2015-02-17 الساعة 11:51ص (يمن سكاي متابعات)
الرباط وطهران تطويان صفحة الماضي بحذر عقب عودة علاقاتهما، والملك محمد السادس يهنئ روحاني بذكرى انتصار الثورة، والتحولات في المنطقة وتعاظم دور إيران؛ عوامل أسهمت في تسريع عودة الدفء للعلاقات بعد استفادة إيران من تحفظات المغرب بشأن أمنه "الثقافي والديني".
من دون ضجة إعلامية كبيرة، استأنف المغرب وإيران في الآونة الأخيرة علاقاتهما الدبلوماسية التي ظلت مقطوعة منذ نحو ستة أعوام، بعد أن عينت إيران سفيرا جديدا لها في الرباط.
وقدم العاهل المغربي الملك محمد السادس تهنئة رسمية للرئيس الإيراني حسن روحاني بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية في إيران.
ورغم أن هذه النقلة الدبلوماسية جاءت نتيجة لقاءات سابقة بين مسؤولي البلدين في الكواليس لطي صفحة الخلافات بينهما، فإن عددا من المحللين يرون أن التحولات السياسية والإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ساهمت في التسريع بهذه الخطوة.
وعزز تقديم الملك محمد السادس تهنئة إلى الرئيس روحاني بمناسبة ذكرى الثورة الإسلامية في إيران هذا التوجه، وهو ما اعتبرته تقارير صحفية في المغرب "مبادرة تحمل دلالة سياسية واضحة" لعودة الدفء لعلاقات البلدين بعد قطيعة أعلنها المغرب في شهر مارس/آذار 2009، بعد اتهامه السفارة الإيرانية في الرباط بدعم أنشطة تمس بوحدة العقيدة والمذهب السني المالكي في البلاد.
ولم يخفِ وزير الشؤون الخارجية المغربي السابق، سعد الدين العثماني، في تصريح صحفي تفاؤله بشأن "التحسن التدريجي" لهذه العلاقات، لكنه قال إن ذلك سيتم "ببطء".
وكشف العثماني أن مؤشرات عودة تلك العلاقات تعود إلى السنوات الثلاث الأخيرة، من خلال لقاءات رسمية وغير رسمية لدبلوماسيين من البلدين، مشيرا إلى أن إيران استفادت من تحفظات المغرب المتعلقة "بأمنه الثقافي والديني" ، والتي شكلت الأسباب الرئيسة للقطيعة السابقة.
دبلوماسي واقتصادي
وفي الإطار نفسه، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي عبد المالك إحزيرن -في تصريح للجزيرة نت- أن التقارب الدبلوماسي بين البلدين يندرج في إطار حسابات "براغماتية" فرضها التقارب الإيراني الأميركي الأوروبي.
وأضاف أن المغرب يسعى من خلال هذا التقارب إلى "امتصاص الإحساس بالقوة الإيرانية" في ظل الضعف العربي الحالي، موضحا أن "التقارب سيشمل الجانب الاقتصادي بشكل أساسي، ولن يشمل التعاون الأمني بسبب الحساسية التي يثيرها المذهب الشيعي في المغرب".
وتوقع أن تظل الدبلوماسية المغربية حذرة في التعامل السياسي مع إيران رغم التطبيع الحالي، ورغم أنه "لا يمكن الحسم في مستقبل العلاقات بين البلدين لاعتبارات سياسية وإستراتيجية ترتبط بتحالفات المغرب مع دول المنطقة".
الدور الإيراني
وبدوره أكد الإعلامي المغربي هشام تسمارت للجزيرة نت أن استئناف العلاقات بين طهران والرباط يأتي غداة تعاظم الدور الإيراني في الشرق الأوسط، ولا يبدو في صالح المغرب "تجاهل قوة بارزة بات الغرب نفسه يفاوضها بأناة حول مشروعها النووي".
ولاحظ تسمارت أن تعافي العلاقات بين البلدين يظل رهنا بمدى حصول تقارب بين دول الخليج العربية وإيران، وبإمكانية حدوث انعطافة في سياسية الرياض الخارجية تجاه طهران بعد رحيل العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
واستدل بذلك على أن الشراكة الإستراتيجية التي تجمع المغرب بدول مجلس التعاون الخليجي تجعل من المستبعد أن تمضي الرباط بعيدا في تعاونها مع طهران، ما لم تنقص درجة الاحتقان بينها وبين تلك الدول.
قضية الصحراء
وذكر أن سلوك إيران مستقبلا مع المغرب، هو الذي سيظهر ما إذا كانت قد كبحت طموحاتها في المملكة التي تحرص على تقديم نفسها بمثابة عرّاب الإسلام السني المالكي في المنطقة وتصديره لدول أفريقيا جنوب الصحراء، حتى إن كان المغرب قد سمح للتنظيم الرسالي الشيعي بالخروج إلى العلن مؤخرا.
ومن جهة أخرى، يرى تسمارت أن الرباط تظل بحاجة لدعمٍ إيراني لموقفها من قضية الصحراء الغربية، لا سيما أن إيران من الدول التي سحبت اعترافها بجبهة البوليساريو.
وأكد أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج العربية، والاستقطاب الشيعي في أوساط الجالية المغربية في أوروبا، سيحددان مصير هذه "المصالحة الحذرة" بين البلدين.
المصدر : الجزيرة