2015-06-20 الساعة 05:15م (يمن سكاي - الخليج أونلاين)
تلف تنظيم "الدولة الإسلامية-ولاية صنعاء" الذي أُشهر في شهر أبريل/نيسان الماضي حالة من الغموض، لا سيما أنه بدا غير مرتبط بما يعرف بتنظيم القاعدة الذي لم يبايع تنظيم "الدولة" وأبدى ملاحظات حولها، لكن مؤشرات تشير إلى ارتباطه بقوى داخل اليمن تستخدم ورقة داعش والقاعدة لتحقيق أجندتها وضرب خصومها السياسيين.
يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، نبيل البكيري، لـ"الخليج أونلاين: "الحديث عن تنظيم "الدولة" في هذا التوقيت يحمل من الاستفهامات أكثر ما يقدم من إجابات؛ باعتبار التسييس الكبير لملف الإرهاب في اليمن في إطار الصراع الدائر بين الشرعية والانقلاب".
وأعلن تنظيم "داعش" في اليمن، عن نفسه رسمياً في مقطع مصور معلناً تأسيس ما تسمى "ولاية صنعاء"، وإعلان البيعة لـ"أبوبكر البغدادي"، الذي وصفته الولاية بـ"خليفة المسلمين"، حيث تضمن المقطع المصور الذي نشره الحساب الرسمي لما تسمى "ولاية صنعاء" على "تويتر"، تهديد الحوثيين، ودعوة أهل السنة إلى النفير إلى حيث "جنود الخلافة" والعمل على إسقاط من وصفهم بـ"الروافض".
البكيري رجح فرضية عدم وجود تنظيم "الدولة" في اليمن بالنظر إلى أن "المنطقة حكر على القاعدة التي هي الأخرى تعاني من اختراقات كبيرة من قبل أجهزة مخابراتية عدة"،ي تعد أهم فصول هذا الاختراق.
وكان فيلم "مخبر القاعدة"، الذي عُرض على قناة الجزيرة، دارت أحداثه حول عنصر سابق في تنظيم القاعدة باليمن تم تجنيده من قبل ابن أخي الرئيس المخلوع، العقيد عمار محمد عبد الله صالح، كما أن تغريدات لأحد عناصر التنظيم "مُشمر" اتهمت الزعيم الجديد للقاعدة في جزيرة العرب، قاسم الريمي، بالعمالة لنظام صالح ولجهات غربية، علماً بأن فيلم "مخبر القاعدة" لم يتهم الريمي صراحة بـ"الجاسوسية"، إذ أوضح العميل "هاني مجاهد" أنه كان يوصل الأموال والمتفجرات من عمار صالح إلى قاسم الريمي، دون أن يتطرق إلى دراية الأخير على دراية بمصدر الأموال من عدمها.
- مولود للانقلابيين
لكن الصحفي والمحلل السياسي، رشاد الشرعبي، يرى أن "داعش اليمن" هو مولود جديد سيستخدمه الانقلاب (الحوثي وصالح) حليفاً لمواجهة خصومهم، واستعطاف الولايات المتحدة والغرب، وربما استعطاف جزء من الشرق.
وبحسب الشرعبي، فإن المعلومات تفيد بأن ضباطاً موالين للرئيس المخلوع وقيادات أمنية حوثية بدؤوا العمل لأجل تأسيس داعش اليمنية، وطباعة شعاراتها وأعلامها وأدبيات خاصة بها، كما توقع أن مقتل ناصر الوحيشي، أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بطائرة أمريكية دون طيار يأتي في سياق إجراءات عملية لاستخدام التنظيم لاعباً رئيسياً بدلاً عن القاعدة، وأنه لا يستبعد أن يعلن الأمير الجديد للقاعدة، قاسم الريمي، مبايعته للبغدادي في العراق لتكتمل فصول المسرحية، التي تزامنت وتزاحمت مشاهدها مع مؤتمر جنيف وموقف وفد الانقلابيين الضعيف فقتل الوحيشي وتكليف الريمي بدلاً عنه.
واعتبر الشرعبي أن الانفجارات الأخيرة التي استهدفت مساجد يؤدي فيها اليمنيون الصلاة بمختلف مذاهبهم، والتلاعب بالقول أنها مساجد حوثية هو جزء من المسرحية؛ لأن اليمن لا يوجد فيها مساجد خاصة بأتباع كل مذهب حتى في صعدة معقل الزيدية وليس فقط العاصمة صنعاء.
- ورقة في الصراع السياسي
المحلل السياسي والكاتب المتخصص في شؤون الإرهاب، محمد شمسان، تحدث لـ"الخليج أونلاين"، أن "ما يدور في اليمن جزء ممّا يحدث في بلدان المنطقة مثل سوريا والعراق وليبيا في إطار مشروع الفوضى الخلاقة وتعديل خارطة الشرق الأوسط"، مؤكداً أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب، كما اتهم الدول الكبرى بالوقوف خلف هذه الجماعات التي وصفها بـ"الأدوات الاستخباراتية للحفاظ على مصالحها وتحقيق أطماع توسعية".
ومن خلال قراءته لما يدور في العراق مثلاً؛ حين تجتاح داعش المناطق السنية وتأتي مليشيات الحشد الشعبي الشيعية لتحريرها، فإن شمسان يرى في ذلك مؤشراً على علاقة إيران وأمريكا بإدارة هذا الملف، أما بالنسبة لما يحدث في اليمن فهو لا يشبه الصراع في سوريا والعراق؛ لأن قوى داخل المجتمع اليمني تستخدم ورقة القاعدة لحصر خصومها في مربع ضيق كأنها هي التي ترعى عمليات الإرهاب.
ووفقاً لشمسان "فإن هذه القوى تعطي نفسها من خلال هذه الورقة المبرر والمسؤولية لممارسة وصايتها على المجتمع والدولة وعلى صناعة القرار السياسي، كما أن القضاء على الدولة وتغييب أجهزتها وتدمير مؤسساتها وحضور مليشيات مسلحة تعطي مبررات للطرف الآخر لأن يكون وقوداً أو حاضنة للجماعات الإرهابية، وهو ما قد يجعلنا مقبلين على سيناريو مخيف إذا لم يكن هناك استراتيجية أو منظومة لمواجهة الإرهاب".
ويتابع بالقول: إن "المجتمع اليمني ليس حاضناً للإرهاب بل هو يمثل نموذجاً للتعايش، ويجب على الأطراف السياسية التي لا تستند على مرجعيات دينية أن تلعب دوراً في التوصل لرؤية وطنية لمكافحة الإرهاب".
- لعبة إيرانية أمريكية
الكاتبة اليمنية وئام عبد الملك ذهبت في مقال لها نشر في مواقع إلكترونية، إلى أن "إعلان داعش عن تواجده في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين في هذا التوقيت الحساس، الذي يتصدى فيه اليمنيون للحوثيين، قد يكون لعبة إيرانية لإطالة عمر الحوثيين، وتحت الأنظار الأمريكية، وإثارة المزيد من التخريب في اليمن".
وأضافت وئام: أن "البيئة التي تعيشها اليمن حالياً تعد حاضنة مثالية لتمدد مثل تلك التنظيمات الإرهابية، وفي كل الأحوال يبدو بأن أطراف الصراع تغذي الإرهاب خدمة لمصالحها في غير بلد، وتنظيم "الدولة الإسلامية" قد يكون سبباً في عدم استقرار اليمن، إذا لم يتم التعامل مع الموضوع بجدية، وسيفتح الباب لحرب أخرى في اليمن".
ومنذ إشهاره وحتى اليوم تبنى تنظيم "الدولة-ولاية صنعاء" التفجيرات التي استهدفت مسجدي بدر والحشحوش بصنعاء ومسجد الهادي بصعدة في مارس/ آذار الماضي؛ ما أدى إلى إصابة نحو 250 شخصاً بين قتيل وجريح، كما تبنىى التنظيم انفجار أربع سيارات مفخخة استهدفت ليلة رمضان مساجد الكبسي والقبة الخضراء ومقراً سياسياً لجماعة الحوثيين بصنعاء؛ الأمر الذي خلف قتيلين وإصابة نحو ستين شخصاً بحسب وزراة الصحة اليمنية.