2021-10-15 الساعة 04:34م (يمن سكاي - )
لم يجد برنامج الغذاء العالمي أية مؤشرات إيجابية، تنبئ بتحسن الأمن الغذائي حول العالم، وذلك في تقريره الأخير الصادر الشهر الماضي، بعنوان "خريطة الجوع 2021".
فيما كانت معطيات تقرير آخر صادر عن "ويلت هانغر ويلف (ألمانية) وكرنسيرن وورلد وايد (أيرلندية)"، الأربعاء، عن مؤشر الجوع العالمي، المستمد بياناته من برنامج الأغذية ومؤشرات صادرة عن مؤسسات الإحصاء الدولية، تحمل صورة قاتمة لمستقبل الأمن الغذائي.
عربيا، ورغم تقدم دول في سلم ترتيب البلدان الأقل التي يعاني سكانها نقصا في التغذية، مثل الكويت والجزائر والسعودية وتونس، إلا أن دولا أخرى يتأرجح سكانها على حافة الجوع.
وفي تقاريرها الشهرية الأخيرة، أرجعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، التغير المناخي عالميا، كأحد أسباب ارتفاع أسعار سلع رئيسة كاللحوم، والسكر، والحبوب بأنواعها، وزيت النخيل.
يضاف إلى ذلك، التوقعات القاتمة بحالة الجوع الرهيبة نتيجة لوباء كورونا، والصراعات وعدم الاستقرار السياسي الممتد على مستوى عديد الدول العربية، مثل سوريا واليمن والصومال والعراق.
والأمن الغذائي، لا يعني بالضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية والحيوانية، بل يرتبط بإتاحة الطعام، والقدرة على الوصول إليه، واستهلاكه، أو مدى كفايته بالكمية والنوعية المطلوبة.
وجاء كل من العراق والصومال واليمن والسودان، ضمن الدول التي يعاني سكانها من نقص حاد في التغذية، بحسب خريطة الجوع العالمي 2021، التي أعدها برنامج الغذاء العالمي.
وحصلت الصومال على مستوى متأخر، كأعلى مستوى من الجوع بنسبة 59.5 بالمئة من السكان، الذين لا يحصلون على الغذاء الكافي.
وواجهت الصومال أزمات متعددة أدت لزيادة انعدام الأمن الغذائي، منها الجفاف والفيضانات والتصحر، تضاف لها آثار جائحة كورونا، إذ كانت الدولة في حالة صراع على مدار 30 عاما الماضية، قبل أن تلتمس طريق الهدوء مؤخرا.
في 2011، عانت الصومال من مجاعة مدمرة أودت بحياة ما يقرب من 260 ألف شخص، تبعها خطر المجاعة مرة أخرى في 2017 و 2018، والذي تم تجنبه من خلال استجابة فعالة من قبل المنظمات الدولية والحكومة.
بينما يواجه اليمن، الذي يعاني 45.1 بالمئة من سكانه من عدم كفاية التغذية اليومية، مستوى ينذر بالخطر من الجوع والتهديد بالمجاعة اعتبارا من العام الجاري 2021.
وفاقم أزمات اليمن، انهيار سعر صرف العملة المحلية (الريال) إلى متوسط 1250 ريالا لكل دولار، مقارنة مع 215 ريالا قبل الحرب عام 2015.
وبحسب تقرير أممي صدر في 2020، فإن أكثر من 20 مليون يمني من إجمالي قرابة 30 مليون، يعانون من الجوع الحاد، أي أن نحو ثلثي الشعب اليمني يواجهون أسوأ الأوضاع المعيشية خلال السنوات العشر الأخيرة.
والغريب أن العراق، الذي بدأ يستعيد عافيته بعدما تمكن من تحرير أراضيه من تنظيم "داعش" الإرهابي، ما زال يعاني من مخلفات الحروب والنزاعات الطائفية التي رافقته منذ وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي في 2003، وقبلها حصار خانق منذ 1991.
ويصنف العراق خامس دولة في العالم من حيث احتياطات النفط، وثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك" بعد السعودية بمتوسط إنتاج يومي 4.6 ملايين برميل في الظروف الطبيعية.
إلا أن أعدادا كبيرة من سكانه، ما زالت تعاني من النزوح وارتفع نسب الفقر والبطالة، ويعيش جزء منهم في مخيمات متفرقة داخل البلاد، انتظارا لإعادة الإعمار.
وضعت خريطة الجوع العالمي الصادرة، الشهر الماضي عن برنامج الأغذية العالمي، الكويت أول دولة عربية من حيث تحقيق الأمن الغذائي لمواطنيها، تلتها الجزائر في المرتبة الثانية، إلى جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا والصين وروسيا.
في حين تراجع تصنيف تونس درجة، وانتقلت من الدول التي حققت أمنها الغذائي بحسب بيانات برنامج الغذاء العالمي، لعام 2020، إلى تصنيف أقل في بيانات 2021، مع بقائها في منطقة آمنة على مستوى الاكتفاء الغذائي.
ورغم أن تقرير مؤشر الجوع العالمي، الصادر أمس الأربعاء، أورد معطيات أقل إيجابية لدول مثل الجزائر، مقارنة مع تقرير برنامج الأغذية العالمي، حيث وضعها في المرتبة الرابعة عربيا، بعد الكويت وتونس والسعودية، إلا أنها ضمن قائمة الدول المستقرة غذائيا.
ويعكس نجاح الجزائر في تحقيق أمنها الغذائي، أن المخططات والبرامج التي وضعت منذ بداية القرن، لدعم الفلاحين واستصلاح الأراضي الزراعية خاصة بالمناطق الصحراوية بدأت تُؤتي أكلها.
ففي العشرين عاما الأخير، خصصت الحكومات الجزائرية المتعاقبة ميزانيات هامة للقطاع الفلاحي، لتوسيع مساحات الأراضي الزراعية وبناء السدود، وفتح المجال للاستثمارات الخاصة والأجنبية التي تستخدم تقنيات وآلات حديثة.
كذلك، خصصت البلاد، مليارات الدولارات لدعم أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، مثل الطحين والزيت والسكر والحليب.
وتحولت ولايات في الجنوب الشرقي ومنها "وادي سوف" و"بسكرة" إلى عواصم فلاحية محلية للمنتوجات الزراعية المبكرة، بفضل توفر المياه الجوفية والحرارة، والأراضي الشاسعة، وتقنيات حديثة في الزراعة والحصاد.
وحققت الجزائر في السنوات الأخيرة، اكتفاءها الذاتي في بعض المنتوجات التي كانت تستوردها في السابق، وأصبحت تصدر كميات منها، مثل البطاطا وبعض الخضروات والفواكه الأخرى.
وشكلت الحكومة الكويتية هيئة عالية المستوى للتنسيق بين مختلف الوزارات والبلديات، لإيجاد البدائل الممكنة من المخازن الكافية لتخزين المواد الغذائية.
وأعلنت الكويت شروعها في تأسيس شركة للأمن الغذائي، برأسمال 11 مليار دولار، تهدف لزيادة المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية بـ 35 بالمئة.
صنفت كل من السعودية والإمارات والمغرب وتونس في الترتيب الثاني، من حيث تحقيقها لأمنها الغذائي، والتي تتراوح نسبة الجوع فيها ما بين 2.5 و5 بالمئة، وهي نسبة معقولة وفق برنامج الأغذية العالمي.
في حين جاءت كل من مصر والسودان وسلطنة عمان وموريتانيا والأردن ولبنان في التصنيف الثالث، الذي تقدر فيه نسبة السكان الذين لا يحصلون على كفايتهم من الغذاء ما بين 5 و15 بالمئة.
وصنفت جيبوتي في التصنيف الرابع، في خارطة الجوع العالمي، حيث تتراوح نسبة من يعانون من نقص التغذية بين 15 و25 بالمئة، وهي نسبة مرتفعة.
وعانت جيبوتي كغيرها من دول شرق إفريقيا، من جفاف حاد هدد محاصيلها الزراعية، وأضر بثروتها الحيوانية.