2022-03-13 الساعة 03:58م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
لم تكتفِ سلطة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على مدار السنوات الماضية بمصادرة شركات ومؤسسات وبنوك مملوكة لرجال أعمال مناوئين لها، ومنازل وعقارات مملوكة لقادة أحزاب ومسؤولين في الدولة بل دشنت مؤخراً حملة واسعة للاستحواذ على منازل وممتلكات خصوم الجماعة في جميع مناطق سيطرتها.
ورغم أنها منذ الحرب التي شنتها وتمكنت من خلالها على السيطرة على مساحات واسعة من البلاد قد عمدت إلى تفجير العشرات من منازل قادة عسكريين وقبليين ومؤسسات تعليمية فقد انتهجت سلطة الميليشيا مؤخراً استراتيجية الاستيلاء على منازل وممتلكات الخصوم، بدلاً من تفخيخها وتفجيرها.
وحسب الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل، فقد فجرت ميليشيا الحوثي منذُ انقلابها على الدولة نهاية 2014م وحتى منتصف العام 2020م، أكثر من (٨١٦) منزلاً في مختلف محافظات الجمهورية.
وتأتي عمليات السطو الحوثية، التي لجأت اليها للاستحواذ على الممتلكات الشخصية لمواطنين في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع حملة واسعة متواصلة تقودها الميليشيا منذُ 2300 يوم، لمصادرة المؤسسات الأهلية والخاصة، شملت هذه العمليات (جامعات، مستشفيات، مدارس، شركات اتصالات، بنوك، محلات صرافة، مؤسسات وجمعيات خيرية، بالإضافة الى دور عبادة، مراكز تدريب معاهد، وأراضي).
وفي أحدث عمليات الاستيلاء التي تمارسها الجماعة بحق المواطنين والمؤسسات الخاصة في مناطق نفوذها، استحوذت سلطة الميليشيا في محافظة إب، يوم 6 مارس من الشهر الجاري على أرضية خاصة بورثة بيت "الصباحي" تبلغ مساحتها 85 (قصبة)، بقيمة تزيد عن 5 مليار ريال، وهو ما أكدته مصادر محلية لـ "المصدر أونلاين"، وذلك بعد أسبوعين فقط من بيع أرضية واسعة لشركة الموارد والخدامات التعليمية والصحية المالكة لجامعة العلوم والتكنولوجيا، جوار المستشفى السعودي الألماني وسط صنعاء.
وتماشيا مع الحملات الحوثية المكثفة دشنت سلطة الميليشيا في إب حملات الاستيلاء على ممتلكات الخصوم وكانت البداية الجديدة من مديريتي "الظهار"، و"المشنة".
وفي وقت لاحق حجزت الميليشيا منزل الأكاديمي والقيادي في حزب الإصلاح الدكتور "رشيد الصباحي" في منطقة "المحمول" جنوب مدينة إب، على الرغم من أن الدكتور "الصباحي" لا يقيم في المحافظات المحررة او السعودية بل في ماليزيا.
وتعليقاً على عملية السطو الحوثية قال الدكتور "الصباحي" (عضو مجلس محلي سابق في إب) "من تجرأ على بيوت الله، واستباح الدماء والأعراض، ليس غريبا منه استباحة الأموال، وعزاؤنا انهم قد اختطفوا بلدا بأكمله مع خيراته، وظلموا شعبا وحرفوا عقيدة، وأكلوا أموال ملايين الموظفين، وجوعوا النساء والأطفال، وفجروا بيوت الأبرياء، وآذوا من خالفهم وغيره ممن لم يواجههم، حتى الأشجار والأحجار والحيوان والهواء والماء، بل الأرض والسماء، كل ذلك قد اشتكى منهم، ولعله الظلام الشديد الذي يعقبه الفجر إن شاء الله".
وتدشيناً لعمليات السطو الحديثة على المنازل صادرت الميليشيا مطلع شهر نوفمبر الماضي عمارة تعود ملكيتها للمواطن "عبده الصبري" في حارة الصلبة القريبة من الاستاد الرياضي وسط مدينة إب، بحجة قرابته من البرلماني "عارف الصبري" عضو مجلس النواب عن مديرية بعدان (موالي للحكومة للشرعية)، في الوقت الذي أكد مالك المنزل أنه لا علاقة له بشقيقه وأنه مغترب منذ عشرات السنين وقام ببناء منزله من كده وتعبه.
وعقب شهر واحد اقتحمت عناصر حوثية منزلاً يملكه مواطنون أحدهم مدير أمن محافظة مارب السابق "عبدالملك المداني"، والموالي للحكومة الشرعية، في منطقة "المعاين" شمال غرب مدينة إب، وقامت الميليشيا بطرد مستأجري المنزل ومصادرته، كما اقتحمت الميليشيا في ذات الفترة منزل والد وزير المواصلات "نجيب العوج"، الكائن في منطقة الوازعية، وذلك في إطار حملتها الموسعة والمتواصلة لمصادرة ممتلكات الخصوم بحجة "التعاون مع العدوان" وهي التهمة التي صادرت الميليشيا بموجبها ممتلكات الاف المواطنين في مناطق سيطرتها.
مسيرة النهب الحوثية لم يسلم منها المختطفون في سجون الحوثيين منذُ سنوات، حيث شرعت سلطة الميليشيا بصنعاء مطلع العام الجاري في حجز منزل الأكاديمي المختطف في سجونها الدكتور "نصر السلامي"، تمهيدا لمصادرته من قبل ما تسمى بـ "المحكمة الجزائية المتخصصة" وهي ذات المحكمة التي تستخدمها الميليشيا لتمرير الأحكام بحق خصومها.
وحسب ما نشرته وسائل اعلام الميليشيا ورصده محرر "المصدر أونلاين" فقد توسعت مسيرة الاستيلاء الحوثية على العشرات من منازل المواطنين في العديد من مديريات الأمانة ومحافظة صنعاء خلال فبراير ومارس.
وتُنفذ سلطة الميليشيا حملات السطو على ممتلكات المواطنين بواسطة لجنتين "رئيسية"، و"مركزية" استحدثتها الجماعة وكلفتها بـ "اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتورطين في الخيانة"، حسب وصف اعلام الحوثيين.
وفي الغالب يحضر حملات مصادرة المنازل مشايخ وقيادات حوثية وزعتهم الميليشيا على السلطات القضائية والأمنية (بما فيها المخابرات) والعسكرية، بالإضافة الى عقال الحارات ومشرفي المربعات بكل مديرية.
ويمهل الحوثيون من يصفونهم بـ "المتورطين في الخيانة" عشرة أيام (من تأريخ السيطرة على ممتلكاتهم)، "لمراجعة حساباتهم والعودة إلى جادة الصواب وصف الوطن والاستفادة من قرار العفو العام".
وفي الثالث والعشرين من شهر فبراير الفائت، دشنت سلطة الميليشيا في محافظة ذمار مرحلة جديدة لمصادرة ونهب ممتلكات خصومها في مديريات المحافظة. وقال بلاغ لوزارة الداخلية التابعة للميليشيا، إن "اللجنة الرئاسية المكلفة باستكمال الإجراءات القانونية بحق المتورطين في الخيانة" دشنت "مهام الحجز التحفظي على ممتلكات المرتزقة المنخرطين في صفوف العدوان من أبناء ذمار" في إشارة إلى خصوم الميليشيا ومن انضموا للقتال في صفوف الحكومة الشرعية ضد ميليشيا الانقلاب.
وتجاوز عدد المنازل الذي تمت مصادرة خلال الفترة الأخيرة في مديرات ذمار 19 منزلا، حسب ما أفادت مصادر محلية وحقوقية "المصدر أونلاين"، بينها منزل الشيخ "يحيى بن ناجي القوسي"، والد اللواء "فضل القوسي" قائد قوات الأمن المركزي في فترة حكم الرئيس السابق، بمديرية "الحدا"، ومنزل والد العميد في القوات الحكومية "علي الفلاحي"، في ذات المديرية.
ومن مديرية "جبل المحويت" دشنت سلطة الميليشيا في محافظة المحويت في 23 فبراير الماضي حملة المصادر بحق المناوئين للجماعة.
اما في تعز فقد دشنت الميليشيا إجراءاتها في المديريات الخاضعة لسيطرتها، وبدأت عمليات مصادرة أملاك المواطنين المعارضين لها من مديرتي التعزية وخدير.
وفي محافظة صعدة كانت البداية بتأريخ 26 فبراير، حيث صادرت الميليشيا العديد من المنازل والأراضي والمزارع والممتلكات التابعة للمواطنين المعارضين للجماعة بينهم "محمد شبيبة"، و"هادي طرشان" و"عبد القادر شويط"، وهو ما نشرته وكالة "سبأ" الحوثية.
ومطلع شهر مارس الجاري قالت مصادر محلية لـ "المصدر أونلاين"، إن ميليشيا الحوثي نفذت حملات صادرت بموجبها منازل وأملاك عدد من القادة العسكريين والمدنيين بينها منزل والد العميد "عدنان العيزري" قائد اللواء 122مشاه في الجيش الحكومي.
وأكدت المصادر أن عدداً غير قليل من المنازل تعرضت للاقتحام والمصادرة في مديريات مختلفة بالمحافظة، التي تعد المعقل الرئيسي للميليشيا المدعومة من إيران.
وتقول ميليشيا الحوثي إن هذه الاجراءات ستشمل كل من تصفهم بـ "الخونة الذين لا يزالون في صف العدوان"، ما يعني أن منازل وأراضي وممتلكات الملايين من المواطنين ستتعرض للمصادرة من قبل سلطة الانقلابين سواءً ممكن كانوا في مناطق سيطرتها او ممن فروا الى المحافظات المحررة.
ووفق قيادات الميليشيا ووسائل الاعلام التابعة لهم فإن إجراءات المصادرة بحق المعارضين ستتوسع خلال الأسابيع القادمة في عموم المديريات والمناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وتتواصل حملات السطو الحوثية على الممتلكات الخاصة، في ظل صمت مطبق على تلك الانتهاكات من قبل المنظمات الدولية والأممية، على الرغم من إقرار الميليشيا بتلك الممارسات الممنهجة عبر وسائل اعلامها المختلفة.
ويوم الأحد الماضي الموافق 7 مارس دشنت السلطة المحلية التابع للميليشيا في محافظة عمران حملة مصادرة ممتلكات المناوئين للجماعة من وسط المدينة، وذلك عقب يومين من اجتماع لها لمناقشة إجراءات السطو على المنازل والعقارات.
وتعليقاً على الإجراءات الحوثية قال وكيل محافظة عمران "أحمد البكري" إن "ما قامت به مليشيات الحوثي من مصادرة ونهب للمنازل انما هو اعلان هزيمة وفشل".
واضاف البكري في تصريح لـ "المصدر أونلاين"" يظنوا انهم بمصادرة البيوت أو الممتلكات سوف يؤثرون على النفوس بعد استخدامهم كل الوسائل ضد الأحرار لإثنائهم عن معارضتهم ومواجهتهم وهذا مستحيل ".
وأكد أن "هذا الاسلوب لا يوثر سوى في العبيد ويستعمله ايضا العبيد كونهم يرون في ذلك تأثير على النفسيات واخضاع الناس لهم".
وأوضح الوكيل البكري أن ذلك الاسلوب لم يؤثر عليه قائلاً "ما يقومون به هو دليل عملي على حقارتهم وضعفهم" مختتماً تصريحه "كل شيء يرخص ويهون في سبيل الأوطان".
وفي السابع من الشهر الجاري دشن الحوثيين عمليات الاستحواذ على ممتلكات المواطنين في محافظات الحديدة، وستشمل حملتهم جميع المديريات الخاضعة لسيطرتهم حسب قولهم.
وكسابقتها بدأت سلطة الميليشيا في محافظة البيضاء يوم الثلاثاء الماضي حملات مصادرة واسعة بحق المواطنين المعارضين للجماعة.
وتأتي إجراءات الحجز على الممتلكات الخاصة والمنازل في مختلف مدن ومديريات الميليشيا تمهيداً لعميات نهب تلك الأملاك من قبل سلطة الميليشيا بحق المعارضين للجماعة، وهو ما أكده المحامي "عبد المجيد صبرة" في تصريح سابق لـ "المصدر أونلاين"، الذي قال إن الغرض من الحجز التحفظي في قانون الإجراءات الجزائية إجبار المتهم على حضور إجراءات المحاكمة فقط، لكن ما يتم في الواقع من قبل الحارس القضائي هو تملك كامل لأموال الشخص المحجوز عليه والتصرف فيها تصرف المالك.
وشهد قطاع العقارات في اليمن خلال السنوات الأخيرة ازدهارا استثنائيا مقارنة بسنوات بداية الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع على التوالي، الأمر الذي يجعل سلطات الميليشيا تسعى لنهب أكبر قدر ممكن من الأراضي والمنازل والمزارع والأملاك الخاصة، وذلك لما يشكله هذا القطاع من مردود مالي كبير مقارنة بغيره من القطاعات.