أهم الأخبار

«ميدل إيست آي»: صبي عمره 17 سنة يحكم تعز! ماذا تعرف عن المخلافي أحد قادة حرب اليمن؟

2018-11-28 الساعة 05:32م (يمن سكاي - متابعات)

لا يزال مراهقًا، لكنه مع ذلك يقود مئات المقاتلين. متهور، لكنه رغم ذلك «شيخ» يمكنه التحكيم في النزاعات التي تشتعل بين البالغين. ليس لديه وظيفة، لكنه جمع ثروة كبيرة عن طريق الابتزاز، بهذا وصفت صحيفة «ميدل إيست آي» غزوان المخلافي، «الصبي» لم يكمل تعليمه المدرسي بعد، والذي اعتبرته مثالًا واضحًا على ما تفعله الحرب في اليمن بحق الأطفال.

وتواصل الصحيفة: هذا الأسبوع، أثبت غزوان المخلافي مجددًا (18 عامًا، وأحد أقوى رموز السلطة في تعز، ثاني أكبر المدن اليمنية) أنه أقوى من أن تحتجزه الشرطة. حيث انخرط مقاتلوه في وقت الغداء يوم الخميس الماضي في مصادمات مع الشرطة العسكرية في المدينة، جزء من الحملة التي تشنها الأخيرة ضد الميليشيات المسلحة.

ومن ضمن من سقطوا ضحايا جراء تلك الهجمات، كان هناك فتاة صغيرة أشعلت صورتها وهي تتلقى العلاج الطبي الكثير من الجدل.

 

 

مع غروب شمس ذلك اليوم، كانت الشرطة العسكرية قد ألقت القبض على المخلافي، لكنها اضطرت إلى إطلاق سراحه مع حلول المساء وسط مخاوف من أن يؤدي احتجازه إلى إشعال المزيد من أعمال العنف.

على خُطا العائلة

ويعد المخلافي -بحسب ميدل إيست آي- أحد الأمثلة المتطرفة على حال صارت شائعة في الحرب اليمنية: الجندي الطفل. ففيما نقترب من نهاية السنة الرابعة للحرب، يبدو الناس أكثر يأسًا، حيث بلغت حصيلة الضحايا نحو 56 ألف قتيل، وآلاف المشردين، فضلًا عن الملايين الذين يواجهون بشكل متزايد الأمراض والمجاعات التي خلفتها الحرب.

في ظل تلك الظروف، قد تحافظ العائلات على بقائها باللجوء إلى تدابير بائسة، بما في ذلك إرسال أطفالها – الذين قد لا يكونون قد بلغوا بعد سن المراهقة- إلى جبهات القتال، حيث يحصل المقاتلون الشباب على راتب شهري يصل عادة إلى 60 ألف ريال (100 دولار)، وهو رقم أعلى من متوسط الأجور الشهرية في البلاد، ويرسل هؤلاء بالأموال إلى عائلاتهم للمساعدة.

وقد واجه كل من الحوثيون والقوات الموالية والحكومة اتهامات بتجنيد الأطفال: ففي مارس (آذار) 2017، قدرت «اليونيسيف» العدد في حده الأدنى خلال العامين السابقين بـ 1.572 طفل، بعضهم في عمر الحادية عشر. لكن بعض هؤلاء -مثل المخلافي- قد صاروا قادة عسكريين في تلك الحرب المبكرة.

يخشى سكان تعز من مناقشة أمر المخلافي خوفًا من أن يتم استهدافهم، ويذكر رأفت -وهو جار سابق للمخلافي، عرفه قبل عام 2015، لكنه يخشى التصريح بهويته الحقيقية لأسباب تتعلق بسلامته- أن المخلافي قد نشأ في أسرة عسكرية، وأن لم يبد اهتمامًا بالدراسة أو الأعمال المشروعة، بل بدأ يتعامل مع الأسلحة منذ كان في عمر العاشرة.

المخلافي يتوسط بعض مقاتليه

ويضيف لـ«ميدل إيست آي» : «في الوقت الذي كان يستمتع فيه الأطفال باللعب مع بعضهم وقت الظهيرة، لم يترعرع (المخلافي) وسط أقرانه، بل كانت تربيته بين الكبار والبالغين، لقد علموه بعض العادات السيئة مثل مضغ (مخدر) القات، والقتال في سن العاشرة، أن تكون طفلًا وذا تأثير، فهو من علامات الرجولة بالنسبة للقبائل اليمنية».

بدأ المخلافي قتاله ضد قوات الحوثيين، وبحسب ما يصرح المصدر لـ«ميدل إيست آي» فقد «التحق بالمقاومة الشعبية في 2015 حيث كان لا يزال في الصف الأول الثانوي، وقاتل ضد الحوثيين في العديد من الجبهات تحت قيادة عمه صادق سرحان»، ويعد سرحان قياديًا عسكريًا مؤثرًا من حزب الإصلاح، ويتولى قيادة «اللواء 22 ميكانيكي».

كما يعتبر حزب الإصلاح فرعًا عن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، برغم أنه قد غير اسمه منذ العام 1990. ويعارض الحزب الحوثيين، بالغضافة إلى القوات التي تسعى إلى الانفصال جنوبي اليمن، ولذلك فقد دخل في صدامات مع المقاتلين المدعومين إماراتيًا في عدن.

وعشيرة المخلافي -بحسب الصحيفة- هي واحدة من القبائل المعروفة في تعز، حيث ينتمي إليها أيضًا الشيخ حمود المخلافي مؤسس «الجبهة الشعبية» في المدينة، الذي عين في قيادة الجبهة الأمامية في منطقة شارع الأربعين بعدما أبلى بلاءً حسنًا في القتال ضد الحوثيين. وبحسب مصدر «ميدل إيست آي» فإنه «من المشرف بالنسبة لسكان تعز أن يروا أطفالهم يرفعون بنادقهم في وجه ميليشيا الحوثيين».

«بلومبيرج»: هكذا مهدت السعودية والإمارات لجيل جديد من «الأفغان العرب» في اليمن

المخلافي يفرض «إتاوة» على تجار المدينة

من بين المقاتلين الذين يصحبونه، تتابع الصحيفة، يمكن ملاحظة المخلافي ضئيل البنية حليقًا، ويقدر المراقبون عمره ما بين 16 و17 عامًا، وإن كان مصدر من مكتبه قد نفى أن يكون عمره 16 عامًا، مؤكدًا أنه قد أتم الدراسة في الصف الثالث الثانوي، وإن لم يعطِه عمرًا محددًا. لكن ما سر تلك القوة التي يمتلكها المخلافي؟

يظهر الصبي عادة مرتديًا الزي التقليدي لسكان تعز، حاملًا الكلاشينكوف على كتفه، وحين يغادر منزله يكون مصحوبًا بقافلة من خمس سيارات على الأقل، كل منها مملوءة عن آخرها بالمقاتلين. وبعيدًا عن كونه قائدًا عسكريًا، فإنه يعد كذلك «شيخًا» له سلطة التحكيم في المنازعات بين سكان المدينة، وبحسب مصادر في مكتبه فإن «العديد من الناس اليوم يزورون الشيخ غزوان لحل منازعاتهم».

ينحدر المخلافي من أسرة لها باع طويل في العمل العسكري

المخلافي وجنوده كذلك معروفون في أسواق تعز حيث يقومون بابتزاز أصحاب المتاجر والمحال التجارية للحصول على المال. وقد أخبر أحد بائعي القات «ميدل إيست آي» أن «جنود المخلافي يأتون إلى السوق ويجمعون على الأقل نحو ألف ريال (1.5 دولار) من كل بائع»، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه المكاسب اليومية ألفي ريال (ثلاثة دولارات).

وبحسب البائعين، فلا أحد يجرؤ على معارضة المخلافي بسبب القوة والوحشية التي يتمتع بها، كما أن السلطات المحلية لا توفر أي حماية ضد تصرفاته، ويتابع المصدر لـ«ميدل إيست آي»: «لا أجد يجرؤ على سؤال الطفل أين ينفق تلك الأموال.. بما في ذلك الحكومة نفسها».

في العام الماضي، أدت السلطة المتنامية للمخلافي إلى اندلاع صراع بينه وبين قوات أبي العباس، وهو قيادي سلفي اتهمه بزعزعة الاستقرار في المدينة وحاول إلقاء القبض عليه، وكانت النتيجة شهور من القتال العنيف بين الجانبين، أفضى إلى عشرات القتلى ومئات الجرحى بينهم مدنيون، قبل أن يقرر أبو العباس في أغسطس (آب) الانسحاب مع رجاله من تعز والقتال في المناطق الريفية جنوب تعز.

من يذهب إليها لا يعود.. لماذا سُمّيت اليمن «فيتنام»؟

«هل عدمت تعز رجالها؟»

تؤكد «ميدل إيست آي» أن لا يجرؤ أحد عادة على انتقاد المخلافي علنًا، وقد رفضت المنظمات غير الحكومية (الدولية والمحلية) التي تواصلت معها «ميدل إيست آي» مناقشة نشاطاته، وعادة ما تأتي الانتقادات له من خارج سكان المنطقة.

وقد أشعل فتحي بن لزرق، وهو رئيس تحرير صحيفة الغد التي تتخذ مدينة عدن مقرًا لها فتيل نقاشات عامة الأسبوع الماضي حين كتب على صفحته على فيس بوك منشورًا يقول فيه: «والله إن هذا الطفل الورع الذي يعبث بتعز وأهلها وصمة عار في جبين حوالي 4 مليون من أبناء تعز».

وتابع قائلًا :«كل ما أراه وتصلني أخبار عبثه بالناس في تعز أردد بداخلي: «كل الرجال ماتوا». أن يقود طفل كهذا بعقليته البلطجية مدينة لها شأنها كتعز والله إنه عيب بحق رجالها وعقلائها.. ألا يوجد رجل شجاع واحد يوقفه عند حده؟».

 

 

فيما كتب عبد الناصر الصادق وهو صحفي حر مقيم في تعز منشورًا على صفحته يقول فيه: «والله إنك أشجعهم يا غزوان لأنك أثبت أن كل القادة العسكريين في تعز ليسوا مؤهلين لقيادة فريق كشافة في مدرسة، فما بالك بأهم مدن اليمن».

 

 

أما رأفت، فيذكر لـ«ميدل إيست آي» أن «المشكلة الرئيسية ليست في كون المخلافي طفلًا، بل أنه -وقبل الحرب- معروف باستخدامه العنف والإجرام ضد الضعفاء». ويضيف: «كل جيرانه يعلمون أن هذا الطفل مدعوم من القيادي العسكري في الإصلاح صادق سرحان، وأنه انتهب أراض تعود إلى بعض المساكين قبل الحرب. وحتى أثناء الحرب فقد اقتحم بعض المنازل في مناطق النزاع ونهبها».

«ليذهب إلى الخطوط الأمامية أو ليبق في بيته»

وتتابع الصحيفة: الشرطة العسكرية في تعز مسؤولة عن حفظ الأمن ومكافحة الميليشيات مثل المخلافي. وقد أخبر مصدر في الشرطة «ميدل إيست آي» بأن قواتها ملتزمة بمحاربة الميليشيات سواء كانوا سلفيين أو تابعين للمخلافي: «يجب أن يلتزم المخلافي بالقتال على الخطوط الأمامية، وإلا فإن عليه البقاء في منزله، لا أن يعمل عمل الميليشيا في المدينة»، مضيفًا: «إذا كان قد شارك في القتال ضد الميليشيا السلفية، فإن هذا لا يعني أنه سيكون مسموحًا له بعد ذلك أن يلعب نفس الدور الذي كان يلعبه السلفيون».

ويبدو أن هذا الالتزام هو الذي دفع الشرطة إلى الدخول في نزاع ضد المخلافي يوم الخميس الماضي، حينما كان يجمع المال من السوق، ما أدى في النهاية إلى اعتقاله، غير أن سكان المدينة توقعوا أن يُطلق سراحه سريعًا، وهو ما تم بالفعل. وتنقل الصحيفة عن مصطفى البكيري وهو أحد سكان تعز تلخيصًا تلك الحالة بالقول: «لا أحد يجرؤ على اعتقال المخلافي، لأن لديه مقاتلين، وهم على استعداد لقتال أي شخص».

 
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص