2015-02-02 الساعة 08:21ص (يمن سكاي - البيان الاماراتية)
بدأت العملية وكأنه مخطط لها عن سابق عمد وتصميم. أو هكذا بدت. يدخل الحوثيون إلى صنعاء بدون ضجة ولا اعتراض مسموع. اكتفت واشنطن بإسداء النصائح الداعية للهدوء والحوار. ثم يُقصف القصر الجمهوري ويغادره الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. يقتصر رد الفعل الأميركي على ما دون الإدانة. تكتفي الإدارة بمتابعة التطورات واستمرار التواصل مع هادي على أساس أنه «الرئيس الشرعي» للبلاد، كما كررت الناطقة الرسمية في الخارجية.
واللافت أكثر ان واشنطن نأت عن تصنيف العملية في خانة الانقلاب. بقيت تتهرب من تعريفها بهذا الاسم. مع أن طريقة إخراج الرئيس ينطبق عليها تعريف الانقلاب. فضلاً عن أن واشنطن تعتبره الحليف المفضل في الحرب على القاعدة في اليمن. بالرغم من ذلك بقي خلعه مسألة فيها نظر. جرى التعاطي مع الاطاحة به كمدخل لمشاركة الحوثيين في الحكم. الأمر الذي طرح التساؤل حول وجود اتصالات أميركية معهم.
في البداية نفت الخارجية، في ردها على سؤال «البيان»، وجود أي علاقة مع الحوثيين. ولو بالواسطة. ثم تراجعت في اليوم التالي واعترفت مداورة حين كشفت بأنها على اتصال مع كافة الأطراف اليمنية. وفي النهاية أكدت ما حاولت نفيه بعدما صار من المتعذر حجبه. زعمت أنها قامت بفتح خطوط مع الطرف الحوثي، في سياق السعي لترتيب مخرج سياسي للأزمة، يقوم على المحاصصة في الحكم.
تسويق الدور
في تسويقها لهذا الدور، تقول مصادر الإدارة إن تركيزها في الساحة اليمنية يبقى على تنظيم القاعدة، باعتبارها أولوية. ومن هذه الزاوية فإن العمل لتعويم الحكومة المركزية في صنعاء يبقى بمثابة ضرورة لصون وحدة البلد الذي يؤدي تفتيته إلى أرضية خصبة لتحويله إلى قاعدة لـ«القاعدة». علاوة على ذلك، إن من شأن التحاور ولو غير المباشر مع الحوثيين، أن «يحول دون تصادم العناصر العسكرية الأميركية معهم». يضاف إلى ذلك، أن الحوثيين يمكن الاستعانة بهم في المواجهة مع القاعدة لكونهم على عداء معها.
لكن مع وجاهة هذه الأسباب، تبدو المسألة أبعد من ذلك. فقد اشارت تسريبات منسوبة إلى مسؤولين معنيين بالموضوع، بأن الاتصالات مع الحوثيين ترجع إلى ما قبل التطورات الأخيرة. بدأت بصورة تمرير معلومات لهم عن القاعدة، منذ أواخر العام الماضي.
هنا يبرز السؤال: لماذا الاستعانة بالحوثيين في الوقت الذي كانت فيه حكومة الرئيس هادي تتعاون على أفضل ما يكون مع واشنطن وباعتراف هذه الأخيرة، في مطاردة القاعدة في اليمن؟ ثم هل التعاون معهم بأي صورة ومهما كانت مسوغاته، هو أي شيء سوى انحياز إلى الطرف المدعوم من إيران في الأزمة اليمنية؟
مدّ الجسور بين واشنطن والحوثيين، يستبطن مثل هذا الانحياز. أو هو يؤدي عملياً إليه. فيه ملامح صارخة من السيناريو العراقي. ومثله ينطوي على صواعق تفجير أهلي. الإدارة الأميركية لديها الآن أولوية ضاغطة تتمثل في قضية النووي الإيراني.
تراهن على صفقة بشأنه. ولم يعد سراً أن الصفقة لها ملحقات وتوابع إقليمية، تشكل جزءا منها. ما عاد الثمن فك عقوبات فقط عن إيران. صار دفتر الشروط أوسع. وهنا يكمن المأزق والخطورة في آن. والوضع اليمني جزء من هذا المشهد الذي بات محكوماً بحسابات النووي ومفاوضاته، من الجانبين الأميركي والإيراني. وبذلك تحول كغيره من الساحات المتفجرة أو الواقفة على شفا التفجير، إلى ورقة في بازار أكبر منها.