2024-06-03 الساعة 10:09م
أدانت منظمة سام للحقوق والحريات، في بيان صدر مؤخراً، أحكام الإعدام التي أصدرتها السلطات الحوثية بحق 45 يمنياً، واعتبرت تلك الأحكام دليلاً على حجم الخلل الجسيم الذي يعتري المنظومة القضائية في اليمن، وكيفية استخدام الحوثيين القضاء كوسيلة للقمع وتصفية الحسابات السياسية.
أوضحت المنظمة ومقرها جنيف، أن المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين أصدرت هذه الأحكام في الأول من يونيو 2024، بتهم متعددة منها التخابر مع دول "العدوان السعودي الإماراتي"، ورفع إحداثيات، والمشاركة في خلايا اغتيالات استهدفت شخصيات وقيادات حوثية. وأشارت سام إلى أن هذه الأحكام تأتي في سياق استخدام القضاء لتصفية الحسابات السياسية وقمع المعارضين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
نقل البيان عن محامي المتهمين، عبد المجيد صبرة، أن المعتقلين تعرضوا لأشد أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وظلوا مخفيين قسراً في زنازين انفرادية لمدة تسعة أشهر، منها ثلاثة أشهر في ذمار والبقية في صنعاء. وخلال هذه الفترة، حُرم المعتقلون من الزيارة والاتصال والرعاية الصحية، ولم تكفل لهم المحكمة الحق في محاكمة عادلة.
وأضاف المحامي صبرة أنه اضطر للانسحاب من القضية في بداية جلسات المحاكمة، نظراً لأن المحكمة لم تمكنه من الحصول على صورة كاملة من أوراق القضية ولم تقدم أي دفوع عن المعتقلين نتيجة لذلك. وأشار إلى أن جماعة الحوثي تستغل هذه المحكمة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب قضايا إنسانية.
ذكرت سام أن الضحايا الذين صدر بحقهم حكم الإعدام اعتقلوا في شهري أبريل ومايو من عام 2020، من محافظات متعددة أبرزها صنعاء وذمار وعمران، وتعرضوا لتعذيب قاسٍ. ولفتت إلى أن من بين المتهمين مدير شركة "برودجي سيستمز"، المهندس عدنان علي حسين الحرازي، الذي قضى منطوق الحكم الصادر بإعدامه ومصادرة شركته وأمواله بتهم ملفقة تتعلق بالتخابر مع دول أجنبية.
أورد البيان تفاصيل إضافية عن خلفية الواقعة، حيث قامت مليشيا الحوثي بإغلاق شركة "برودجي سيستمز" التي تعمل كوسيط بين منظمات الإغاثة الدولية والمجتمع المحلي في 11 يناير 2023، ونهبت كافة الكمبيوترات والسيرفرات التي تضم معلومات عن النازحين والمتضررين من الحرب في مختلف المحافظات. ووفقاً للمعلومات، حصلت الشركة على آخر تصريح من المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل يومين من عملية الاقتحام.
قال أحد الخبراء القانونيين في تصريح لمنظمة سام، تعليقاً على حكم المحكمة في قضية "عدنان الحرازي"، إن المحكمة حكمت ببراءة "الحرازي" من التهمة الأولى، فيما كانت الثانية تهمة ملفقة، مشيراً إلى أن الحرازي وقع ضحية لمواجهته قوى الفساد ورفضه مساوماتها، وتقديمه ملف لهيئة مكافحة الفساد، مما أدى إلى تلفيق التهم له وإغلاق شركته والاستيلاء عليها بالقوة.
وأكد الخبير القانوني أن تلك الادعاءات قد تم تفنيدها جميعها من قبل فريق الدفاع عن الحرازي، مشيراً إلى أن شركة "برودجي سيستمز" كانت تقوم بأعمال الرقابة كطرف ثالث على مشاريع إنسانية، وأن التعامل مع البنك الدولي والمنظمات الدولية لا يعد تخابرًا إذا تم في إطار الأعمال المكلفة بها الشركة.
وصف أحد أقرباء المعتقل "عدنان الحرازي" الحكم بالجائر، مؤكداً أنه صدر عن قضاة فاسدين ومتنفذين، ولم يستند إلى أي دلائل أو حيثيات يمكن أن تشكل ولو أدنى إدانة للمتهم.
استعرضت سام في بيانها إفادات عدة، منها إفادة الدكتـور يحيى يحيى محمد المتوكل، أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، حول الاتهامات الموجهة لشركة برودجي، مؤكداً أن مشاريع الشركة تتم ضمن تراخيص وتصاريح من الجهات المعنية، ولا تعد تخابراً بل عملاً في خدمة الاقتصاد الوطني.
وقالت المنظمة إنها تعتقد أن أحكام الإعدام الحوثية قد صدرت بإجراءات موجزة ويمكن إطلاق وصف الإعدام التعسفي عليها، بإهدارها الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة المطبقة في النزاعات المسلحة و/ أو الظروف العادية، فحرم المحتجزون من الحق في المساواة مع الآخرين إذ يُعامل عضو النيابة مثلاً باعتباره يمثل الحركة الحوثية، وصودر حقهم في الدفاع و/ أو الاطلاع على الأدلة والاستعانة بمحام أو التواصل معه حال توفره ورفض مطالبهم بالتحقيق في التعذيب وأخذ الاعترافات بالإكراه، إلى جانب معاملتهم كمدانين بدلاً من افتراض البراءة.
وأضافت: علاوة على ذلك، فقد تم إهدار حقهم في المثول أمام محكمة مستقلة ومحايدة ومشكّلة وفق القانون، حيث صدرت الأحكام من محاكم توصف إجراءاتها بالطابع الاستثنائي ويغلب على قضاتها الولاء السياسي؛ فالمحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة للحركة أصدرت أحكاما من هذا النوع، وهي منعدمة الولاية بعد نقلها إلى مأرب في إبريل 2018 من مجلس القضاء التابع للحكومة المعترف بها، ولا قيمة لأحكامها أمام القانون وأحكامها بالإعدام التي نُفذت تُعد قتلاً خارج القانون.
وأعربت "سام" عن إدانتها واستنكارها الشديد للحكم الصادر بحق المتهمين، بما فيهم المهندس "عدنان الحرازي"، مشيرةً إلى أن إجراءات محاكمة المتهمين، جاءت بدوافع سياسية وشابتها ثغرات قانونية جسيمة، إذ استندت الاتهامات في المقام الأول إلى تهم كيدية ملفقة، ولم يتم تمكين المتهمين من حقوقهم القانونية، بما فيها توكيل محامٍ للدفاع عنهم، وهو ما يعطي دلالات واضحة بوجود نية وإصرار مسبق على إدانة المتهمين بجرائم لم يرتكبوها.
وختمت سام بيانها بدعوة جماعة الحوثي إلى التوقف عن ممارساتها التي تقوض المنظومة القضائية، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقل عدنان الحرازي دون قيد أو شرط، وإلغاء أحكام الإعدام بحق كافة المتهمين فورًا، مؤكدة أن هذه الممارسات تنتهك الحقوق الإنسانية وتقوض جهود السلام في اليمن.