أهم الأخبار

"ماشي كما التمر في الدار".. "رزامة التمر" طعام الحضرمي للعام وعادته التي حافظ عليها منذ القدم

2021-11-22 الساعة 03:36م (يمن سكاي - )

حفظ الطعام واحدة من المشاكل التي واجهت الإنسان منذ فجر الحضارة البشرية، إذ كان عليه أن يبقي طعامه بعيداً عن الحشرات والقوارض، وأن يحفظه من التعفن كي يبقى صالحاً للأكل أطول فترة ممكنة، وبالرغم من عدم وجود تكنولوجيا متطورة لديهم كما لدينا الآن استطاع أجدادنا النجاة بابتكار أساليبهم الخاصة، التي ما زال بعضها شائعاً إلى يومنا هذا.

"رزامة التمر" الحضرمية إحدى الوسائل القديمة وواحدة من أهم العادات التي ابتكرها الإنسان الحضرمي للحفاظ على طعامه، والتي لا تزال حتى الآن حية يتوارثها الأجيال، ولم يؤثر عليها تقدم الزمن وما طرأ على الحياة من تغيرات بفعل تطور التكنولوجيا.

ويرى مهتمون أن "رزامة التمر" هي الوسيلة التي أنقذت الحضرمي القديم من الجوع، حيث استغل ثمرة النخيل التي تشتهر المحافظة بزراعتها، لينتج طعاماً صالحاً للتخزين لمدة أطول للاستفادة منه في أيام القحط، وفي استمرار هذه العادة الجميلة بمراحلها وطرقها المتعددة، حافظ الحضرمي أيضا على العلاقات الاجتماعية، حيث ينتجها أفراد الأسرة في البيت الواحد سوية، ويدعون أقاربهم لهذه المناسبة.

طريقة الرزامة القديمة

يقول صالح سعيد أحد مزارعي محافظة حضرموت لـ"المصدر أونلاين": "يتميز وادي وصحراء حضرموت بمزارعه الشاسعة، وبداخل هذه المزارع توجد النخيل المتواجدة في كل مزرعة وبها ثمرة التمر، وحين حلول (فصل) الخريف، موسم قطف التمر، يقوم المزارعون بقطفه، ويؤتى به للبيوت".

ويضيف، "تأتي بعدها (هذه المرحلة) مرحلة تصفية التمر، وإخراج النواة، وعزل التمر الصالح للاستخدام الأكل وغير الصالح لذلك، وعادةً ما تقوم بذلك النساء في البيوت".

ويتابع صالح، "بعد ذلك يقوم الشباب في البيت الواحد بتحديد موعد لرزامة التمر، ويدعون أقاربهم لحضور ذلك مع تناول وجبة الغداء وكأنه مناسبة يتفاخرون بها، وغالباً ما يكون يوم الجمعة، لأنه في الغالب الجميع يجلس في هذا اليوم (عطلة الأسبوع).

يبدأ الجميع في مراسيم عملية الرزامة، يقول صالح، "وذلك بغسل التمر ووضعه في مكان صلب على الأرض، حتى يمسك حرارة ويلين بعد تعرضه لأشعة الشمس لمدة ساعة أو أكثر".

ويشير إلى أن عملية "الرزامة"، تبدأ "بطحن التمر (عصره تقريبا) بواسطة الأقدام التي تكون نظفت جيداً قبل بدء العملية، حتى يكون دقيقاً، وبعد هذه المرحلة يوضع وسط شيء كان يُسمى في السابق (اليحلة) أو البراميل البلاستيكية حالياً، وذلك بعد وضع السليط المعصر (زيت السمسم) على جوانبه، وبعد حوالي اسبوع يكون جاهزاً لتناوله، وأثناء هذه العملية تجد الناس يتجمعون وكأنه يوم مناسبة كبرى".

الحفاظ على الرزامة منذ القدم

يقول المواطن أنيس صالح، لـ"المصدر أونلاين"، "عادة الرزامة تتم عن طريق الأرجل، هي قديمة جداً، توارثناها عن أجدادنا ولا زلنا نحافظ عليها حتى الآن، متمنياً في الوقت ذاته أن تستمر من دون انقراض".

وأوضح، أن التمر ورزامته ووجوده في البيت مهم جداً، ويعطي بذلك مثالاً بمقوله عند الحضارم تقول: "ماشي كما التمر في الدار"، بمعنى أن وجوده حاجة ضرورية ومهمه، والتمر في البيت كما يُقال هو أمان من الفقر.

فالتمر يكفيك عن وجبات الطعام أحياناً يقول أنيس، "وخصوصاً في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث أصبحت بعض الأسر لا تقدر إلاّ على وجبات بسيطة والبعض أصبحت على وجبتين، فيحل محلها التمر، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد على الأسودين (الماء والتمر)".

طعام العام

أثناء عملية التحضير التي يطلقون عليها هنا في حضرموت "الرزامة"، "توضع له مقاييس ومقادير خاصة من الماء، فإذا زاد الماء عليه يتلف التمر، وإذا نقص كذلك يكون التمر يابس وقاسي" كا يقول المواطن رجب لـ"المصدر أونلاين".

وتبقى هذ العملية التمر صالحاً للاستخدام للخريف القادم بحسب رجب، الذي لفت إلى أن هذا المنتج يستفيد منه الأطفال في ما يُسمى بـ"المريس"، حيث "يُخلط التمر مع الماء ويكون مثل العصير، وكذلك ينصح الدكتور المرأة الحامل بتناوله وخصوصاً إذا كانت تعاني من نقص في الدم".

ويفرق " بن مزروع" وهو مواكن حضرمي من المعجبين بالرزامة، بين طريقة تحضيرها قديماً وحديثاً، فيقول: "الآن يعمل التمر على آلة كهربائية ليتم طحنه، وقديماً بواسطة الأرجل"، ويفضّل بن مزروع الرزامة بواسطة "الأرجل من حيث الجودة وكذا ثمنها يكون غالياً".

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص