2015-01-15 الساعة 06:17م
هل يوجد تنظيم قاعدة في اليمن أم لا يوجد؟
هل يوجد فكر متطرف يمارس الجريمة باسم الإسلام أم لا؟
هل يوجد توظيف استخباراتي لحماقات جماعات العنف والإرهاب أم لا؟
هل يتحمل النظام الإقليمي والدولي جزءاً من المسؤولية في رعاية التطرف من خلال قمع الاتجاهات الإسلامية السلمية والديمقراطية أم لا؟
هل يتحمل بعض علماء الدين جزءاً من المسؤولية في تبنيهم للإدانة المقرونة بـ "لكن" أم لا؟
هل نتحمل نحن كأفراد وآباء وأمهات ومعلمين وصحفيين المسؤولية في إذكاء جذوة التطرف عوضاً عن إخمادها أم لا؟
التفسير المبسط للظواهر المعقدة يفضي في النهاية إلى استنتاجات وأحكام سطحية، وهذا ما حدث ويحدث في تقييم موضوع "التطرف والإرهاب" الذي يضرب في كل مكان من اليمن إلى العراق ولبنان وسوريا وحتى فرنسا.
لدينا فكر منحرف ومتطرف، ولدى كل الديانات والحضارات والثقافات.
كان موجوداً حتى في أيام النبوة والخلافة الراشدة، لكنه كان محدوداً ومحاصراً، ثم ازدهر وخرج من قمقمه بعد أحداث الفتنة الكبرى من خلال فكر الخوارج، واستمر في التاريخ الإسلامي كما البشري عامة، يخفت في المجتمعات المستقرة التي تغلب فيها قيم العدالة والحرية، ويزدهر في الأوضاع الشاذة وغير السوية.
في القرنين العشرين والحادي والعشرين أصبحت الظواهر الاجتماعية والسياسية أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، بفعل تراكم الخبرة الإنسانية في الجوانب المختلفة للخير والشر. والقوى الدولية المهيمنة عندما تستخدم وتوظف جماعات التطرف والإرهاب لتنفيذ مشاريعها في المنطقة والعالم، لا ينفي بالمطلق أن هذا الفكر المنحرف موجود، وسيظل موجوداً ومتربصاً، ينتظر فقط البيئة الملائمة لازدهاره.
يصعب تعميم تفسير واحد "نسخ لصق" لكل أعمال العنف والتطرف، لأن التفاصيل تقود إلى تقييم مختلف لكل حالة.
الأحداث التخريبية الأخيرة (مثلاً) في اليمن وفرنسا، يصعب الاقتناع بتعميم واحد من قبيل "المؤامرة" التي يمتلك الغرب كل خيوطها لتنفيذ مخططاته!
في اليمن سمحت القوى الإقليمية والدولية لجماعات العنف (القاعدة والحوثي) بتصدر المشهد، لصناعة مشهد يشبه "كسر البيضة بالبيضة".. لكن هل يمكن قبول هذا التفسير كمؤثر وحيد لما يحدث في اليمن؟ طبعاً لا.
في فرنسا.. حدث ما يشبه خروج الأفاعي التي يربيها الخبثاء لتنفيذ عمليات في مكان وزمان مختلف.. خرجت قبل موعدها ولدغت مربيها وراعيها..
هل يمكن قبول هذا التقييم كتفسير وحيد لمهاجمة أسبوعية "شارلي إيبدو" بباريس؟ طبعا لا.
لا يمكن تفسير الظاهرة من خلال إجابة بسيطة واحدة لسؤال مغلق واحد من عينة الأسئلة السابقة، والسؤال المغلق الذي يبدأ بـ "هل" يستهوي التفكير السطحي غير المركب.
ستكون نتيجة ذلك التقييم الذي لا يكلف نفسه عناء البحث في التفاصيل، أن يصرخ في النهاية "أنا شارلي" أو "أنا القاعدة"!