أهم الأخبار

أنا زلاتان (23)عندما طالبني كابيلو بالتفوق على فان باستن!

2015-09-09 الساعة 03:31م (يمن سكاي - متابعات)

تكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

 

كان لدينا مدافع فرنسي في الفريق، اسمه جونثان زبينا، لعب مع روما سابقاً مع كابيلو وحقق لقب الدوري في عام 2001، والآن هو معنا في اليوفنتوس، لم أعتقد أنهُ كان بخير معنا، لقد كان يعاني من مشاكل شخصية، وفي التدريبات كان يتدخل بشكل عنيف، في أحد الأيام تدخل علي بشكل قوي جداً، اعتدلت واقتربت منهُ بشكل كبير جداً وقلت له "إذا أردت أن تلعب بشكل قذر، أخبرني، سألعب معك بنفس الطريقة!".

 

فجأة قام بنطحي برأسه، من دون سابق إنذار: وبعد ذلك حدثت الأمور بسرعة، لم تكن لدي الفرصة لإكمال حديثي، كان شجاراً واضحاً، وجهت لهُ ضربة وحصل الاشتباك، وقمت بتوجيه لكمات قوية له حتى سقط على العشب، حينها لم يمكن توقع ما الذي سيحدث، كابيلو المجنون يركض ويصرخ؟ لا، في الحقيقة كابيلو كان واقفاً هُناك من دون أي حراك وببرودة تامة، وكأنه لا علاقة له بهذا الأمر على الإطلاق، الجميع بدأ يتحدث: "ما الذي حدث؟ ما هذا؟ الجميع كان يسأل ويتقصى عن الأمر، وأتذكر أن كانافارو جاء يركض لي قائلاً "إبرا، ما الذي فعلته؟"، اعتقدت أنهُ مستاء من الأمر، لكنهُ غمز بعينه لي وكأن يقول إن زبينا كان يستحق هذا، لم يكن يحب ذلك اللاعب أيضاً، لكن تورام، المدافع الفرنسي الآخر تصرف بطريقة مُختلفة "إبرا، أنت شاب وغبي، لا يمكنك أن تفعل هذا، أنت غبي حقاً"، لم يملك تورام الوقت لقول المزيد، لأن زئيراً اجتاح الملعب بصورة مفاجأة وهناك شخص واحد بإمكانه أن يفعل هذا.

 

"اخرس وابتعد من هُنا"، هكذا صرخ كابيلو، بالتأكيد تورام ابتعد مثل طفل صغير، وأنا الآخر ابتعدت عن المكان لأنني أردت أن أهدأ قليلاً، بعد ساعتين رأيت شخصاً في غرفة المساج كان يضع كيس ثلج على وجهه، لقد كان زبينا، لا بد أنني لكمت بقوة كبيرة جدا، كان لا يزال يتألم، غضب لمدة طويلة بعد ذلك، وموجي قام بتغريمنا جميعاً، لكن كابيلو لم يفعل أي شيء، لم يطلب اجتماعاً حتى! لقد قال شيئاً وحيداً فقط: "لقد كان هذا أمراً جيداً للفريق".

 

هذا كل ما في الأمر، كابيلو كان كذلك، لقد كان قوياً وصعباً، أراد الأدرينالين بشكل دائم في الفريق، مع كابيلو أنت مسموح لك بالقتال، وبأن تهيج مثل الثور أيضاً، لكن هناك أمراً لا يمكنك أن تفعلهُ مع كابيلو: تحدي سلطته، أو اللعب بتعالٍ، حينها كابيلو سيُجن جنونه ويغضب كثيراً، أتذكر أننا كنا نلعب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ليفربول، لقد خسرنا بهدفين في تلك المباراة، لكن قبل المباراة كابيلو كان يُعد التكتيك الخاص به في هذا اللقاء وكان قد وجه كل لاعب لـ "مراقبة" لاعب خاص به من ليفربول عند الركلات الركنية، لكن أثناء المباراة، ليليان تورام قام بتغيير اللاعب الذي من المفترض أن يراقبه، وقام بمراقبة لاعب آخر، وفي تلك اللحظة، سجل ليفربول، بعد المباراة في غرف الملابس، كابيلو قام بالتحدث كما هو معتاد عن المباراة، وبينما كنا نجلس حوله في حلقة دائرية على المقاعد، ونتساءل ما الذي سوف يحدث، تحدث فجأة:

 

- "تورام، من قال لك بأن تُغير لاعبك؟".

- "لا أحد، لقد اعتقدت أنهُ من الأفضل لو قمت بذلك".

- كابيلو أخذ نفس عميق لمرتين متتاليتين، ومن ثم قال: "من قال لك بأن تُغير لاعبك؟".

- "اعتقدت أنهُ من الأفضل أن أقوم بذلك"، كانت نفس الإجابة!

- كابيلو أعاد السؤال للمرة الثالثة على تورام، وتورام كرر نفس الإجابة من جديد.

- بعدها انفجر شيء داخل كابيلو: "هل قلت لك بأن تغيّر اللاعب أم ماذا؟ من هو المسؤول في هذا الفريق؟ أنا! هل تسمع ذلك؟".

"أنا فقط من يخبرك بما تقوم به، هل تفهم ذلك؟".

 

بعد ذلك كابيلو قام بركل مقعد التدليك تجاهنا بقوة كبيرة، وفي لحظات مثل تلك، لا أحد يجرؤ على النظر للأعلى، كنا جميعا نجلس في حلقة حولة ونحدق بالأرض: تريزيغية وكانافارو وبوفون وجميع اللاعبين، لم يتحرك أحد ولم يفكر أي لاعب بأن يكرر ما فعله تورام، لم يكن هناك أي شخص يفكر في النظر إلى عينيه المليئتين بالغضب، لقد كانت هناك الكثير من تلك اللحظات، لقد كان قوياً بحق، لم يكن هناك توقعات لأشياء أقل إطلاقاً.

 

استمررت باللعب بشكل جيد، وفي ذلك الوقت كابيلو استبدل ديل بييرو ليمنحني الفرصة، لم يكن هناك أي شخص قام باستبدال ديل بييرو طوال عشر سنوات مضت، وضع ديل بييرو على الدكة كان وضعاً لرمز النادي في الاحتياط، كان أمراً أصاب الجماهير بالجنون، كانت الجماهير تصفر ضد كابيلو وتنادي ديل بييرو: "الرسام، الظاهرة الحقيقية"، ديل بييرو فاز بالدوري 7 مرات مع اليوفي، وقد كان مفتاحاً للفوز في كل مرة، فاز بدوري الأبطال أيضاً مع اليوفي، وكان محبوباً من قبل العائلة المالكة، لقد كان نجماً كبيراً بالفعل، ولم يكن هناك أي مدرب عادي يستطيع أن يضعه على الدكة، لكن كابيلو لم يكن مدرباً عادياً، لم يهتم كابيلو للتاريخ والإحصاءات، كان فقط يختار الفريق الأفضل بنظرة، وأنا كنتُ ممتناً ذلك، لكن كان هناك ضغط كبير عليّ، كان يجب عليّ اللعب جيداً عندما يكون أليكس على الدكة، وشيئاً فشيئاً بدأت أسمع اسمي من المدرجات بشكل قليل، كنت أسمع "إبرا، إبرا" بدلا من ذلك، وفي ديسمبر اختارتني الجماهير كلاعب الشهر في اليوفنتوس، وقد كان أمراً كبيراً لي.

 

في أحد المرات لم أتمكن من التسجيل لخمس مباريات، طوال 3 أشهر لم أسجل إلا هدفاً وحيداً، لا أعلم لماذا، حدث هذا فقط، وكابيلو بدأ يهاجمني، كما كان يساعدني على الارتقاء في البداية، كان يحبطني الآن "لم تفعل أي شيء إطلاقاً، كنت عديم الفائدة"، لكن في نفس الوقت كان يسمح لي باللعب، كان لا يزال يضع اليكس على الدكة، اعتقدت أن كلامه لي من أجل تحفيزي، أو هذا ما تمنيته على الأقل، كابيلو كان يريد من لاعبه أن يؤمن بنفسه لكن لم يكن ليسمح لهُ بأن يصبح مغروراً، كان يكره الغرور في اللاعب لهذا كان يفعل هذه الأمور معي، كان يرفعني للأعلى ومن ثم ينزلني إلى الأسفل، ولم أكن أعرف ما الذي يحدث معي في ذلك الوقت في الحقيقة.

 

"إبرا، تعال إلى هُنا"، كابيلو قام بمناداتي، والقلق من مناداتي للاجتماع لا ينتهي أبدا، تساءلت: هل قمت بسرقة دراجة؟ هل قمت بضرب الرجل الخاطئ؟ في طريقي للغرفة التي كان ينتظرني فيها، كنتُ أفكر في أعذار جيدة، لكن هذا صعب عندما لا تعرف ما هو الموضوع، كنت فقط آمل بالأفضل، عندما وصلت إلى كابيلو، وجدت حولهُ "منشفة" فقط، كان للتو قد قام بالاستحمام، نظاراتهُ كانت مليئة بالبخار، وغرف الملابس كانت متهالكة مثلما هي دائماً، موجي كان يحب الأشياء الجميلة، لكن بالنسبة لغرف الملابس يجب أن تكون متهالكة، هذا جزء من فلسفة موجي الذي يعتقد "المهم هو الفوز وليس أن تحظى بغرفة ملابس جميلة"، هكذا كان يقول، وحسناً، بإمكاني أن أتفق معه لكن إذا كنا أربعة ونستحم في نفس الوقت في تلك الغرفة، فإن الماء يرتفع إلى الأعلى، لكن الجميع كان يعلم أن الاحتجاج بشأن هذا الأمر لم يكن ليجدي نفعاً، موجي كان سيراه كتأكيد على صحة نظريته فقط "هل ترى، هل ترى، لا يجب أن تكون الأمور مثالية لك لكي تفوز"، لهذا في تلك اللحظة، كابيلو جاءني وهو نصف عار في تلك الغرفة المتهالكة.

 

بدأت أتساءل، أنا وكابيلو في نفس الغرفة لوحدنا؟ ما الذي يحدث؟ هذه الوضعية أمام كابيلو تجعلك تشعر بأنك تصغر وتتقلص، وهو يزداد ضخامة.

 

- "اجلس".

قال لي ذلك، وبالتأكيد جلست، كان أمامي تلفزيون قديم، ومشغل فيديو أقدم بكثير، كابيلو وضع الشريط في مشغل الفيديو.

- "أنت تذكرني بلاعب كنتُ أدربه في الميلان".

- "أظن أنني أعرف عمن تتكلم" .

- "حقاً؟" .

- "نعم، لقد سمعت ذلك عدة مرات".

- "جيد، يجب ألا تنضغط من المُقارنة، أنت لست باستن الجديد، أرى بأنك أفضل كلاعب، لكن باستن لديه تحركات أفضل في منطقة الجزاء، هذا فيديو جمعت فيه كل أهدافه، تابعها جيداً، حاول دراستها وتعلم منها".

 

بعد ذلك خرج كابيلو من الغرفة وجلستُ وحيداً أتابع، وبالفعل، لقد كانت أهداف فان باستن الحقيقية، من كل زاوية ومن كل مكان! الكرة كانت تدخل فقط، وكان باستن خلفها دائماً، جلستُ أتابع هناك لعشر دقائق، خمس عشرة دقيقة، ومن ثم بدأت أتساءل: متى سأرحل من الغرفة؟ هل وضع كابيلو شخصاً ليراقب في الخارج؟ هذا ليس مستحيلاً، لذلك قررت أن أتابع الشريط كله، لقد كانت مدتهُ 25 دقيقة، بعد ذلك انتهيت، تركت الغرفة وخرجت، وفي الحقيقة ليست لدي أي فكرة عما إذا كنت قد تعلمت شيئاً أم لا، لكنني فهمت رسالة كابيلو، نفس الشيء القديم: كابيلو يريدني أن أسجل الأهداف فقط، كان من المفترض أن أضع هذا الشيء في طريقة لعبي، في تحركاتي، وفي عقليتي، كان الأمر جدياً.

 

كنا في قمة الترتيب بجانب الميلان، كنا نتبادل المركزين الأول والثاني، وبالنسبة لفريقنا من أجل الفوز كان من المهم أن أستمر بتسجيل الأهداف وهذه كانت الحقيقة، ولا شيء سواها، أتذكر أنني عملت بجد في منطقة الجزاء، لكن أيضاً كانت تتم مراقبتي بشكل جيد، مدافعو الخصوم كانوا ضدي كالذئاب في كل مرة، في تلك الأيام عرف عني أن لدي مزاجاً حاداً، لهذا كان المدافعون يحاولون استفزازي بكلمات قذرة، وتدخلات عنيفة وبعض الأمور السيئة عن أهلي وعن أمي وعن عائلتي، كانوا يقولون كل شيء، وفي بعض الأحيان هذا يجدي مفعولاً معي، كانت هناك بعض النطحات وبعض التدخلات عندما أفكر بالرد، لكنني أيضاً كنت ألعب بشكل أفضل عندما أغضب وأترك بقية الأمور، في الـ 17 من شهر أبريل/ نيسان، قمت بتسجيل هاتريك ضد ليتشي، الجماهير كان تصرخ باسمي، والصحف كتبت: "قالوا إنه لا يسجل كثيراً، لكنهُ الآن سجل 15 هدفاً".

 

أصبحت في المركز الثالث في ترتيب الهدافين في الدوري، تحدث الجميع عني وأكدوا أني أهم لاعب في اليوفنتوس، كانت الإشادة تأتيني من كل مكان في ذلك الوقت: "إبرا، إبرا"، هكذا، لكن كان هناك شيء آخر يلوح في الأفق أيضاً، فالكوارث كانت قاب قوسين أو أدنى من الحدوث.

 

الأكثر زيارة
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص