من أهم مصادر الدخل الشهري.

"أحرقوا الدراجة وأخذوا المال"، يقول "أحمد سعيد الفقيه" وهو سائق دراجة نارية من أبناء محافظة الحديدة، نزح إلى عدن منذ ثلاثة أعوام، في اتصال هاتفي مع "المصدر أونلاين، ويضيف "أن قوات الحزام الأمني قطاع المنصورة، حاصرته مع عدد من سائقي الدراجات النارية في جولة كونكورد، عند مدخل شارع التسعين، بينما كانوا يحاولون الهرب من الحملة الأمنية التي تطارد الدرجات النارية".

يضيف الرجل البالغ من العمر 45 عامًا أن قوات الحزام الأمني أوقفتهم واحدًا تلو الآخر وطلبت منهم بطائق الهوية، وبعد دقائق أضرمت هذه القوات النار في 5 دراجات نارية، فيما سمح لأحد السائقين بالمغادرة مع دراجته النارية، ويقول "الفقيه" إن القوات أفرجت عن هذا السائق نتيجة وساطة قام بها أحد المقربين منه. 

يروي "الفقيه" الموقف بصعوبة وهو يقول إن القوات لم تكتف بإشعال النار في دراجته، لكنها سلبت منه 30 ألف ريال لما قالت إنها غرامة مالية نتيجة عدم التزامه بتعليمات الحملة الأمنية، وكرر الفقيه جملة (شلوا فلوس الإيجار).

ويشير "أحمد سعيد" وهو يعول 9 أطفال وزوجة، إلى أن القوات الأمنية رفضت إرجاع المبلغ إليه على الرغم من توسلاته، إذ أن المبلغ مخصص لدفع إيجار المنزل الذي يسكن فيه في منطقة الممدارة التابعة لمديرية الشيخ شمالي عدن.

وقال إنه بات يفكر من الآن كيف سيمضي الشهر القادم بعد أن فقد دراجته النارية التي كان يعتمد عليها بدرجة أساسية في توفير المصروف اليومي والشهري لعائلته، فيما ألمح الفقيه إلى أن قوات الحزام الأمني تستثني في حملتها بعض المقربين من قادة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الذين لم يتعرضوا لأي غرامة ولم تحرق دراجاتهم.

وأردف قائلًا "نحن نازحون من منازلنا بالحديدة، لا توجد لدينا مرتبات منتظمة، وجئنا إلى عدن هربا من الحرب التي تسببت في تأزيم أوضاعنا المادية وفقدان مصالحنا، واليوم للأسف فقدت وسيلة رزقي الوحيدة".


حظر الدراجات النارية.. الأسباب والنتائج

وليس ببعيد من قصة "الفقيه"، فقد تعرض العشرات من سائقي الدراجات النارية لعمليات مماثلة، ففضلا عن إحراق عشرات الدراجات النارية أمام مالكيها في مديرية المنصورة، نهبت أموال تترواح بين الـ30 - 50 ألف ريال على هؤلاء السائقين.

وقالت مصادر مطلعة إن قوات الأمن أحرقت ما لايقل عن 30 دراجة نارية في المنصورة واستخلصت مبالغ تصل إلى 400 ألف ريال من السائقين الذين أعيدت دراجاتهم بالوساطة، فيما نهبت مبالغ مالية أيضًا على ملاك الدراجات النارية التي أحرقتها قوات الحزام الأمني دون تحديد حصيلة دقيقة.

وتسببت الحملة الأمنية التي تستمر للأسبوع الثاني على التوالي، بمقتل سائق دراجة نارية في حي الممدارة قرب ملعب 22 مايو الدولي، بعدما أطلق جنود الحزام الأمني النار على شاب تجاوز ثكنة لقوات الأمن كان تترصد السائقين.

وفي مطلع الحملة بداية الشهر الجاري، أصاب جنود الحزام الأمني الشاب ياسين فدعق إصابة بليغة واعتدوا عليه، بعدما وجه هذا الأخير انتقادات للحملة الأمنية التي أحرقت الدراجات النارية في حي ريمي الواقع في مديرية المنصورة.

تواصل المصدر أونلاين مع ثلاثة مصادر في قوات الحزام الأمني للتعليق حول النتائج السلبية التي تسببت بها الحملة الأمنية للدراجات النارية من حيث الإضرار بقطاع كبير من الأشخاص الذين يعدونها وسيلة رزق أساسية، وغياب خطة بديلة لإعادة تنظيمها خارج المدن المزدحمة.

رفض مصدران من هذه المصادر التعليق بعد أن تلقيا منا جوابا بشأن وسيلة الإعلام التي سننشر عبرها القصة، لكن مصدر ثالث خاص في القوات المدعومة من الإمارات قال إن الحملة ستتواصل لحظر الدراجات النارية في مديرية المنصورة مشيرًا إلى أن الحملة ستتمدد لباقي مديريات العاصمة عدن حد وصفه.

وردا على تجاوزات الحملة من حيث إحراق الدراجات النارية، قال المصدر إن الحملة لا تستهدف فئة بعينها، مشيرا إلى أن هناك فرص عمل أخرى لمن أراد العمل، غير قيادة الدراجات النارية كوسيلة مواصلات.

وقال المصدر إن هناك أهدافًا رئيسية لهذه الحملة، أبرزها تأمين المدينة من محاولات الفوضى والاغتيال، إذ تستخدم أغلب العناصر الدراجات النارية كوسيلة للتحرك وتنفيذ العمليات، إلى جانب الحد من الازدحام المروري والحوداث المرورية.

لكن المصدر لم يحدد ما إذا كانت هذه القوات ستعمل على إصدار أرقام لهذه الدراجات وتنظيم عملها في أماكن محددة، بدلا من تنفيذ حملة أمنية أضرت ماديا بالكثير من ملاك الدراجات النارية الذين فقدوا أحد مصادر الدخل الرئيسية.

وقالت مصادر أمنية ومحلية متطابقة إن ثلاثاً من عمليات الاغتيال الأخيرة في المدينة الأسبوع الماضي نفذت من على متن دراجات نارية، في خِضم الحملة الأمنية، بينها عمليتين في مديرية المنصورة وهي المدينة ذاتها التي تشهد الحملة الأمنية لحظر الدراجات.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص