2021-11-20 الساعة 11:32م (يمن سكاي - )
في مثل هذا اليوم الـ20 من نوفمبر/تشرين الثاني، تحتفل دول العالم بـ"اليوم العالمي للطفل"، في حين تقام مآتم على مدار العام، لأطفال اليمن الذين يساقون عنوة لمحارق الموت في جبهات القتال، إذا نجوا من المجاعة والأمراض الوبائية التي تتخطف أرواحهم في وقت مبكر.
وتشهد البلاد حرباً دامية أشعلها الحوثيون باجتياح صنعاء والانقلاب على الحكومة الانتقالية في سبتمبر 2014م، لتكوي بلهيب نارها المستعرة بالتدخلات الخارجية للعام السابع، كل أبناء اليمن دون استثناء، بما فيهم الأطفال الذين طالتهم نيران الصراع بشكل أكبر ومباشر أكثر من غيرهم، بحكم أنهم الفئة الأكثر ضعفا والأقل حماية.
فالأطفال في اليمن يقفون في فوهة البندقية كل يوم بطريقة أو بأخرى، إما بتعرضهم للقتل المباشر أو غير المباشرة، وإما بتعرضهم لنتائج الحرب التي غيرت نمط حياتهم وأسرهم، وحرمتهم من أبسط مقومات الحياة كالغذاء والصحة والتعليم والمأوى.
وتقول الأمم المتحدة، إن "10 آلاف طفل في اليمن، قتلوا أو شوهوا منذ (تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية) آذار/مارس 2015، بمعدل أربعة أطفال كل يوم".
هذه الأرقام تمثل فقط الحالات التي تمكنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) من التحقق منها، وأكثر حالات الإصابة والوفيات في أوساط الأطفال تحدث بدون أن يتم تسجيلها، وفقاً للمتحدث باسم المنظمة "جيمس إلدر" في المؤتمر الصحفي الذي عقد بجنيف نهاية الشهر الفائت.
وتوصف الأزمة والمجاعة في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، ويقول إلدر، إنها "تمثل نقطة التقاء مأساوية لأربعة تهديدات؛ نزاع عنيف وطويل الأمد، ودمار اقتصادي، وتحطم خدمات الصحة والتغذية، المياه، والصرف الصحي، والحماية، والتعليم، والنقص الحاد في التمويل الذي يواجه استجابة الأمم المتحدة".
وفي سبتمبر، أطلق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن "الأوتشا" صافرة إنذار متأخرة "أكثر من 8 مليون طفل بحاجة إلى المساعدة طارئة في مجال التعليم"، مضيفاً أن" 2500 مدرسة مدمرة أو متضررة أو مستخدمة لأغراض غير تعليمية".
وقال تقرير لـ"اليونيسف" في يوليو إن "أكثر من مليوني طفل في سن التعليم منقطعين حاليا عن الدراسة في اليمن". وأكدت المنظمة الدولية للهجرة ذلك، وقالت إن أغلب هؤلاء من الاطفال النازحين الذين يقدر عددهم ب4 مليون، يعيشون في أوضاع مأساوية في مخيمات نزوح نصفهم في محافظة مأرب.
ولا يتعلق الأمر بالتعليم، فأكثر من 2 مليون طفل في اليمن مهددين بسوء التغذية الحاد، ويعاني نحو 40 آلف من سوء التغذية الوخيم والحاد، إضافة إلى مخاطر الوفاة العالية بالأمراض المعدية كالكوليرا والملاريا والسل وأوبئة وأمراض أخرى تخطف أرواح اطفال البلاد، رغم أنه يمكن القواية منها وعلاجها، وفقا للأمم المتحدة.
وإضافة للأثار غير المباشرة للصراع، تشير التقارير الدولية والحكومية، إلى تجنيد آلاف الطفال وإجبارهم على القتال في الجبهات المشتعلة، حيث تستغل أطراف الصراع الحاجة المالية لعائلاتهم أو تجبرهم على الانخراط بالقوة في صفوفها.
وأواخر شهر سبتمبر قال تقرير للحكومة اليمنية إن الميليشيات الحوثية جندت أكثر من ٣٥ ألف طفل منذ العام ٢٠١٤، مؤكدا أن الهجوم الأخير على مدينة مأرب اسفر عن مقتل قرابة ٢٠٠٠ طفل زجت بهم الميليشيا كوقود للحرب.
والشهر الماضي قال تقرير لممثلة الأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح في الأمم المتحدة، إن 3500 طفل كانوا ضحايا للانتهاكات الجسيمة في اليمن خلال عامي 2019 و2020، من بينها 2600 حالة قتل أو تشويه جراء القصف العشوائي للمناطق السكنية والألغام الأرضية.
وأضاف التقرير، ان حوادث منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال في اليمن ارتفعت لنحو (4881) خلال فترة السنتين، وهي أكثر الانتهاكات التي تم التحقق منها ضد الفتيان والفتيات.
وقالت "فيرجينيا غامبا"، الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال، "إن الفظائع والمعاناة الهائلة التي يتعرض لها الأطفال في اليمن هي نتيجة نزاع مسلح سيترك في أعقابه على الدوام جيلاً من الأطفال اليمنيين يعانون من ندوب مدى الحياة"، وشددت على ضرورة "أن تعمل جميع الأطراف بنشاط نحو حل سياسي للنزاع إذا كانوا يأملون في إنقاذ الأطفال من المزيد من الأذى".
وقبل نحو يومين، نشرت الوكالة الفرنسية تقرير عن مقتل أكثر من 14 آلف من مسلحي الحوثي خلال أربعة أشهر في جبهات مأرب المشتعلة، وتقول الجهات الحقوقية والحكومية إن أغلب هؤلاء القتلى أطفال، تؤكد المليشيا ذلك بالصور التي تنشرها لما تسميهم "بشهداء معركة النفس الطويل".
وقالت منظمة "إنقاذ الطفولة"، إن الأطفال في اليمن ما زالوا يقتلون ويدفعون ثمن الصراع المستمر في البلاد منذ سنوات، مؤكدة أن كل طفل في مدينة تعز قد عانى من أهوال الحرب.
وتشير المنظمة في تقرير نشرته مطلع الشهر الجاري، إلى حوادث استهداف مطار عدن بسيارة مفخخة وإطلاق مقذوفات على أطفال في مدينة تعز، وتكرار الهجمات على المدنيين في مأرب، والتي أسفرت في مجملها عن مقتل نحو عشرين طفلا خلال أكتوبر الماضي وفقا لمنظمة سياج.
ولا تنتهي الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها أطفال في اليمن عند ذلك؛ فالألغام التي زرعها الحوثيون بالملايين والقذائف غير المتفجرة من مخلفات الحرب، تتصيد براعم البلاد، ولا يكاد يمر يوم دون سقوط ضحايا جلهم من الأطفال خاصة في المحافظات الشرقية (مأرب الجوف البيضاء) والمناطق الساحلية الغربية لليمن.
ويبقى السؤال: متى يحتفل أطفال اليمن بعيدهم العالمي كأقرانهم في الدول الأخرى؟