2015-10-12 الساعة 10:17ص (يمن سكاي - العربي الجديد)
بعدما أعلنت أحزاب سياسية وحركات ثورية مصرية مقاطعتها انتخابات مجلس النواب المقرر أن تبدأ بمرحلتها الأولى في 17 من الشهر الحالي، بدأت تحركات فعلية لاتخاذ مواقف مترتبة على هذه المقاطعة. وباتت مسألة تشكيل جبهة موسعة تضم المقاطعين لهذه الانتخابات، مطروحة، حتى وصلت الدعوات إلى إجراء انتخابات موازية، في محاولة لإحراج النظام الحالي، فضلاً عن دراسة إطلاق حملة للمقاطعة الشعبية.
واعترضت الأحزاب والحركات الثورية على القوانين التي تجري وفقاً لها الانتخابات، باعتبارها معيبة دستورياً، فضلاً عن إتاحة الفرصة لسيطرة العصبيات والقبلية ورأس المال بشكل كبير. كذلك اعترض هؤلاء على عودة رجال "الحزب الوطني" المنحل للمشهد مرة أخرى، من خلال مجلس النواب المقبل، متهمين الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، بالعودة إلى ما قبل 25 يناير.
"
دعت الأحزاب والحركات المقاطعة للانتخابات إلى إجراء انتخابات موازية، في محاولة لإحراج النظام
"
ويعتبر مراقبون للوضع السياسي المصري أن مقاطعة تلك الأحزاب والحركات الثورية للانتخابات، يشكّك في مصداقية الأخيرة وحيادية الدولة وأجهزتها في دعم قوائم أو مرشحين بعينهم. ويدعم النظام الحالي بشكل كبير قائمة "في حب مصر"، والتي شكّلها اللواء المتقاعد سامح سيف اليزل، وتضم عدداً من الأحزاب الداعمة للسيسي منذ 30 يونيو/حزيران 2013.
ويؤكّد قيادي في حزب "الدستور" أن هناك مساعي لتشكيل جبهة موسعة لمقاطعي الانتخابات، بيد أن الانتخابات الداخلية في الحزب تؤجل التحرّك في هذا المسار. ويلفت القيادي (طلب عدم ذكر اسمه) لـ"العربي الجديد"، إلى أن هناك مشكلة أخرى لتشكيل تلك الجبهة، تتعلق بالخلافات بين المقاطعين. فهناك كتلة تعارض النظام الحالي، أما الكتلة الثانية فتمثّل الأحزاب الداعمة للرئيس المعزول محمد مرسي. ويضيف أن الكتلة الأولى والثانية من الصعب جمعهما تحت راية جبهة واحدة، خصوصاً في ظل التمسك بعدم شرعية النظام الحالي من الأساس، باعتباره انقلاباً عسكرياً.
وفي وقت سابق، دعا حزب "مصر القوية"، أحد الأحزاب المقاطعة لانتخابات مجلس النواب، إلى حوار موسّع مع كل القوى الرافضة للمشاركة. وأعلن الحزب مقاطعة الانتخابات، وتقديم البديل السياسي من خارج مجلس النواب، مؤكداً أنه "لن يشارك في خداع الشعب بالمشاركة في مسرحية انتخابية معدة سلفاً، في ظلّ إرادة سياسية مبتورة لعمل مسار ديمقراطي حقيقي".
وقال العضو القيادي في الحزب، محمد القصاص، في تصريحات صحافية، إن "الحزب يدعو إلى حوار مفتوح حول ما بعد مجلس النواب والسعي لبديل سياسي آخر لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، مضيفاً أن الهدف من الحوار هو إيصال رسالة بأن عدم المشاركة في الانتخابات ليس نهاية المطاف في العمل السياسي، ولبحث بدائل سياسية أخرى لاستمرار الوجود في المشهد السياسي".
ودعت أحزاب الوسط والوطن والبناء والتنمية، المقاطِعة للانتخابات، في أكثر من مناسبة، إلى ضرورة الدخول في حوار وطني جامع يضم كل القوى من أجل الخروج من الأزمة، للعودة بمصر إلى ما قبل 25 يناير.
وترفض الحركات الثورية المشاركة في انتخابات مجلس النواب، لاعتبارات عدة، في مقدمتها أن النظام الحالي يعد امتداداً لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، فضلاً عن أنّ قوانين الانتخابات تكرس برلمانات الفساد، والأهم هو اعتقال عدد كبير من شباب الثورة، بحسب تعبير الحركات. ويكشف القيادي في حركة شباب 6 أبريل ــ الجبهة الديمقراطية، شريف الروبي، لـ"العربي الجديد"، عن تنسيق بين القوى الثورية والشبابية من أجل إجراء انتخابات موازية لمجلس النواب.
"
ترفض الحركات الثورية المشاركة في انتخابات مجلس النواب، لاعتبارات عدة، في مقدمتها أن النظام الحالي يعد امتداداً لنظام مبارك
"
ويقول أحد شباب حركة الاشتراكيين الثوريين، محمد الشافعي، إن فكرة تشكيل مجلس نواب موازٍ، وإن كانت مطروحة، فلن يكون لها تأثير كبير. ويضيف الشافعي، لـ"العربي الجديد"، أنه لا بد من إيجاد وسائل ضغط على النظام الحالي، بعدما ثبت أنّه رد على ثورة يناير. ويشير إلى أن الموقف المعلن من قبل كل الحركات الثورية أن السيسي يعد امتداداً لنظام مبارك، موضحاً أن فكرة مقاطعة انتخابات مجلس النواب، لا تمثل إلّاً موقفاً فقط لمحاولة إحراج النظام إقليمياً ودولياً. ولا يتوقع الشافعي أن تؤثر تلك الدعوات للمقاطعة بشكل كبير وواسع النطاق على إجراء الانتخابات، "لكن لا بد من دراسة خطوات تكون أكثر تأثيراً وتهز النظام الحالي".
وتقول مصادر عدة في الحركات الثورية، لـ"العربي الجديد"، إن هناك دراسة لإطلاق حملة قوية لمقاطعة الانتخابات، وإظهار مساوئ النظام الانتخابي الحالي، فضلاً عن المطالبة بالإفراج عن كل المعتقلين بقانون التظاهر أو بسبب حرية الرأي والتعبير.
من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، لـ"العربي الجديد"، إن فكرة تشكيل جبهة وبدء حوار بين القوى والأحزاب المقاطعة لانتخابات مجلس النواب، أمر طبيعي، وخصوصاً أن معظم الأحزاب الرافضة للمشاركة، اتخذت موقفاً جماعياً، ضمن "التيار الديمقراطي" المشكل من أحزاب الدستور، والعيش، والحرية، والتيار الشعبي، والتحالف الشعبي.
ويستبعد عز مسألة التنسيق بين أحزاب التيار الديمقراطي والأحزاب الإسلامية، "على الأقل خلال الفترة القريبة المقبلة، في ظل اختلاف الرؤى حول توصيف المشهد الحالي". ويشير إلى أن الاختلافات الأيديولوجية تبدد فرص الوحدة والتلاحم بين قوى المعارضة، مثلما كان الأمر في السابق، وهذا أمر تغذّيه الأنظمة المتعاقبة. ويوضح الخبير السياسي أنه على الرغم من الاتفاق حول الموقف من النظام الحالي وفقدان الشعبية أو تآكلها، وأنه نظام يعد امتداداً لعصر مبارك، إلّا أن تلك القوى والأحزاب لا تبحث عن العوامل المشتركة للبناء عليها.