أهم الأخبار

حزمة إصلاحات العبادي تفاجئ شركاءه السياسيين.. وتجبرهم على ركوب موجة تأييدها

2015-08-10 الساعة 08:40ص (يمن سكاي - الشرق الأوسط)

في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2003، فاجأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي شركاءه السياسيين بإقدامه أمس على حزمة إصلاحات تتكون من سبع نقاط، تبدأ بإلغاء فوري لمناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، التي يشغلها أربعة من بين ستة من أبرز زعامات الخط الأول (نوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون وأسامة النجيفي زعيم ائتلاف متحدون وإياد علاوي زعيم ائتلاف الوطنية وصالح المطلك زعيم ائتلاف العربية)، بينما يُعد نائبًا رئيس الوزراء الآخرين بهاء الأعرجي القيادي في التيار الصدري وروز نوري شاويس القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني من قادة الخط الثاني في العملية السياسية. وفيما حظيت ورقة إصلاحات العبادي بمصادقة جماعية من قبل مجلس الوزراء، فإنها تنتظر مصادقة البرلمان عليها ومن المتوقع أن يجتمع غدًا.

 

وتضمنت خطة العبادي الإصلاحية، التي جاءت بعد غضب جماهيري عارم بالإضافة إلى تأييد كامل من المرجعية الشيعية العليا ممثلة بعلي السيستاني إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية (المالكي وعلاوي والنجيفي) ورئيس الوزراء (الأعرجي والمطلك وشاويس) «فورًا»، وتقليص شامل وفوري في إعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة، بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمديرون العامون والمحافظون وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم، فيما وجه بإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية.

 

وفي بيان له، قال المكتب الإعلامي للعبادي إنه «لمقتضيات المصلحة العامة واستنادًا إلى المادة (78) من الدستور، وجه رئيس مجلس الوزراء بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فورًا»، وأضاف البيان أن العبادي وجه أيضًا «بتقليص شامل وفوري في إعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمديرون العامّون والمحافظين وأعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم»، مؤكدًا على أن «يتم تحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين». وتابع مكتب العبادي أن «رئيس الوزراء وجه بإبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية»، مشددًا على أن «لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء ستتولى اختيار المرشحين في ضوء معايير الكفاءة والنزاهة بالاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال وإعفاء من لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة».

 

وفيما بدا الأعرجي أول ضحايا حزمة الإصلاحات هذه فإن المالكي، وهو زعيم الائتلاف الذي ينتمي إليه العبادي (دولة القانون)، هو الخاسر الأكبر من هذه الإصلاحات رغم تأييده لها في بيان مقتضب. وكان الأعرجي أعلن غداة إعلان العبادي إصلاحاته استقالته من منصبه وذهابه إلى هيئة الادعاء العام للتحقيق معه في تهم فساد. وشن الأعرجي في مؤتمر صحافي هجوما كاسحا على من وصفهم بأيتام الولاية الثالثة (في إشارة إلى المالكي) ووسائل إعلام معينة بأنها هي من وقفت ضده. وقال الأعرجي: «إنني أول مسؤول يطلب من هيئة النزاهة والادعاء العام التحقيق معه في تهم فساد»، مضيفا: «سأضع هؤلاء جميعا تحت قدمي».

 

وفي سياق أبرز ردود الفعل بشأن إصلاحات العبادي فإنه في الوقت الذي من المتوقع أن يوجه الرئيس العراقي فؤاد معصوم، طبقا لمصدر مقرب منه تحدث لـ«الشرق الأوسط» كلمة «بهذا الشأن، وانسجامًا مع هذه التطورات بوصفه حامي الدستور، فضلاً عن دعمه لأي خطوات إصلاحية تنسجم مع هذا الدستور»، فإن النجيفي الذي كان أول المؤيدين لخطوات العبادي الإصلاحية من خارج التحالف الوطني أبلغ «الشرق الأوسط» أن «تأييدنا لخطوات العبادي هذه أكدناه في بيان رسمي وجهنا من خلاله وزراء ونواب كتلة تحالف القوى العراقية بتأييد هذه الإصلاحيات التي طالما نادينا بها من قبل».

 

وأضاف النجيفي أن «من المهم التأكيد هنا أن دعمنا لهذه الإصلاحات مرهون بجدية تطبيقها بما لا يخل بمبدأ التوازن الوطني، الذي هو أمر ضروري للعملية السياسية وهو أمر لا صلة له بالمحاصصة وغيرها، ولذلك فإن هذا التوازن ضروري لعدم ضرب هذا المكون أو ذاك والاستفراد بالسلطة».

 

وكان النجيفي أدلى قبل يوم من إصلاحات العبادي بحديث لـ«الشرق الأوسط» حمل فيه المالكي مسؤولية ما حصل للعراق من خراب طوال السنوات الماضية، داعيا العبادي إلى التوجه إلى البرلمان لإعادة طرح الثقة بحكومته، كما أيد إمكانية إجراء انتخابات مبكرة.

 

من جهته، فإن موقف علاوي لا يزال يشوبه الغموض. ففيما عدّ ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه ما أقدم عليه العبادي «مزايدة لإرضاء الشارع»، فإنه (علاوي) أصدر بيانا شرح فيه أسباب مشاركته في السلطة بعد انقطاع دام عشر سنوات على أمل حصول تغيير، مبينا أن شيئا من ذلك لم يحصل دون أن يحدد موقفه من إلغاء منصبه. وفي هذا السياق، قالت ميسون الدملوجي، عضو البرلمان والمتحدثة الرسمية باسم ائتلاف الوطنية لـ«الشرق الأوسط» إن «ائتلاف الوطنية يرحب بأي قرار يؤدي إلى تلبية مطالب الشعب العراقي الذي خرج بالملايين في العاصمة بغداد وفي محافظات عدة»، مطالبًا بإنهاء الفساد وإعادة الثروات المنهوبة وتوفير الخدمات وتطوير الأداء الحكومي وإنهاء المحاصصة والجهوية وتحرير المناطق التي احتلتها العصابات الإرهابية ويعيد النازحين إلى ديارهم ويحقق المصالحة الوطنية ويعيد اللحمة إلى شعبنا الكريم، وفي الوقت الذي قارع فيه ائتلاف الوطنية ديكتاتورية النظام السابق وفردية القرارات بعد 2003، يحذر شعبنا الكريم من نشوء ديكتاتورية جديدة وتفرد تحصر الصلاحيات بيد شخص واحد وهو رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، الأمر الذي سيعيدنا إلى حقب سوداء طواها الزمن».

 

وأضافت المتحدثة: «لا بد أن نذكر الجميع بأن اختيار رئيس مجلس الوزراء تم على أساس حكومة الشراكة الوطنية وبتوافق سياسي حيث توقعنا أن تتوافق الكتل السياسية باتخاذ قرارات الإصلاح التي أصبحت أكثر من ضرورية، وأن لا تنفرد جهة واحدة بذلك».

 

وأشارت إلى أن «الإجراءات التي طالب بها رئيس مجلس الوزراء، ومنها تقليص نواب رئيس الجمهورية وبعض التوجيهات الأخرى التي تخص رئاسة الجمهورية، لم يكن يعلم بها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الذي قال لنا إنه سمع من الإعلام بتلك التوجيهات، وهذا الأمر يثير مخاوفنا من معاودة الديكتاتورية والتفرد بالقرارات، وتلك حقبة كنا نأمل أننا قد قضينا عليها بالتشكيلة الحكومية الحالية».

 

بدوره، أكد المطلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» دعمه لإجراءات العبادي وقال: «إن النزاهة والكفاءة والمهنية والبعد عن المشروع الطائفي هي من أهم المعايير التي اتفقنا عليها في جلسة مجلس الوزراء اليوم أمس، سعيا لإحداث إصلاحات في حكومة السيد العبادي، لكون أوضاع البلاد لا تتحمل المزايدات والمناكفات السياسية، ويتوجب على الجميع تقديم الدعم الكامل للسيد العبادي في هذه المرحلة وإعطاؤه الفرصة لتنفيذ مشروع الإصلاح»، مستدركا أن «هذا غير كافٍ لكننا نأمل أن تتبعه خطوات جدية وبسقوف زمنية محددة». وأضاف المطلك: «نتمنى للسيد العبادي النجاح في مهمته والاهتمام بجميع شرائح الشعب العراقي، وفق أسس تحكمها العدالة والمساواة ونصرة المظلومين ومطاردة الإرهابيين والمجرمين والمفسدين، وإطلاق سراح الأبرياء من السجون والمعتقلات وإعادة النازحين إلى ديارهم».

 

وفي أربيل، أبدت رئاسة إقليم كردستان استعدادها للتعاون مع الحكومة العراقية في قراراتها. وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة إقليم كردستان إنها «تؤيد كل خطوة تخطوها الحكومة العراقية من شأنها إصلاح الدوائر والمؤسسات الحكومية ومكافحة الفساد وإبعاد المقصرين عن مؤسسات الدولة». وأوضح أنه «لأجل إنجاح المشروع يجب أخذ استحقاقات ومشاركة إقليم كردستان بعين الاعتبار وفي نفس الوقت الاهتمام بالمكونات الدينية والقومية في العراق دون التأثير عليهم وأن تنفذ هذه الخطوات في إطار الدستور والسياق الإداري».

الأكثر زيارة
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص