2015-01-17 الساعة 05:41م
طالبت مسؤولة يمنية المانحين باستئناف دعمهم ، وألا يتركوه عرضة «لأي توجّهات أو أطماع». وقالت المديرة التنفيذية لـ «الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين ودعم تنفيذ سياسات الإصلاحات» أمة العليم السوسوة في حديث إلى «الحياة» «ربما يكون من حسن الفطن أيضاً ألا يترك اليمن نهباً لأي توجّهات سياسية أخرى مغايرة، لأن الفراغات التنموية غالباً ما تكون أسوأ كثيراً من الفراغات السياسية».
وأكدت أن العلاقات بين اليمن والمانحين بخاصةً بعد الأحداث السياسية الأخيرة، فيها «قدر من الصعوبة، إلا أن الصعوبة ليست متعلّقة بطبيعة العلاقات الأخوية».
وقالت: «من حق المانحين أيضاً أن يقلقوا على مصير ما سيقّدمونه أو ما يريدون أن يقدّموه لليمن، لأن هذه مسألة متعلّقة بأموال دافعي الضرائب أو أموال مملوكة للدولة والمجتمعات التي تقدّمها طواعيةً لليمن لمساعدته».
وأضافت: «بسبب تغيّرات الأوضاع السياسية الحاصلة الآن، تحاول الحكومة فعلاً أن توضّح وتبيّن بالضبط مواقفها من كثير من الأمور، لأن في هذا أيضاً صلاح لوضع اليمنيين وفي الوقت ذاته استقرار وإعادة ترتيب هذه العلاقة المهمة مع المانحين».
يذكر ان المانحين تعهدوا في مؤتمر الرياض واجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك عام 2012، تقديم 7.6 بليون دولار، خصّص منها نحوا 7.3 بليون وبنسبة 95.6 في المئة، واعتمد 5.3 بليون وبنسبة 70 في المئة، فيما تم إنفاق 2.9 بليون دولار وبنسبة 38.7 في المئة.
وقدّرت التعهدات الإضافية بـ3 بلايين دولار خصّصت كاملة، في ما تم اعتماد 2.8 بليون وصرف 1.6 بليون دولار.
وأشارت السوسوة إلى أن «لا مشكلة في الأموال التي تعهّد بها المانحون الكرام من دول مجلس التعاون الخليجي وبالذات المملكة العربية السعودية، فهي من أكرم المانحين لليمن ولا تضع شروطاً تعجيزية أو سياسية، بل على العكس، هناك كرم يتدفّق في مجال تغطية القضايا الإنسانية».
وأوضحت أن «المسألة تتعلّق بما يمكن أن يقدّمه المانحون إضافة لما قدّموه. اليمن يدرك أن من حق المملكة ودول الخليج والمانحين برمّتهم أن يعرفوا أين وكيف تستثمر أموالهم. هذا لب العلاقة ما بين الدول في التعاطي مع مسألة المنح والقروض».
وتابعت: «أظن أن دول الخليج مجتمعة والسعودية على رأسها لا يمكنها أن تفرّط بهذه المساحة الأخوية بين اليمن ودول المجلس للاستمرار الكريم في دعم اليمن بالذات في مواجهة القضايا المصيرية المتعلّقة بمعالجات الفقر وإنشاء المشاريع وتوفير فرص العمل».
ولفتت السوسوة إلى أن «من ناحية تثبيت دعائم الأمن والاستقرار الداخلي في اليمن، فإننا نجد أن غالبية المشكلات» حتى وإن اتخذت شكلاً سياسياً «فهي في معظم الأحيان للأسف الشديد في اليمن السعيد مرتبطة بقضايا الفقر والبطالة وعدم توافر فرص الحياة الكريمة.
ونظن عن قناعة أنه لا يمكن لدول مجلس التعاون في أي قرار تتّخذه، إلا أن يكون ضمن هذا التوجّه والإطار والنظرة إلى اليمن، لأنه فعلاً ظهرها، وهذا الظهر يجب أن يكون ظهراً صحيحاً صحياً ومعافى».
مشكلة حقيقية
وفي معرض إجابتها على سؤال عن تداعيات انخفاض أسعار النفط العالمية على اليمن، أكدت المسؤولة اليمنية أنه مشكلة حقيقية، نظراً إلى أن «الموازنة اليمنية لسنوات طويلة كانت تعتمد في أكثر من 70 في المئة منها على هذا المورد، من دون دراسات محدّثة لتدهور تدفق النفط وتقديم الخدمات المتعلّقة (بالقطاع) لأسباب أمنية وغيرها». وأشارت الى «شق يستفيد منه المواطن، بخاصة بعد رفع الدعم عن هذه المشتقات». وذكرت أن «النفط نظر إليه كأنه مورد لا ينضب».
وأكدت أن الحكومة تعد دراسات بديلة حتى تتفادى هذا الجانب الذي يمثّل مشكلة ليس للحكومة فحسب بل لكل ممثّليها (...). ثمة بعض الإجراءات التي يحاول الجهاز التنفيذي من قرب أو بعد أن يتعاطى معها ويساعد الحكومة فيها، على رأسها مسألة الخدمة المدنية ووضع البصمة والصورة وإزالة الأسماء الوهمية والمكرّرة.
الحكومة تقوم بكثير من الإجراءات التقشفية على نفسها سواء في نفقاتها أو سفريات وزرائها أو مكافحة الفساد وهذا باب شيطاني يجب أن يتم القضاء عليه بل اقتلاعه بشكل كامل. هذا كله يتم في أوضاع صعبة جداً، لأن الدولة تريد تهدئة الوضع السياسي والأمني وفي الوقت نفسه تريد أن تعزّز من فرص الاستثمار».
واعتبرت السوسوة أن «هذه المسائل الكثيرة بالذات الأمنية التي تتصاعد الآن، لا يمكن أن يقوم اليمن بها منفرداً، بل يحتاج إلى تنسيق وعمل كلي متكامل مع جيرانه بخاصةً دول مجلس التعاون الخليجي».
وعن تأخّر إعداد الموازنة وتداعياته على الاقتصاد، أوضحت أن «الدستور ينص على إن تأخّر تقديم الموازنة إلى مجلس النوّاب أو عدم البتّ في إقرارها، لا يعني غيابها. هناك نظام يتّبع وهو الاعتماد على موازنة العام السابق ولكن مع مراجعات تتعلّق بالتطورات (...)».
وفي ما يتعلّق بموافقة الحكومة على تعديل القرار الجمهوري رقم 22 لعام 2013 في شأن إنشاء الجهاز التنفيذي، أكدت السوسوة أن التعديلات تستهدف تعزيز دور الجهاز في القيام بمهامه وتنفيذ الأهداف التي أنشئ من أجلها لتسريع مستويات استيعاب التمويلات والتعهدات الخارجية، وتسريع تنفيذ المشاريع التنموية ودعم تنفيذ سياسات الإصلاحات.
وأوضحت أن الجهاز سيتبع بموجب التعديل رئيس مجلس الوزراء، ويشكّل مجلس إدارته برئاسة رئيس الوزراء ووزير التخطيط والتعاون الدولي نائباً للرئيس، وعضوية وزراء المال والخارجية والإدارة المحلية، ومدير مكتب رئاسة الجمهورية وممثّل عن القطاع الخاص وممثّل عن المجتمع المدني.
ورأت أن «تبعية الجهاز مباشرةً لرئيس الوزراء سيجعله أداة مساندة للحكومة كلها، بالذات في مسألة تنفيذ برنامجها الذي يعد استمرارً للبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية الذي أقرّ في الرياض عام 2012، والذي بموجبه أيضاً تم الاتفاق على الإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة، فجاء الجهاز ليردم هذه الهوة بين الحكومة والمانحين».