2015-05-19 الساعة 04:01م (يمن سكاي - متابعة خاصة)
يخشى حقوقيون بمدينة عدن اليمنية أن يطوي النسيان "المجزرة" التي ارتكبها الحوثيون بحق النازحين بمنطقة التواهي، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين بعد أن أطلقت مليشياتهم المدعومة من قوات المخلوع علي صالح نيران أسلحتها عليهم.
"كانت جريمة مروعة" هكذا يصف أحد الناجين من مجزرة منطقة التواهي في مدينة عدن، التي قتل فيها عشرات النازحين، عقب إطلاق مليشيا الحوثي المدعومة من قوات الجيش الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، قذائف المدفعية عليهم، بعدما فروا من بيوتهم إلى مرفأ الموانئ بالمدينة.
ويروي صالح عبد الله هادي (37 عاما) للجزيرة نت تفاصيل خروجهم "بأعجوبة" قائلا "كانت هناك عشرات الأسر ممن فروا من مساكنهم في حالة زحام شديد على مرفأ التواهي تنتظر قدوم قوارب الصيادين لنقلهم إلى مكان آمن، أملاً في النجاة من الموت، لكن قذائف هاون أطلقها الحوثيون حالت دون تحقيق البعض منهم تلك الأمنية".
وأضاف "كنت ضمن ركاب أحد القوارب التي قدمت من البريقة للمساعدة في عملية إجلاء الأُسَر، وفور وصولنا سقطت علينا ثلاث قذائف هاون أطلقها الحوثيون تباعاً باتجاه المرفأ، أخطأت الأولى هدفها، بينما سقطت الثانية بالقرب من قارب كان يقل نازحين باتجاه منطقة البريقة، الواقعة تحت سيطرة المقاومة".
قصف مكثف
وتابع هادي "جاءت القذيفة الثالثة لتحصد عشرات الضحايا، فأصابت بشكل مباشر تجمع النازحين بالمرفأ وسط حالة من الصراخ والرعب، ورأيت أطفالاً ونساء سقطوا قتلى وجرحى وبعضهم مات غرقاً، قبل أن يغمى عليَّ من جراء الإصابة".
ويخضع الرجل حالياً للعلاج بمستشفى مصافي عدن بمديرية البريقة بعد إصابته بشظية في أسفل الظهر خلال تلك المجزرة التي وقعت قبل أكثر من أسبوع، وتضاربت الأنباء بشأن عدد الضحايا بعدما مُنع الصحفيون والنشطاء حينها من القيام بتوثيقها.
وكانت المليشيات الحوثية اقتحمت منطقة التواهي بعد أسابيع من الحصار الشديد، وقال الباحث في القانون الدولي الإنساني نبيل الصانع، أحد السكان النازحين من المنطقة، إن الحوثيين استخدموا أكثر من ١٢ دبابة والعديد من العربات المصفحة وقوة راجلة تزيد على ثلاثمائة جندي بعملية الاقتحام، وكثفوا خلالها إطلاق نيران أسلحتهم.
وأكد أن قتل النازحين بمرفأ التواهي "تم خلال عملية الاقتحام وبطريقة متعمدة لغرض إرهاب السكان وثنيهم عن النزوح والخروج من المدينة" حتى يجعلوا منهم دروعاً بشرية تقيهم ضربات طيران التحالف ويتم استخدامهم للضغط على المقاومين".
واعتبر أن ما حدث "جريمة إنسانية مكتملة الأركان، حيث خلفت نحو سبعين قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، بينهم أسر أبيدت بالكامل، فضلاً عن ضحايا آخرين ما يزال مصيرهم مجهولاً".
صعوبة التوثيق
من جانبه، أشار رئيس مؤسسة آفاق للتنمية وحقوق الإنسان وعضو منظمة العفو الدولية، بسام القاضي، إلى تضارب الأرقام بشأن عدد ضحايا المجزرة وصعوبة التوثيق.
وقال للجزيرة نت "هناك عدد من المنظمات الحقوقية المحلية ووسائل الإعلام تحدثت عن سقوط أكثر من ثمانين نازح من المدنيين في الحادثة".
وأضاف "حتى الآن لم نقف على عدد معين للضحايا كوننا لم نستطع الوصول إلى الناجين من المجزرة، عدا شخصين أحدهما طفل، ولم تكن لهم معرفة كاملة بما جرى لهم، لكن ما تم توثيقه عن عدد الضحايا بلغ العشرات لأن هناك الكثير من المفقودين على إثر هذه المجزرة المروعة".
وأجمع نشطاء حقوقيون على وجود صعوبات في توثيق تلك الجرائم التي ترتقي إلى كونها جرائم حرب ضد الإنسانية، لكنهم أكدوا عزمهم مواصلة رصد وتوثيق ضحايا الجريمة من خلال إفادات الناجين الذين يسعون جاهدين للوصول إليهم، رغم الصعوبات التي تواجههم، وفقدان الوسائل التي تمكنهم من ذلك، وقال أحدهم "عدن تعيش عزلة عن العالم وسط وضع إنساني كارثي".
المصدر: الجزيرة