2025-05-28 الساعة 12:08ص (يمن سكاي - يمن شباب)
في مقال رأي نُشر بموقع ذا هيل الأميركي، قدّم الكاتب والطبيب المتخصص في العلاقات الدولية، عمران خالد، تحليلاً حادّاً لاتفاق وقف إطلاق النار بين إدارة ترامب وجماعة الحوثي، مشيراً إلى ما اعتبره "مفارقة دبلوماسية" تجسدت في إشادة رئيس أمريكي بـ"شجاعة" مقاتلين كان جيشه يحاول سحقهم قبل أسابيع فقط.
يصف الكاتب في مقاله، الاتفاق، الذي تم بوساطة عُمانية، بأنه قد أوقف مؤقتاً التصعيد بين الضربات الجوية الأمريكية وهجمات الحوثيين البحرية، لكنه يتساءل عمّا إذا كانت هذه الخطوة تمثّل أكثر من مجرد "استراحة تكتيكية" في حرب باتت تتجاوز جغرافيا اليمن.
إخفاقات "الراكب الخشن"
يتطرق خالد إلى عملية "الراكب الخشن"، وهي الحملة العسكرية الأمريكية التي انطلقت في مارس بهدف ردع الحوثيين عن مهاجمة الملاحة الدولية. وبحسب المقال، فقد فشلت هذه العملية في تحقيق مكاسب استراتيجية، وأسفرت عن خسائر كبيرة شملت إسقاط طائرات مسيرة ومقاتلات، وهدر أكثر من مليار دولار دون نتيجة واضحة.
أمام هذا الفشل، اختار ترامب ما وصفه الكاتب بـ"تراجع مغلّف بالتفاخر"، معلناً أن الحوثيين "استحقوا فرصة" بعد صمودهم أمام القصف الأميركي. إلا أن ما يثير القلق، بحسب خالد، هو أن الهدنة تستثني إسرائيل بشكل صريح، ما أثار غضب تل أبيب وكرّس شرخاً جديداً في الحلف الأميركي-الإسرائيلي.
انتصار رمزي للحوثيين
يؤكد الكاتب أن الحوثيين تلقفوا الاتفاق كعلامة انتصار، خاصة بعد أن وصلت صواريخهم إلى مشارف مطار بن غوريون، بينما لم تُفلح الضربات الإسرائيلية في ردعهم. ويشير إلى أن الجماعة كثّفت من رسائلها الثورية تجاه إسرائيل، معتبرة الهدنة اعترافاً بوزنها على الساحة الإقليمية.
ويحذر خالد من الانعكاسات الأوسع لهذه الخطوة على تحالفات واشنطن في المنطقة، إذ تثير تحركات ترامب مخاوف عواصم عربية كالسعودية والإمارات، اللتين استثمرتا بكثافة في تقليص نفوذ الحوثيين. وفي المقابل، اتخذت قطر موقفاً مرحباً بالهدنة، دون أن تُخفي شكوكها في جدواها على المدى الطويل.
إيران.. اللاعب الصامت
يتناول المقال أيضاً الدور الغامض لإيران في الاتفاق، مشيراً إلى تقارير تفيد بأن طهران ربما شجعت الحوثيين على التفاوض، في إطار موازنتها بين ملفات التوتر الإقليمي والمفاوضات النووية. وهو ما يثير تساؤلات عن مدى انخراطها الحقيقي في صياغة التفاهم، وهل يمثل ذلك جزءاً من صفقة أكبر مع واشنطن.
يُبرز خالد أن ما يحدث لا يشير إلى سلام بقدر ما يعكس "إرهاقاً استراتيجياً" أميركياً، مشيراً إلى أن الحملة العسكرية لم تُضعف الحوثيين، بل قد تكون منحتهم زخماً جديداً. ويرى أن أجبار الجيش الأميركي على التراجع دون مكاسب ملموسة يُعدّ انقلاباً دعائياً لصالح الجماعة.
وفي حين تستعد إسرائيل لمواجهة تحديات إضافية بعد استثنائها من اتفاق الهدنة، تجد دول الخليج نفسها في موقع المتشكك مجدداً في التزامات واشنطن الأمنية. أما الحوثيون، بحسب المقال، فقد خرجوا مؤقتاً بسردية مقاومة تتجاوز حدود اليمن.
يختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن وقف إطلاق النار هذا، على طريقة ترامب، ليس مسعىً نحو السلام بل محاولة لإدارة الخسائر بمظهر القوة. إنه ترتيب هش، مشروط، وقابل للانهيار عند أول تصعيد، لكنه في الآن ذاته غيّر من توازنات المنطقة، وفرض واقعاً جديداً يستحق المراقبة عن كثب.