2015-07-16 الساعة 10:26م (يمن سكاي - العربي الجديد)
هل فكرت في إسعاد الآخرين ممن حولك؟ أم أنك تعيش لنفسك وفقط؟.. إسعاد الآخرين لا يتوقف على مجرد إدخال البهجة والسرور عليهم، وإنما قد يكون بمساعدتهم وتشجيعهم على السير في الطريق الصحيح، وبث روح الأمل والتفاؤل في قلوبهم، ومن ثم انعكاس تلك السعادة على حياتك أنت شخصيا، فالحكمة تقول "من يعش لغيره، يسعد في دنياه ويموت سعيدا" وهناك مثل صيني يقول: "إذا أردت السعادة على مدار الحياة.. ساعد الآخرين".
"
وفي مصر، رغم تطورات الأحداث التي نعيشها، ورغم الضغوط النفسية والاقتصادية، وانعدام الثقة والتفاؤل لدى الكثيرين، ما زال هناك من يفكرون في إسعاد غيرهم، وبث روح الثقة والأمل في محيطهم
"
سعادة الحبيب بالدنيا
وفي مصر، رغم تطورات الأحداث التي نعيشها، ورغم الضغوط النفسية والاقتصادية، وانعدام الثقة والتفاؤل لدى الكثيرين، ما زال هناك من يفكرون في إسعاد غيرهم، وبث روح الثقة والأمل في محيطهم، من مظاهر ذلك، ما انتشر في الآونة الأخيرة من التعبير عن مشاعر الحب على لافتات كبيرة على الطرق وفي الشوارع، فعلى طريقة فيلم "مرجان أحمد مرجان" تقمص العديد من الشباب دور الفنان عادل إمام للإعلان عن حبهم، فهذا طالب بكلية الحقوق، جامعة عين شمس يعلق لافتة كبيرة على جدران الكلية مكتوب عليها "أسماء.. بحبك تتجوزيني" وذاك طالب آخر يركع على ركبتيه مقدما خاتم الخطوبة لزميلته، في نفس الوقت الذي اجتمع أصدقاؤه رافعين لافتات مكتوب عليها "will you marry me".
وإن كان هذا هو حال المحبين وطريقتهم في إسعاد الحبيب، فلم يكن المتزوجون أقل حظا، فقد قدم زوج مصري اعتذارا لزوجته على لافتة إعلانية كبيرة، يهنئها بعيد ميلادها، ومعتذرا عن تقصيره بسبب ضغوط عمله، تماما مثلما فعل الفنان هاني سلامة في فيلم "السلم والثعبان"، وهذا ما كتبه في اللافتة باللهجة العامية "حبيبتي نانسي.. أنا عارف إني مقصر معاكي بس غصب عني أنت عارفة ظروف الشغل.. كل سنة وأنت طيبة وعقبال مليون سنة.. زوجك عمرو".
ولأن الزوجة كثيرا ما تتمنى أن تمتلك آلة الزمن لتعود بها ليوم زفافها وتستكمل ما فاتها، قرر زوج مصري بعد تسع سنوات من الزواج أن يسعد زوجته ويمنحها هذه الفرصة، عندما قرر أن يحجز قاعة أفراح و"كوشة" كبيرة ويدعو الأهل والأصدقاء، لتلبس الزوجة الفستان الأبيض من جديد، ويعلل الزوج بأن ظروفه المادية وقت زواجه لم تسمح بتكلفة فرح كبير، وعندما أصبح ميسور الحال لم يتردد في إسعاد زوجته ليخلد في ذاكرتها ليلة ولا ألف ليلة.
تُجار السعادة
إن كان هؤلاء قد فكروا في إسعاد أشخاص هم بالفعل مقربون منهم ويهتمون لأمرهم، فهناك من يعمل على إسعاد أناس لا يعرفهم، ولا تربطه بهم أي صلة، لينال ويحصد السعادة مقابل إسعاد الآخرين، لاعب النادي الأهلي، محمد أبو تريكة، أدرك هذا المعنى، وأدرك هوس جماهير كرة القدم بلاعبي ناديهم، فنظم مسابقة لمتابعيه على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، ويقوم بالإعلان عن الفائز يوميا، ليقابله في منزله الخاص ويمنحه قميصه الأحمر الذي يحمل الرقم 22 وسط فرحة عارمة من محبيه من الفائزين.
