2025-05-27 الساعة 12:40ص (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
بعد عقود من المعاناة في كفالة أربعة أبناء من ذوي الإعاقة وسط ظروف إنسانية قاسية وتجاهل تام من الجهات الرسمية والمنظمات.. أنهت امرأة خمسينية حياتها بإلقاء نفسها في بئر مهجورة، نهاية الأسبوع الماضي، في قرية السلطنة بمنطقة الخبت شمال مديرية موزع غربي محافظة تعز.
وقال أحد أهالي القرية لـ"المصدر أونلاين" إن المرأة، وتدعى "سعيدة راجح عبدالله عوض" (في العقد الخامس من عمرها)، خرجت من منزلها المبني من القش عند الصباح متوجهة سيراً على الأقدام نحو بئر مهجورة تبعد نحو كيلومترين عن القرية.
وأضاف: هناك أقدمت على الانتحار، بعد أن تركت حذاءها عند فوهة البئر، في رسالة صامتة تحكي اليأس الذي وصلت إليه.
وتابع المصدر أن الأم كانت قد تحدثت قبل أيام من الحادثة عن نيتها الانتحار، وعبرت عن ضيقها من استمرار المعاناة والعجز عن توفير احتياجات أولادها الأربعة الذين يعانون من إعاقات حركية ناتجة عن ضمور في الأطراف السفلية، مشيراً إلى أنها صامت وإياهم ليومين قبل أن تقرر إنهاء حياتها.
وسعيدة، أرملة منذ أكثر من 25 عاما، عرفت في قريتها بأنها كانت أماً وأباً في آنٍ، إذ كانت تعيل أبناءها الأربعة بعد وفاة زوجها، ورغم مرضها بالقلب وغياب أي مصدر دخل ثابت، واصلت العمل في جمع الحطب وغسل الملابس في البيوت المجاورة لتأمين لقمة العيش.
المنزل الذي كانت تعيش فيه العائلة لا يكاد يقي من حرارة الشمس ولا أمطار الشتاء وفق المصدر، وكانت تسكنه وحيدة إلى جانب الأبناء.
ومع تقدمها في السن، أصبحت الأم غير قادرة على رعاية أولادها كما كانت تفعل سابقاً خاصة في تنظيفهم وتلبيسهم وقضاء حاجاتهم اليومية.
وبحسب المصدر، فإن الأبناء الأربعة لم يعرضوا على أي مركز طبي أو رعاية متخصصة، ولم تتلق الأسرة أي دعم من جهة رسمية أو منظمة إنسانية، رغم تسجيلهم ضمن مستفيدي برنامج الغذاء العالمي، الذي يوفر لهم مواد غذائية محدودة لا تفي بالحاجة.
ويضيف المصدر أن أكبر الأبناء "أحسن"، وهو الوحيد الذي يستطيع الحركة، يخرج يومياً "يطلب الله" ويكافح على لقمة العيش لتأمين حاجات إخوته، فيما يعيش البقية حالة من الشلل الكامل دون رعاية طبية أو دعم إنساني.
"سعيدة لم تكن تعاني من أي اضطراب نفسي، لكنها عانت من القهر والحرمان وتراكم المسؤولية"، يقول أحد جيرانها، مضيفاً "كانت قد قالت قبل أيام أنها تريد الانتحار وإنها ستلقي بنفسها في البئر، وها هي فعلت".
وفي مجتمع يرزح تحت وطأة التفاوت الطبقي تنتمي أسرة سعيدة لما يعرف بالمهمشين شريحة سكانية تعاني من التمييز والإقصاء منذ عقود، وهو ما يفاقم عزلتها عن الخدمات والمساعدات وفرص الحياة الكريمة.
واليوم، يواجه الأبناء الأربعة مصيرهم بمفردهم في منزل بلا دخل وسط صمت مؤلم من الجهات المختصة وغياب أي تدخل طارئ ينقذ ما تبقى من هذه العائلة المنكوبة.