أهم الأخبار

أطلقوا النار على محل جزارة لأنه يحمل اسم القبيلة.. بعد 60 عاماً على ثورة سبتمبر المليشيا تحيي وتعزز ثقافة التمييز الطبقي

2024-09-10 الساعة 07:07م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

لم تمر سوى ثلاثة أيام على افتتاح ملحمة "الدار" في منطقة مفرق جبلة جنوب مدينة إب، عاصمة المحافظة، حيث كان المستثمران (هشام غانم - جمال رزق) يقدمان عروضهما المغرية لكسب العملاء والرزق الحلال. غير أن القيادي الحوثي "بلال الدار" كان له موقف مغاير، نابع من ثقافة التمييز الطبقي والسلالي التي ثار عليها الشعب اليمني قبل ستة عقود.

القيادي "بلال الدار"، المعين من قبل المليشيا مديرًا لصندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب، وبعد أن شاهد محل بيع اللحوم يحمل اسم قبيلته، اشتاط غضبًا وأرسل مرافقيه مدججين بالأسلحة يوم أمس الأول في مهمة مستعجلة لا تقبل التأجيل، لإلزام مالكي المحل بإزالة اللوحة التي تحمل اسم المحل، مهددين إياهما بالسجن والقتل.

مصادر محلية وشهود عيان أكدوا أن عناصر القيادي الحوثي بلال الدار تعاملوا بعنصرية واستعلاء مقيت على مالكي المحل، ووجهوا لهما سيلًا من الشتائم المترافقة مع التهديد والوعيد. وبعد رفض طلبهم، أقدم أحد مسلحي المليشيا ويدعى "أشرف الدار" على إطلاق النار على اللوحة التي تحمل اسم "الدار"، في مشهد أثار الرعب والهلع.

وقد قوبلت عملية إطلاق النار والتهديدات بغضب من المواطنين الذين صادف وجودهم في المكان. حيث وجهت إحدى النساء التي كانت تشتري اللحم من مالك الملحمة سيلًا من الشتائم لأحد مسلحي المليشيا بعد إطلاقه النار على المحل.

"غزوة ملحمة الدار" ليست سوى واحدة من المشاهد المتكررة لمليشيا الحوثي، التي تؤكد الطبقية والسلالية التي تنتهجها وتواصل بعثها من جديد في أوساط المجتمع اليمني، الذي ثار عليها في سبتمبر 1962. وجاء الهجوم الأخير على "ملحمة الدار" بالتزامن مع شهر سبتمبر واحتفاء الشعب اليمني بثورته الكبرى التي كان من أهم أهدافها التخلص من الفوارق والامتيازات بين الطبقات المجتمعية.

وعملت مليشيا الحوثي، منذ انقلابها في 2014، على إحياء ثقافة التمييز الطبقي والسلالي بصورة لافتة ومتنامية، بشكل يتزايد عمّا كانت عليه خلال العقود الماضية، بعد أن ثار اليمنيون على تلك الثقافة في واحدة من أهم الثورات الإنسانية في التاريخ. حيث كان النظام الإمامي يرى الشعب من منظور طبقي سلالي بعيدًا عن المساواة والعدالة الاجتماعية. وكان أول أهداف الثورة "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات".

وكثيرة هي الشواهد والأحداث التي يراها اليمنيون من مليشيا الحوثي وهي تحيي ثقافة التمييز والطبقية في أوساط الناس، حيث تقوم فكرتها الرئيسية على السلالية، إذ تؤمن الجماعة بأحقية أسرة معينة بالحكم دون بقية الشعب، كإرث سلالي متوارث وحق إلهي قائم على فكرة ولاية "البطنيين".

وأعادت الحادثة للأذهان إجبار مليشيا الحوثي لصاحب محل لبيع اللحوم في مارس 2015 على تغيير اسم ملحمته التي كانت تحمل اسم "ملحمة أبو الحسن" في مدينة إب. وتعرض مالكها للتهديدات والوعيد بالسجن والقتل، مما اضطره لتغيير الاسم إلى "ملحمة أبو حسن".

كما ذكرت الحادثة باقتحام القيادي في مليشيا الحوثي أبو منتظر محمد عبيدان مراسم حفل زفاف شاب يدعى "غمدان محمد حسن النخلاني" في منطقة "دمنة نخلان" بعزلة "عميد الخارج" بمديرية السياني جنوب محافظة إب في أكتوبر 2019. حيث تم اقتحام منزل العريس وترويع النساء والأطفال وإفساد فرحة الأسرة وأبناء المنطقة بزفاف نجلهم. وكان قلب أم الشاب "غمدان النخلاني" يكاد يطير فرحًا بيوم انتظرته طويلًا، خاصة بعد أن ربّت ابنها يتيمًا منذ صغره بعد وفاة أبيه بحادث مروري في منطقة مفرق جبلة جنوب إب.

كان القيادي الحوثي "أبو منتظر" آنذاك في مهمة لإفساد فرحة الشاب غمدان النخلاني، الذي يعمل في مهنة "الحلاقة" لكسب رزقه منذ سنوات، حيث جمع المال لإنفاقه على والدته وأسرته، وادخر الباقي للزواج وتكوين أسرة جديدة. بفضل سمعته الطيبة في منطقته، تلقى التهاني والتبريكات، ولمس استعدادًا من المجتمع لمساعدته في ترتيبات الزواج كعادة الأرياف اليمنية. ولكن اللقب "النخلاني" الذي يحمله جلب له الويلات وحوّل يوم فرحته إلى كآبة بسبب الاقتحام والانتهاكات التي تعرض لها، ما أثار استياء واسعًا في المنطقة، التي قابلت التصرف بإحياء عرسه مجددًا في مشهد لم تعرفه المنطقة من قبل.

وفي حادثة أخرى تتعلق بثقافة التمييز الطبقي، شهدت قرية "ذودان" بمخلاف العود في مديرية النادرة شرق محافظة إب، حادثة مشابهة في فبراير الماضي. حيث منع أشخاص ينتمون إلى أسرة بني "فاضل" دفن مواطن يدعى "محمد مثنى المريطي" في مقبرة ذودان بمخلاف العود بنادرة إب، بحجة أنه لا ينتمي إلى أسرة عريقة وأنه يعمل في مهن دونية، في سلوك يتنافى مع القيم المجتمعية والشريعة الإسلامية والأعراف اليمنية.

وشهدت محافظة إب وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي خلال السنوات والأشهر الماضية حوادث مشابهة غلب عليها الممارسات الطبقية والمجتمعية، التي ترى الفوارق بين المواطنين كأحد أبرز السمات التي يتم التعامل بها مع الآخرين، سواء في قضايا الزواج أو الوفاة أو العلاقات الاجتماعية أو الوظيفة الرسمية والأهلية وغيرها من الممارسات المجتمعية اليومية.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص