أهم الأخبار

"نيويورك تايمز": الوجبات الباذخة في اليمن للقليلين والجوع للكثيرين

2018-12-02 الساعة 11:10م (يمن سكاي )

في مطعم في العاصمة اليمنية صنعاء، احضر النادل قدرا من لحم الضان المطهو ببطء والذي يقدم مع أكوام من الأرز، وحلى الكنافة الطبق العربي الكلاسيكي من المعجنات ذهبية اللون والمليئة بالجبن. وبعد ساعة عدت إلى العمل، في جناح في إحدى المستشفيات المليئة بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية مع وجوه هيكليه، والمعلقة بين الحياة والموت بسبب الحاجه الى المال والوجبات الجيدة. إذا صدمتك هذه المقاربة، وجعلتك تشعر بالإشمئزاز، فقد شعرت بذلك أيضا ، فغالبا ما تكون مناطق ألازمات أماكن فيها التناقض الصارخ، ولا يشعر الخليجيون بالراحه على وجه الخصوص، فالمشكلة ليست عدم توفر الغذاء، المشكلة هي ان قله من الناس يمكنها ان تتحمل قيمة الغذاء المتاح. وقد أدت سنوات الحصار والقنابل والتضخم المتصاعد إلى سحق الاقتصاد، وفي الدولة المحطمة فإن ذلك يعني انه لا توجد شبكه أمان. ونتيجة لذلك، يتجمع المتسولون خارج محلات السوبر ماركت المليئة بالسلع ؛ وتمتلئ الأسواق بالمنتجات في المدن حيث يأكل الجياع الأوراق المسلوقة ؛ وتوجد المطاعم التي تبيع الطعام الغني علي بعد بضع مئات من الأمتار من عنابر الجوع المليئة بإلياس والألم والموت. وبالنسبة للمراسل، فهذا يجلب معضله أخرى، حيث يسافر الصحفيون بحزم من العملة الصعبة، وعاده ما تكون الدولارات، لدفع تكاليف الفنادق والنقل والترجمة، و قد يذهب جزء صغير من تلك النقود لعائله جائعه، فهل يجب ان أتوقف واضع دفتر ملاحظاتي واعرض للمساعدة ؟ انه سؤال طرحه بعض القراء بعد ان نشرنا مقالا حديثا حول المجاعة التي تلوح في الأفق في اليمن، وقد لمست الكثير منهم صورة قوية من تايلر هيكس لأمل حسين، وهي فتاة هزيلة تبلغ من العمر سبعة أعوام، دفعت نظراتها المؤلمة الى التركيز على التكلفة الإنسانية المروعة للحرب . وقد دمر الكثير منهم عندما علموا أنه بعد مغادرتنا بفترة وجيزة، أعادتها أم أمل إلى مخيم اللاجئين الرث الذي يسمونه المنزل، حيث توفيت بعد بضعة أيام. وتحول الم البعض، الى التركيز مرة أخرى علينا وتسائلوا لماذا لم نفعل شيئًا لإنقاذ حياة أمل، وقد أرادوا أن يعرفوا، هل أخذنا الصورة فقط، وإجراء المقابلة ثم مضينا قدما؟ ألا نستطيع التأكد من أن عائلتها ستحصل على المساعدة؟. وقالت إحدى النساء "يمكنك التقاط الصورة وتقديم المساعدة، لا يمكنك ان تستثني الآخرين من المساعدة ، وترددت أصداء تلك الأسئلة، والحقيقة ان المراسلون مدربون على الإدلاء بشهادتهم، كما أن عمال الإغاثة والأطباء لديهم مهمة مساعدة الناس. ويمكن ان يكون التبرع بالمال أو غيره من اشكال المساعدة محفوفا بالتعقيدات الأخلاقية والمعنوية والعملية،فهل سيكون من العدل ان تخص عائله واحدة بالمساعدة، وما ذا لو قاموا باختلاق قصتهم للأجنبي القادم، ظناً منهم أنهم يستطيعون الحصول على المزيد من المال؟ بالإضافة إلى ذلك ، لدينا مهمة يجب القيام بها... يظهر الأطباء حولنا، وفي بعض الأحيان ننتهي بالتصرف مثلهم مثل فحص الأطراف والجلد المترهل، وفرز الأرقام عن الوزن والسن ؛و الاستماع لمآسي العائلات بهدوء مذهل، ومناقشة احتمال الموت، وفي كل مرة نقوم بهز رؤوسنا وندون الملاحظات ثم نمضي قدما. نحاول جاهدين ان نقلد الحجر، لكنا لسنا أحجارا، وعاده ما توجد تفاصيل صغيره ، مثل عدم وجود بضعة دولارات لنقل طفل متوفى إلى المستشفى، تدرك أن اليمن بلد يموت فيه الناس بسبب عدم وجود سيارة أجرة. على اليمنيين التنقل بين هذه التضاريس أيضًا في حين يموت البعض، ويحاول البعض الآخر العيش، وفي إحدى الليالي، عدنا إلى فندقنا في حجه، وهي بلده محاطه بتلال صخرية في محافظه اجتاحتها الغارات الجوية السعودية، وبينما انا مستلقي في السرير، أذهلني انفجارا قويا تبعه ضوء ملا السماء—لم تكن تلك قنبلة، بل ألعاب نارية. منذ بداية الحرب، ارتفع معدل الزواج في اليمن، وهكذا، ففي هذه المدينة التي كان فيها الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يهلكون في مستشفى المدينة ، كان آخرون يرقصون ويحتفلون طوال الليل. لكن الطفرة في حفلات الزفاف، كما تبين، لم تكن سوى آلية للبقاء على قيد الحياة، وبالنسبة لجميع الفئات الاجتماعية ينزل اليمنيون الى اسفل سلم الفق، حيث كانت الأم فيما مضى تشتري كيسًا من الأرز لإطعام عائلتها، أما الآن فهي قادرة على تحمل حقيبة صغيرة فقط، و يجلب طلب يد الابنة للزواج مهر العروس، وبالتالي تشكل حفلات الزفاف مصدر دخل للأسرة. ومن المقلق ان العديد من العرائس من الأطفال، ووفقا لما ذكرته اليونيسف، فان ثلثي الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشره، بعد ان كانت 50 % قبل الحرب.. ومع عبورنا اليمن - من ميناء "الحديدة" الذي مزقته المعارك إلى الجبال التي كانت بحوزة الحوثيين- في رحله وعره بطول 900 ميل، شاهدنا مشاهد من المعاناة المفجعة التي تكشفت علي خلف
شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص