2015-08-08 الساعة 10:30ص (يمن سكاي - متابعات)
كشف عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، النقاب أمس لـ«الشرق الأوسط» عن أن البرلمان غير المعترف به دوليا لكنه يسيطر على العاصمة طرابلس، يشترط إقالة الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الموالي للسلطات الشرعية من منصبه لتشكيل حكومة وفاق وطني والتوقيع على اتفاق السلام الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة.
وقال حميدان إن الإطاحة بحفتر كانت من بين الموضوعات التي بحثها نوري أبو سهمين رئيس البرلمان السابق لدى لقائه الأسبوع الماضي في الجزائر مع المبعوث الأممي.
وأضاف: «نعم، طلبنا هذا من ليون رسميا في جولات الحوار الماضية وكان رده بالإيجاب شفويا ولكن رسميا وفعليا نرى غير ذلك».
وتابع حميدان: «لدينا مبررات كثيرة أهمها أنه (حفتر) أول من انقلب على الثورة وأعلن تجميد الإعلان الدستوري.. وأن قواته ستدخل طرابلس وهذا قبل انتخاب البرلمان، بمعنى أنه يريد أن يقوض النظام الديمقراطي».
ومضى إلى القول: «وبالتالي لا يمكن أن يكون رجلا توافقيا يقود مسيرة بناء، بل ستشهد ليبيا في وجوده حروبا أهلية وتصفيات واغتيالات وأسباب أخرى كثيرة».
وأبلغ حميدان: «الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة من طرابلس أن البرلمان السابق لم يقرر بعد كيفية الرد على دعوة ليون، لعقد أحدث جولات مباحثات الحوار يوم الاثنين المقبل في مدينة جنيف السويسرية. وقال إنه «لم نقرر بعد الرد. لدينا جلسة يوم الأحد المقبل.
لكن مصادر ليبية أخرى تحدثت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» عن وجود ما وصفته بانقسام في الموقف بين أعضاء برلمان طرابلس حول العودة مجددا لطاولة المفاوضات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة.
ولفتت إلى أن المحادثات التي عقدها رئيس البرلمان في الجزائر مع مبعوث الأمم المتحدة لم تسفر عن أي نتيجة للاتجاه المتشدد في المؤتمر، بينما ظل الداعمون للحوار على موقفهم الأول من الدعم، على حد قولها.
وكان ليون قد أعلن في بيان وزعته البعثة الأممية، أن تحديد الاثنين لاستئناف الحوار يأتي في أعقاب مشاورات مكثفة مع الأطراف الليبية المعنية والشركاء الدوليين، في مسعى جديد على ما يبدو لإقناع الأطراف المتحاربة بالاتفاق على حكومة وحدة وإنهاء العنف الذي يعصف بالبلد المنتج للنفط.
وحث المبعوث الأممي الأطراف الرئيسية على مضاعفة جهودها والاستمرار في العمل سوية لتضييق فجوة الخلافات القائمة والتوصل إلى أرضية مشتركة يمكن أن تشكّل الأساس لتسوية سلمية للنزاع السياسي والعسكري في ليبيا.
لكنه اعترف بأنه «وفيما لا يزال لدى بعض الأطراف تحفظات على ما تم إنجازه لغاية الآن، فإنه من المهم لجميع الأطراف الاستمرار في العمل على معالجة وتسوية هذه الشواغل بشكل مشترك في إطار عملية الحوار».
وشدد على أن أي تسوية سياسية نهائية سوف تشمل كذلك ضمانات تم تصميمها لطمأنة مختلف الأطراف بخصوص الشواغل العالقة التي قد لا تزال لديهم.
وعقدت عدة جولات أسفرت عن توقيع اتفاق مبدئي لتشكيل حكومة وفاق وطني، لكن المؤتمر الوطني العام، رفض التوقيع على مسودة الاتفاق وانسحب من آخر جولاته في المغرب.
ورفض البرلمان غير المعترف به دوليا، توقيع اتفاق المغرب في انتظار مناقشة تعديلات يطالب بإدخالها عليه، بينما طالبت ميليشيات «فجر ليبيا» المسلحة التي تسيطر على العاصمة منذ عام بحوار داخل ليبيا من دون وساطة أجنبية.
وينص الاتفاق الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة على إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنتهي بانتخابات جديدة.
ومنذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 دخلت ليبيا في أتون حرب أهلية على المستويين السياسي والعسكري بين طرفين يتنازعان على الشرعية، فيما تعج البلاد بالكثير من الأزمات الاقتصادية والأمنية.
إلى ذلك، واصل أمس الجيش الليبي قصف مواقع تابعة لمتطرفين في مدينة درنة التي تعد معقلا لجماعات متطرفة في شرق البلاد، بينما تواجه حملته العسكرية لإعلان تحرير بنغازي وتخليصها من قبضة المتطرفين صعوبات جمة.
وطبقا لما أعلنه ناصر الحاسي المتحدث باسم سلاح الجو الليبي، فإن طائرات تابعة للجيش هاجمت سفينة صغيرة كانت تحاول الرسو في ميناء درنة وهي مدينة ساحلية تسيطر عليها جماعات متشددة.
وأضاف قائلا: «لا نسمح لأي سفينة بالاقتراب من ميناء درنة دون إذن من الجيش.. كنا أصدرنا تحذيرات».
وقال مصدر عسكري لمواقع محلية إلكترونية: «تم اعتراض السفينة بعرض البحر وعندما لم تستجب للإنذارات تم قصفها»، مشيرا إلى أن السفينة القادمة من غرب البلاد كانت تحمل على متنها مقاتلين وأسلحة.
وبعد مرور 16 شهرا على عملية الكرامة العسكرية التي أطلقها الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر في بنغازي ضد المتطرفين، ما زال الحظر الدولي على تسليح الجيش يمثل عقبة رئيسية لمساعي الجيش من أجل حسم الصراع هناك، وما زالت قوات الجيش عرضة لرصاص قناصة مختبئين في مناطق سكنية يصعب ضربها بأسلحة ثقيلة.
ويفتح مقاتلون من تحالف «مجلس الشورى» النار من مبان محاولين استدراج الجنود إلى شوارع ضيقة أو إقناع القادة بإرسال طائرات هليكوبتر أو ميج.
وتجد الطائرات القديمة التي تعود لعهد القذافي والتي تفتقر لأجهزة التصويب الدقيق صعوبة في ضرب المسلحين دون إلحاق الضرر بمبان كاملة. وحين يدخل الجنود منازل يشتبهون أن المسلحين مختبئون بها يجدون الكمائن قد نصبت لهم حسبما يقول ضباط بالجيش.
وقال خبير المتفجرات طارق السعيطي إن «المجموعات الإرهابية تستخدم أحدث الطرق في تفخيخ المنازل والشوارع والسيارات»، مضيفا أن هذه التفخيخات المحترفة تتسبب في خسارة جنود.
وبينما يقول الجيش إنه يسيطر على 90 في المائة من المدينة، فإن مجلس الشورى يتحصن في المنطقة المركزية حول الميناء وفي عدد من المناطق الأخرى. وميناء بنغازي ومطاره مغلقان.
وقال محمد الحجازي الناطق باسم الجيش لوكالة «رويترز»: «قرار حظر تسليح الجيش الليبي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي خلال الانتفاضة على القذافي عام 2011، هو السبب الأول في تأخير تقدم الجيش. هذا قرار فرض في ثورة 17 فبراير بحجة أنه لا يوجد جيش». وتابع: «الآن يوجد جيش منظم وقيادة واحدة ونتحرك بأوامر عسكرية». لكن القوى الكبرى رفضت رفع الحظر، إذ إن جيش الشرق عبارة عن مزيج غير منظم من معارضين سابقين للقذافي ووحدات انشقت عن الجيش خلال الثورة ومدنيين غير مدربين ورجال عشائر.
وقال الحجازي: «نحتاج إلى أسلحة متطورة.. نحتاجها في حربنا». وأضاف: «ما يعيق جنودنا في الميدان هو كثرة المفخخات في المنازل والشوارع. نحن نواجه مجموعات إرهابية مدربة تدريبا على أعلى مستوى».
وتملك قوات حفتر بعض الطائرات والطائرات الهليكوبتر ودبابات سوفياتية الصنع، لكنها تعتمد في الأساس مثل جماعات المعارضة السابقة الأخرى على شاحنات البيك أب التويوتا التي وضعت عليها أسلحة مضادة للطائرات.
لكن كثيرا من السكان تعبوا من الصراع، فهم يجدون أنفسهم مضطرين للاصطفاف عند المخابز ومحطات البنزين بعد أن أغلق القتال الميناء وحال دون قدوم واردات القمح والوقود. أما الكهرباء فلا وجود لها تقريبا.
وتعاني مستشفيات بنغازي نقصا في الأدوية والأجهزة الطبية والأطقم الطبية، بينما يلوح في أفق الحكومة المزيد من المشكلات. فقد فتح المقاتلون المتشددون جبهة جديدة إلى الجنوب الغربي من بنغازي في أجدابيا قرب ميناء البريقة النفطي.
ويرى مسؤولون عسكريون أن أجدابيا تكرار لما حدث في بنغازي إذ يغتال مسلحون ضباط الجيش ويعملون على استدراج الجنود إلى حرب شوارع ليسوا مؤهلين جيدا للفوز بها.