تجار السعادة تجدهم كثيرا في شهر رمضان، يركزون على أعمال الخير وإسعاد الغير، وفي أحيان كثيرة تتشابك الظروف مكونة نسيجا متكاملا في رسم البسمة، فهناك من يتطوع لتحفيظ الأطفال القران الكريم، وتعليم أحكام التجويد، ليأتي من يكمل رسم البسمة ويوزع البسكويت والحلويات على الأطفال في حلقات التحفيظ، ومنهم من لا يربط البسمة بالشهر الكريم فقط، ويواظب على إسعاد الآخرين طوال العام، ومن هؤلاء، فريق "شباب الخير"، يقول منسق الفريق عبد العال عبد العزيز: نستمتع بقضاء أوقات الفراغ طوال العام في عمل الخير، وإدخال البهجة والسرور إلى المستضعفين ، سواء كانوا أيتاما نقوم بزيارتهم كل أسبوع، ونقيم لهم الحفلات في يوم اليتيم، أو كانوا من المسنين، نرد لهم الجميل في عيد الأم والأعياد المختلفة، أو كانوا من الفئات الفقيرة التي تنتظر من يتذكرها ببطانيات في فصل الشتاء وحملات لتصليح أسقف بيوتهم لتحميهم من قسوة البرد والمطر، وسواء العروس التي هي في أشد الحاجة لمن يساهم في جهازها، أو المريض في المستشفيات الحكومية الذي يفرح بعيادته، حتى يأتي الخير كله في شهر رمضان، ونقوم بتجهيز الوجبات وتوزيعها على الأسر في العشوائيات والمناطق الفقيرة.
وحتى تكتمل البسمة، نظم فريق شباب الخير مبادرة "العشوائيات غوت تالنت"، وتقوم على التركيز والاهتمام بأطفال المناطق العشوائية، وهم عادة أطفال متسربون من التعليم أو لم يلتحقوا بأي تعليم، في محاولة لتقديم الخدمات لهم وأهمها الخدمات التعليمية والترفيهية لإظهار ما يمتلكونه من مواهب لم تجد من يكتشفها وينميها، وتحويلهم إلى طاقة إيجابية من خلال إشراكهم في حفلات الرسم والغناء والتلوين والألعاب وتوزيع الهدايا عليهم.
نماذج ايجابية
لا يمكن لأي إنسان أن يعيش السعادة الحقيقية، ما دام لا يرى سوى الجانب السلبي في الحياة، ولهذا قررت العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أن تقدم نوعا جديدا من السعادة، بعرض نماذج إيجابية في مجتمع أصبحنا لا نرى فيه غير أخبار الدم والانقسامات. محمد حبيب، أحد أبطال النماذج الإيجابية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، قرر أن يسعد نفسه ويسعد من حوله، هو ينتمي لطبقة اجتماعية راقية، من سكان مصر الجديدة، لم يحبس نفسه داخل سجن "كلام الناس" وتخطى حاجز العادات والتقاليد، ومارس هوايته في الطبخ، وحقق حلمه في الوقوف على عربة فول، رغم اعتراض أهله الذين يرون أن وقوف ابنهم على عربة فول طوال الليل لا يناسب مستواهم الاجتماعي ومستواه التعليمي، منذ 2012 يعمل حبيب على عربته في رمضان، ويحرص على توفير خدمة جيدة للزبائن وتقديم أكل شعبي نظيف، قد لا يحظى به غير زبائنه!.
ومن النماذج الايجابية أيضا، محمد سالم، خريج كلية الآداب، بدلا من انتظار وظيفة الحكومة، تعلم مهنة النجارة وعمل كنجار، وقرر مساعدة كل شاب يريد أن يتعلم أصول مهنة النجارة، وللوصول إلى أكبر عدد من المستفيدين، قام بإعداد حلقات عن تعليم النجارة على اليوتيوب ليصبح أول نجار مصري أون لاين، وإن رفضت خطيبته وأهلها هذا الطريق وتركته.
رسم البسمة على شفاه الآخرين تأخذ أشكالا عدة، إلا أن أغرب شكل قد تراه في حياتك، هو شخص قرر أن يستيقظ مبكرا في يوم عطلته، ليأخذ دورا في مقدمة طابور طويل في أحد البنوك، حتى إذا فتح البنك أبوابه، أخذ رقما للانتظار، وكلما وجد عجوزا جاء ليتقاضى معاشه، استبدل رقمه الصغير مع رقم العجوز، ليتحول وجه العجوز العابس بسبب تفكيره في ساعات الانتظار، إلى ابتسامة سريعة وشعور بالرضا، وكأن هذا الشخص قد أعطاه كنزا وليس رقما صغيرا.. يظل هذا الشاب هكذا في استبدال الأرقام مع كل عجوز، وكأنه أعلن نفسه تاجرا للسعادة في هذا اليوم.
وأنت... حاول أن تسعد من حولك، ابحث عن الأمل بداخلك وصالح نفسك، خذ قرارك بأن تسعد شخصا اليوم وكل يوم، حاول أن تكون النور وسط الظلمة والعتمة التي نعيشها، لا تتردد في معايدة كل أحبتك وإن اختلفت معهم سياسيا أو فكريا، رسالة على الهاتف المحمول كافية لرسم البسمة. وأخيرا.. لو اعتبرت كل هذا جنونا، فلا مانع من الجنون.
(مصر)