2025-05-11 الساعة 11:25م
أصدرت محكمة الأموال العامة الابتدائية في العاصمة المؤقتة عدن، اليوم الأحد، حكمًا قضائيًا بشأن ملكية عدد من القطع الأثرية اليمنية المهربة والموجودة في عدد من الدول الأوروبية، وأكدت فيه أحقية الجمهورية اليمنية في استردادها.
وجاء الحكم خلال جلسة علنية ترأسها القاضي سامي باعباد، رئيس المحكمة، وبحضور أمين سر المحكمة هناء دبان، في القضية رقم (93 لسنة 1446هـ)، المرفوعة من النيابة العامة ضد كل من الهيئة العامة للآثار والمتاحف، ووزارتي الخارجية، والثقافة والسياحة، للمطالبة باستعادة آثار يمنية تم تهريبها خارج البلاد.
واستعرضت المحكمة في حيثيات الحكم الأدلة القانونية والتقارير الفنية المقدمة من خبراء آثار، إلى جانب القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية التراث، والتي أكدت جميعها ملكية اليمن للقطع الأثرية التي تم تهريبها إلى كل من إسبانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وسويسرا، ودول أخرى.
وقضى منطوق الحكم بثبوت ملكية الجمهورية اليمنية لتلك القطع الأثرية، وإلزام الجهات الحكومية المعنية بالتنسيق فيما بينها لاستعادتها وتسليمها إلى الهيئة العامة للآثار والمتاحف في عدن، لحفظها وصيانتها ضمن متاحف العاصمة المؤقتة، تحت إشراف ومتابعة من النيابة العامة.
كما ألزم الحكم الهيئة بتحديث قاعدة بياناتها الخاصة بالآثار المفقودة والمهربة خلال سنوات الحرب، وإصدار نشرات رسمية لتعريف الرأي العام بتلك القطع، إلى جانب نشر الحكم في وسائل الإعلام لرفع الوعي المجتمعي بأهمية حماية الإرث الثقافي اليمني.
وشددت المحكمة على شمولية الحكم بالنفاذ المعجل، مع إعادة ملف القضية إلى النيابة العامة للتصرف وفقًا للقانون، في خطوة اعتُبرت سابقة قضائية مهمة لتعزيز حماية التراث الوطني واسترداد المسلوب منه.
وفي تصريح خاص لـ"المصدر أونلاين"، قال مدير عام مكتب الهيئة العامة للآثار والمتاحف بعدن، محمد أحمد السقاف، إن إصدار محكمة الأموال العامة حكمًا قضائيًا باتًا بشأن ملكية واسترداد الآثار اليمنية المهربة، جاء استجابة لمتطلبات قانونية فرضتها السلطات القضائية في إسبانيا، والتي اشترطت وجود "حكم قضائي نهائي" كشرط أساسي للتعاون في إعادة القطع الأثرية المضبوطة لديها.
وأوضح السقاف أن النيابة العامة تقدّمت بدعوى قضائية ضد الهيئة العامة للآثار والمتاحف، كمدخل قانوني لإثبات ملكية اليمن لتلك الآثار، وذلك على خلفية ما اعتبرته الجهات القضائية تقصيرًا في تقديم بيانات شاملة حول القطع المهربة.
وأشار إلى أن الهيئة قبِلت الدعوى من حيث المضمون لكنها رفضتها من حيث الشكل، كون استعادة الآثار من المهام الأساسية التي تُكلَّف بها الهيئة قانونيًا بموجب قانون الآثار رقم 21 لسنة 1994 وتعديلاته بالقانون رقم 8 لسنة 1997.
وأضاف أن منطوق الحكم أشار إلى مجموعة من القطع الأثرية المهربة والمضبوطة في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا، مع التنويه إلى وجود آثار أخرى منتشرة في دول لم تشملها الدعوى المرفوعة من نيابة الآثار.
ولفت السقاف إلى أن تلك القطع تنتمي لحقب تاريخية متنوّعة، تعود إلى ما قبل الميلاد وبعده، وتشمل آثارًا قتبانية وسبئية ومعينية وحميرية، وهي موزعة على عدد من المتاحف والمؤسسات الثقافية الأجنبية.
وختم السقاف بالإشارة إلى أن الهيئة تعمل في ظروف استثنائية ومعقّدة تعيق أداءها الكامل، ومع ذلك فهي تبذل جهودًا حثيثة لحماية واستعادة التراث اليمني المهرَّب، بالتنسيق مع الجهات الوطنية والدولية المعنية.
ويُعد الحكم الصادر عن محكمة الأموال العامة في عدن الأول من نوعه في تاريخ القضاء اليمني، من حيث إلزام الحكومة، ممثلةً بوزاراتها وهيئاتها المعنية، باتخاذ خطوات قانونية ودبلوماسية لاستعادة الآثار اليمنية المهربة إلى الخارج، وتحديد المسؤوليات بدقة بين وزارة الخارجية والثقافة وهيئة الآثار.