2015-05-24 الساعة 03:40ص (يمن سكاي - متابعة خاصة)
انقسم الوسط السياسي المغربي حيال التعديل الحكومي الجديد الذي بدأت معه النسخة الثالثة من حكومة عبد الإله بنكيران، بين المعارضة التي اعتبرت التعديلات المتكررة منذ مجيء الحكومة دليلاً على "غياب رؤية حكومية واضحة"، والغالبية التي وجدت في ذلك "أسلوباً ديمقراطياً راقياً".
وبدأت حكومة عبدالإله بنكيران في صيغتها الثالثة عملها، بعدما عزز التشكيلة الحكومية أربعة وزراء جدد، وهم خالد برجاوي، وإدريس مرون، من حزب "الحركة الشعبية"، وجميلة مصلى وعبد العزيز عماري، من حزب "العدالة والتنمية"، فيما تم استبدال حقيبة وزير خامس بحقيبة أخرى.
وحل مرون في وزارة التعمير، في حين شغل برجاوي مهمة وزير منتدب لدى وزير التربية والتكوين المهني، بعد اندلاع ما سمي بفضيحة "الشوكولاتة" التي طالت الوزير السابق من نفس الحزب عبد اللطيف الكروج، كما خلف عماري زميله الحبيب شوباني في وزارة المجتمع المدني، وجميلة مصلي خلفت سمية بنخلدون، بعد اندلاع قضية "الزواج الحكومي".
ويأتي التعديل الوزاري الجديد بعد تعديل سابق جرى بسبب انسحاب حزب "الاستقلال" من الائتلاف الحكومي، جراء خلافات سياسية حادة بينه وبين رئيس الحكومة، فتم تعويض وزراء هذا الحزب بوزراء حزب "التجمع الوطني للأحرار"، لتسمى حينها حكومة بنكيران الثانية.
غياب الرؤية
وانتقدت أحزاب المعارضة "مسارعة رئيس الحكومة إلى إجراء التعديل الوزاري داخل تشكيلته الحكومية التي يقودها منذ يناير/كانون الثاني 2012"، معتبرة أن ثلاث نسخ من الحكومة في ولاية واحدة معطى يدل على أن الائتلاف الحكومي غير منسجم، ويعتريه العديد من الشوائب التي تطيح بوزرائه في كل مرّة.
وقالت القيادية في حزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض، ميلودة حازب، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ينعدم لديها أي مخطط استراتيجي تسير وفقه، ما يجعلها تخبط خبط عشواء، وكل وزير يتصرف كما يحلو له، فتندلع الفضائح تلو أخرى، لينتهي الأمر بالتعديل الحكومي".
وزادت حازب بأن هناك مثل مغربي يقول "إذا سقط الرجل في الساحة، فاعلم أنه من الخيمة خرج مائل"، مضيفة أن هذا حال الائتلاف الحكومي الذي بدأ منذ تعيينه "مائلاً" لا يمتلك مقومات الاستمرار، "فجاءت النسخة الثانية للحكومة دون أن تصلح ما سبق، ثم تتكرر نفس الأخطاء، وتلقى ذات المصير بنسخة ثالثة من الحكومة"، على حدّ تعبيرها.
تمرين ديمقراطي
غير أن أحزاب الغالبية رأت أن التعديل الحكومي الجديد عبارة عن "تمرين ديمقراطي" تعيشه البلاد، وأنه يأتي تجاوباً مع الرأي العام في العديد من الملفات التي واكبت إعفاء عدد من الوزراء، علاوة على انسجامه مع الدستور المغربي في فصله السابع والأربعين.
واعتبر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم أن التعديل الحكومي "يؤكد انفتاح الحكومة على اللحظة السياسية بنفس إيجابي، وينتصر لمنطق المحاسبة، ويميل إلى التفاعل مع الرأي العام"، مبرزاً أن التعديلات الحكومية "ثقافة سياسية جديدة في المشهد السياسي المغربي".
وأورد الحزب نفسه بأن استقالة وزيرين من صفوفه، من الحكومة، وإعفاء وزيرين من حزب آخر، دليل على ما سماه "الانتصار للمصلحة العامة، وإيثار لها على المنصب الحكومي وامتيازاته، خلاف ما كان في السابق بتفضيل الكرسي الحكومي على ما عداه".
ضغوط شعبية
ويعلق الباحث في الشأن السياسي، عبد الرحيم العلام، على هذا السجال بين الطرفين، ويعتبر أن التعديل يدخل ضمن الإجراءات الاستثنائية التي تهدف إلى تدارك بعض الاختلالات التي واكبت العمل الحكومي، ومواجهة الانتقادات التي تعرض لها الوزراء.
ورجح العلام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكون الحكومة المغربية "قد خضعت للضغوط الشعبية، إذ لم يكن بمقدور رئيس الحكومة، والمؤسسة الملكية الاستمرار في إنكار الواقع، لذلك جاءت إقالات الوزراء سريعة، وتعيين البدلاء بشكل أسرع".
وتابع المحلل: "هذه هي المرة الأولى في تاريخ المغرب، التي تتم فيها الاستجابة إلى المطالب الشعبية لإقالة بعض الوزراء"، موضحاً أنه "تعديل يحمل في طياته عملاً سياسياً بامتياز، كونه جاء للتخفيف من وطأة الاحتجاجات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي".
أما عن مستقبل الحكومة، فاعتبر العلام، أنه لن يكون لهذا التعديل أثر كبير، "بل سيستمر العمل السياسي العادي، وإن كانت هناك بعض الملاحظات بدأ الرأي العام يسجلها حول التعديل الحالي، والتي ستصاحب الحكومة في نسختها الثالثة، منها وزير شغل ثلاث وزارات في ظرف 3 سنوات ونصف".
وسجل المحلل أن الحكومة لا تزال تعاني من التضخم في عدد أعضائها (40 وزيرا) رغم دعوات التقشف التي تطلقها الحكومة، مضيفاً أنه "لم يكن من الضروري تعيين 4 وزراء جُدد في الحكومة الحالية، بل كان بالإمكان تقليص عدد الوزراء، ودمج بعض القطاعات المتشابهة".