أهم الأخبار

انتشار موجات الكلاب الضالة وسط افتقار للقاحات وأمصال "السعار" في مدينة تعز

2021-11-29 الساعة 03:01م (يمن سكاي - )

شهدت الشوارع في محافظة تعز مؤخراً، عودة ظاهرة انتشار الكلاب الضالة، ترافق معها ظهور حالات اعتداء كلاب على المواطنين، وتسجيل حالات إصابة بداء الكلب، الأمر الذي فاقم من معاناة المواطنين، في ظل صمت مطبق من الجهات المعنية بالمحافظة.

وأفادت الجهات الرسمية في المحافظة بتلقيها شكاوي كثيرة قدمت من المواطنين حول انتشار الكلاب الضالة في مدينة تعز وتعرض عدد من المواطنين لحالات "عض".

وقال "جميل الشجاع" مدير مكتب البيئة الصحية بمدينة تعز ل"المصدر أونلاين"، إن هذه الشكاوي جاءت للمطالبة بالقضاء على الكلاب الضالة داخل المدينة، بعد وصول عدد من الحالات تعرضت لعضة كلب إلى المستشفى السويدي.

وأضاف "الشجاع"  قائلا "قمنا بتقديم طلب للمحافظة من أجل اعتماد التكاليف المالية للقضاء على ظاهرة انتشار الكلاب الضالة ولم يتم التجاوب معنا".

وأشار مواطنون إلى وجود تهاون كبير في القضية من قبل السلطات المختصة، خصوصا أن وزارة الاشغال قطاع البلديات والبيئة كانت بداية هي من تقوم بتوزيع مبيد الكلاب، ثم أوكل الأمر لمكتب النظافة والتحسين.

وأضاف "الشجاع" أن "هذا التهاون ناتج عن سوء تواصل المكاتب في تعز مع مكاتب الحكومة الشرعية في عدن".

وفي ظل هذا التهاون من قبل السلطة المحلية بالمحافظة، وصمت منظمات المجتمع المدني تجاه انتشار الكلاب الضالة في مدينة تعز وكثرة الحالات المتعرضة للعض، قدم مدير مستشفى الجمهوري نشوان الحسامي طلبا للمحافظة من أجل التعامل مع القضية.

وتحدث الحسامي لمراسل "المصدر أونلاين" بالقول "إنه جلس مع شخصيات مهمة في المحافظة ومع مدير المجلس المحلي ومدير مكتب النظافة والتحسين صادق الطويل الذي قال أنه سيدفع 500 ألف، في حين سيدفع البقية 500 ألف من أجل تنفيذ حملة للتخلص من الكلاب الضالة".

وقال "الحسامي"، إنه " بعد ما يقارب شهر من الجلسة لم يتم دفع هذه المبالغ، ولم تقم هذه الشخصيات بالحملة بعد".

ويرى مدير وحدة داء الكلب في مستشفى اليمن السويدي "عامر البوصي"، أن القضاء على الكلاب الضالة ليس حلا أساسيا للمشكلة، باعتبار قتل الكلاب جريمة يعاقب عليها، لكنه أحد الحلول التي يتم اللجوء إليها.

وأضاف "البوصي" أنه " في الوقت الذي تصرف فيه جهة معينة مبلغا ماليا معينا لقتل الكلاب الذي ليس حلا أصلا، كان من الممكن أن تشتري به 100 جرعة أو 200، ومنحها للوحدة باعتبار الجرع اللقاح الحل الأمثل للظاهرة".

ويعتبر مستشفى اليمن السويدي الوحيد داخل مدينة تعز الذي يملك وحدة مختصة بداء الكلب، وتستقبل الوحدة الكثير من الحالات شهريا في ظل غياب اللقاح والأمصال.

وقال "البوصي" إن الوحدة تخلو من لقاح وأمصال داء الكلب منذ عدة شهور، الأمر الذي جعل المواطنين يرضخون أمام عمليات بيع استغلالية للقاح وأمصال داء الكلب، الأمر الذي يجعل ذوي الحالات يضطرون لشراء الأمصال من السوق بأسعار باهظة واستغلالية، مع أنه في حال توفر المصل واللقاحات في الوحدة كانت تعطى بشكل مجاني للمتعرضين لعضة كلب.

وأشار "البوصي" إلى أن الحالات التي تصل مستشفى اليمن السويدي شهريا أكثر من أربعين حالة، تأتي من المناطق القريبة للمستشفى، وهنالك الكثير من الحالات لا يعرف عنها شيئا خصوصا بعد سيطرة ميليشيا الحوثي على بعض المناطق، وبُعد المناطق الأخرى".

وأضاف "البوصي" "أن قيمة الجرعة الواحدة من لقاح داء الكلاب تبلغ 10 ألف ريال، بينما يحتاج المريض لخمس جرع، مضيفا لذلك سعر المصل الذي يساوي 30 ألف ريال، وهذه عملية استغلال، لأننا نقدم لهم اللقاح إن وجد بشكل مجاني".

وأشار "البوصي" إلى إمكانية إيصال اللقاح للمناطق القروية، مضيفاً "كنا قبل الحرب في صدد إنشاء 5 وحدات داء كلب في خمس مديريات لكن أوضاع الحرب أدت لوقف ذلك "

وفي الحديث عن ما تقدمه الوزارة في عدن من خدمات للوحدة قال "البوصي" إن الوزارة لم تقدم خلال عام 2020 /2021 سوى دفعتين، احتوت الأولى 100 جرعة والثانية 50 جرعة، وهي كمية ضئيلة مقارنة بالأرقام التي يستقبلها المستشفى شهريا".

واستغرب البوصي من وجود مئات المنظمات في المحافظة وعزفها عن المشاركة في حلول لقضية "داء الكلب"، باعتباره من الملفات المهملة، في حين تذهب لدعم أشياء أقل أهمية.

وتمنى "البوصي" من الجهات المعنية أن تقوم بفرض عدد معين من الجرع على المنظمات سنويا لتوفير اللقاح بشكل مجاني .

طريق الماء مليء بالكلاب

قالت الأمم المتحدة في بيان لها إنه يتعرض ما يصل إلى 60 ألف شخص حول العالم إلى عذاب حتي الموت بسبب داء الكلب (السعار)، والعديد منهم أطفال عضتهم كلاب مصابة بالسعار.

بينما تقول إحصائية المستشفى السويدي في تعز إن أغلب الحالات التي تفد إليهم من النساء والأطفال ومن أبناء الريف على وجه التحديد.

"محمود علي" أحد أطفال قرى شرعب السلام وهي قرية خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، تعرض لعضة كلب وكان عليه تحمل عبئ السفر للمدينة ودفع تكاليف اللقاح والأمصال المبالغ بها من قبل الصيدليات.

يحكي محمود قصته قائلا: "كنت كعادة كل الأطفال ذاهبا لجلب الماء بعد الفجر، وكانت الطريق كالعادة مليئة بالكلاب التي دائما ما تنبح عند قدومنا، ثم تهرب عندما نقترب من البئر، وعندما هربت ووصلت إلى البئر انقض علي كلب فجأة وقام بعضي في ساقي عضتين ثم أبعدته عني".

يقول والد محمود إنه بعد الذهاب به لمستوصف القرية وأخذ التدابير اللازمة والمؤقتة للجرح الناتج عن العضة، نصحه الطبيب بالذهاب إلى المدينة لأخذ اللقاحات مجانا، لكنه تفاجأ عند وصوله بعدم توفر العلاج، بعد أن اضطرت الأسرة لدفع إيجار السيارة مضاعفا لنقله بسرعة للمدينة متحملا أعباء 8 ساعات سفر.

وأضاف أنه اضطر لدفع قيمة اللقاحات الباهظة الثمن، وتحمل تكاليف ومراحل العلاج الخمس التي فرضت عليه أن يجلس لمدة شهر في المدينة لتعاطي الجرعات، وقال إنه "لولا الدعم من اقربائي لكنت خسرت محمود".

وتعطى جرعات داء الكلب للمريض في خمس مراحل،  المرحلة الأولى عند العض، والثانية بعد ثلاثة أيام والثالثة بعد خمسة أيام ثم عند اليوم السابع ثم عند تمام الشهر.

في الوقت الذي يعاني فيه المواطنين من انتشار الكلاب الضالة وظهور حالات سعار فيها، يظل موضوع داء الكلب من المواضيع المهملة كما كان منذ القدم، على الرغم من الأرواح التي فُقدت بسبب عضة كلب لم تستطع دفع سعر اللقاح للوقاية من هذا الداء.


 

 
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص