أهم الأخبار

مسارات تحرك المحور (السعودي - التركي - القطري) في الأزمة السورية

2015-10-21 الساعة 07:54م (يمن سكاي - شؤون خليجية)

تتصاعد مؤشرات إمكانية تشكل حلف سني قوامه "السعودية- تركيا- قطر" يكون قادرًا على التلويح بالخيار العسكري، في مواجهة الاحتلال الروسي - الإيراني لسوريا، ولم تتضح بعد آليات هذا الحلف وشكله النهائي والمتحالفين معه، ولكن البوادر الأولية تشير إلى أنه لن يدخل في مواجهة مباشرة مع حلف "موسكو - طهران"، ولكنه سيتبنى على الأرجح استراتيجية تسليح المعارضة السورية المعتدلة التي تخوض حرب تحرير سوريا.

 

ويرى مراقبون أن السلاح والتدريب سيكون من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لما لها من مناطق نفوذ وسيطرة ميدانية، ولكن لا يدل ذلك على أن واشنطن ترغب بدعم المعارضة والتحالف السني الناشئ، ولكنه يعكس استراتيجية أمريكية تهدف إلى إضعاف الدب الروسي الصاعد وتحجيم دوره ونفوذه بالمنطقة، ما يرجح خوض الولايات المتحدة لحرب بالوكالة ضد التدخل الروسي لإنهاكه.

 

 في الوقت نفسه، يتبني المحور نفسه "السعودي- القطري- التركي" أولوية الخيار السياسي والحل السلمي، وأبدت دوله مرونة نسبية في هذا الشأن، وسط سعي دولي وأوروبي حثيث للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية يدور حول "عملية انتقالية" تضمن في نهايتها رحيل بشار الأسد.

 

 

 

تلويح بالخيار العسكري

 

في تلويح باستمرار الخيار العسكري مع أولوية الحل السلمي، أكد وزير الخارجية القطري، خالد بن محمد العطية، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية، بُثت صباح اليوم الأربعاء، أن "مجلس الأمن الدولي لا يقوم بما فيه الكفاية لحماية الشعب السوري، لذلك حملنا، على عاتقنا، نحن وأصدقاؤنا مهمة القيام بكل ما بوسعنا لحماية الشعب السوري، عبر دعم المعارضة السورية المعتدلة".

 

وعن دعم قطر حركة "أحرار الشام"، قال العطية، "لنفتح أولاً سجل أحرار الشام، هؤلاء ليسوا حلفاء تنظيم (القاعدة)، وهم مجموعة سورية، يحاربون لتحرير بلادهم، ونحن لا نعتبرهم مُطلقاً متطرفين وإرهابيين"، لافتاً إلى أنّهم جزء من المعارضة السورية المعتدلة، ويقاتلون من أجل حرية بلدهم.

 

وفيما إذا كانت دولة قطر والمملكة العربية السعودية، ستقومان بالتدخل المباشر في سوريا على خلفية التدخل الروسي، قال وزير الخارجية القطري: إن "أي شيء سيؤدي إلى حماية الشعب السوري، ويحمي سوريا من الانقسام لن نألوَ جهداً للقيام به مع إخوتنا السعوديين والأتراك، مهما كان هذا الشيء، وإذا كان التدخل العسكري سيحمي الشعب السوري من وحشية النظام السوري فبالطبع سنقوم به". لافتاً إلى أن "الشعب السوري، اليوم، يقاتل على جبهتين؛ جبهة النظام وجبهة الجماعات الإرهابية، وهو يفعل ذلك منذ سنتين، وهناك الكثير من الطرق لتعزيز قوته".

 

 

وتؤكد هذه التصريحات وجود تنسيق بين الدول الثلاث "قطر- السعودية- تركيا"، وتوافق حول مسارات التحرك تجاه نظام الأسد وفق رؤية واضحة تعطي أولوية لتسليح المعارضة المعتدلة، مع التحرك بالوقت نفسه بقوة للتوصل لحل سياسي لحل الأزمة، مع التلويح بالخيار العسكري كخيار أخير غير مستبعد.

 

وعن بروز ما يسمى بقوى (4+1) "المتمثلة بالنظام السوري وروسيا والعراق وإيران زائد حزب الله"، أوضح وزير الخارجية القطري "نحن لدينا خياران في المنطقة، الأول يتمثل في الصراع وهو ما نحاول دائماً تجنبه، والخيار الثاني يتمثل في الحوار الجدي لحل مشاكلنا في بيتنا"، مضيفاً: "إننا لا نخشى أي مواجهة، ولهذا سندعو للحوار من موقع القوة، لأننا نؤمن بالسلام، والطريق الأقصر للسلام يكون بالحوار المباشر".

 

وبذلك ترك وزير الخارجية القطري الباب مفتوحًا للحوار والتفاهم مع إيران، وهي الرقم الأصعب في المعادلة السورية، وتعد هي المفاوض الحقيقي وليس نظام بشار، وتتحكم في مفاصل العملية السياسية والعسكرية، وتملك أوراق اللعبة وقادرة على حسمها والتوصل لتسويات سياسية نهائية، ليس فقط حول سوريا ولكن حول اليمن والعراق.

 

 

 

سلاح أمريكي بتمويل عربي

 

والسؤال المطروح الآن: هل يكون السلاح أمريكي للمعارضة السورية المعتدلة بدعم وتمويل من التحالف "القطري- التركي- السعودي"، خاصة وأن هذه الدول أكدت استمرار خيارها في دعم المعارضة؟، وقد كشف المغرد السعودي الشهير «مجتهد» عن قرار أمريكي بتزويد القوات السورية المعارضة الموالية لها بمضادات طيران بتمويل سعودي، وذلك لكسر هيبة «بوتين» بعد قصفه الفصائل السورية الموالية لأمريكا.

 

 وأوضح في تغريدات له عبر تويتر أنه «بعد تردد وخوف من أن تقع في يد النصرة والدولة (داعش)، قررت أمريكا المخاطرة بتزويد الفصائل السورية الموالية لها بمضادات طيران متطورة بأموال سعودية». مضيفاً أن الهدف من ذلك «ليس حماية الفصائل من القصف، بل كسر هيبة بوتين بعد أن خدع الأمريكان، وزعم أن وجوده في سوريا لقصف الدولة والنصرة، ثم فاجأهم بقصف فصائلهم».

 

ويرى محللون أن الولايات المتحدة تريد جر الدب الروسي للمستنقع السوري، لإنهاكه وإضعافه وتحجيم دوره دون مواجه مباشرة معه، ويبدو أن واشنطن ستواجهه عبر المعارضة والدول الداعمة لها، حيث كشف ثوار حلب في تصريحات لصحيفة "أوبزرفر" البريطانية، الأحد الماضي، عن تلقيهم خلال الأيام الماضية، كمية كبيرة من الصواريخ المضادة للدبابات من تركيا والسعودية وقطر والولايات المتحدة.

 

وفيما يعد بوادر تشكل حلف سني ذي طابع عسكري، أفادت النشرة الأسبوعية لموقع "أنتلجنس أون لاين"، الاستخبارية الفرنسية، في عددها بتاريخ 9 أكتوبر الماضي أن بعض دول الخليج لا تنوي الجلوس والتفرج، في الوقت الذي تكثف فيه روسيا انغماسها العسكري في سوريا. وأشارت إلى أنه استنادًا للمعلومات التي تم الحصول عليها من مصادر الثوار السوريين، فقد وعدت الرياض والدوحة بدعم الثوار بأحدث جيل من الصواريخ المحمولة أرض - جو، أو منظومات الدفاع الجوي المحمولة (MANPADS).

 

ومن المتوقع أن تتولى الاستخبارات التركية (MIT) التعامل مع الجوانب التقنية للعملية، وأبرزها إيصال الإمدادات إلى الثوار المقاتلين في شمال سوريا، فيما يرى مراقبون أنه إلى جانب قطر وتركيا تعد السعودية أحد أكبر الداعمين لعدد من فصائل الثورة السورية والجيش الحر، المنضوي في غرف عمليات "الموك" المتمركزة في كل من تركيا والأردن، والتي تشارك الرياض بالإضافة إلى عدد من الدول الغربية في الإشراف عليها، وتسليحها، دون تقديم سلاح نوعي مضاد للطائرات، امتثالاً للفيتو الأمريكي.

 

وبخلاف تركيا، تبدو خيارات المملكة السعودية أوسع، وأكثر تنوعاً، ولا تربطها بروسيا علاقات استراتيجية تخشى تضررها كثيراً. كما أنها لا تزال تركز في علاقاتها وتلبية احتياجاتها العسكرية والاقتصادية على الغرب، ما يجعلها بمنأى عن أي ابتزاز روسي. كذلك اتجهت قطر منذ فترة لتبني نفس سياسة الرياض في تنويع مصادر السلاح بصفقات فرنسية وأمريكية، واتفاقيات أمنية تجعلها أكثر جرأة في خياراتها تجاه تسليح المعارضة ضد روسيا، وما قد يحمله من تداعيات وتبعات.

 

 

 

حراك سياسي نشط لتسوية سياسية

 

ويعد خيار تسليح المعارضة السورية خيار استراتيجي لدى محور "تركيا- قطر- السعودية"، ولكن هناك مخاوف أن تستنزف واشنطن روسيا ودول المنطقة وإيران معًا في حروب مفتوحة تبدأ بالوكالة، ثم تتحول لحرب إقليمية، ما يجعل عملية التدخل في سوريا ضد روسيا محفوفة بالمخاطر وتحتاج حلولًا متدرجة ومدروسة، وفي هذا الإطار يمكن تفهم تصاعد الحديث عن عملية انتقالية، حيث قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الاثنين الماضي، إنه يمكن للرئيس السوري بشار الأسد البقاء في السلطة إلى حين تشكيل حكومة انتقالية في سوريا.

 

لكن الجبير، أكد في مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير في الرياض، أنه "يجب أن يتنحى الأسد بعد تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية". وأضاف: "يجب ألا يكون للأسد أي دور في الحل السياسي"، مشيرًا إلى أنه يستطيع البقاء خلال عملية تشكيل السلطة الانتقالية، ولكن ما إن تشكل هذه الهيئة وتصبح قادرة على الحكم، لا دور للأسد حينها".

 

وأكد مراقبون أن تصريحات الجبير، ليست تنازلًا من السعودية، ولكن خطوة على طريق حلحلة الأزمة سياسيًا، ووضع إيران وروسيا في موقف حرج في حال تمسكهم باحتلال روسيا والإبقاء على الأسد.

 

يأتي ذلك بالتزامن مع تسريبات حول "أفكار" للحلّ السياسي في سوريا، من بوابة تركية، مع نشر وسائل إعلام تركية ووكالات أنباء عالمية، ما قالت إنها تسريبات من مسؤولين أتراك في وزارة الخارجية، مفادها أن أنقرة مستعدة لقبول انتقال سياسي في سوريا يظل بموجبه الرئيس بشار الأسد، في السلطة بشكل رمزي لمدة 6 أشهر قبل تنحيه.

 

وقال أحد المسؤولين لوكالة "رويترز": إن "العمل على خطة لرحيل الأسد جار. يمكن أن يبقى ستة أشهر، ونقبل بذلك لأنه سيكون هناك ضمان لرحيله". كما استطرد قائلاً: "تحركنا قدماً في هذه القضية لدرجة معينة مع الولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين. لا يوجد توافق محدد في الآراء بشأن متى ستبدأ فترة الستة أشهر هذه، لكننا نعتقد أن الأمر لن يستغرق طويلاً".

 

حراك سياسي نشط من المحور السني في محاولة لتجنب الخيار العسكري مع التلويح بالقدرة عليه.. فهل تنجح دوله "الثلاثة" في حسم سياسي للأزمة السورية يخرجها من دائرة الصراع حول النفوذ بين الولايات المتحدة وموسكو، أم تنخرط في حرب بالوكالة مفتوحة الأمد ومجهولة العواقب؟

 

المصدر : شؤون خليجية-خاص

الأكثر زيارة
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص