2022-02-11 الساعة 10:47م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
تواصل السلطات التابعة لمليشيا الحوثي في صنعاء، مسلسل التجريف والنهب للشركات التجارية ومنشآت القطاع الخاص بدعاوى مختلفة، من بينها العمل لصالح "العدوان" أو "مخالفة معايير الجودة".
وشهدت السنوات القليلة الماضية عمليات نهب واستحواذ على أموال وممتلكات التجار والشركات، بطريقة ممنهجة شملت كل القطاعات التجارية ابتداءً من شركات الاتصالات وشركات الأدوية والجامعات والمدارس الخاصة بالإضافة إلى البنوك التجارية وشركات كثيرة في أنشطة مختلفة.
وبعد مضي أكثر من سبعة أعوام على الانقلاب الذي نفذته المليشيات باقتحام العاصمة صنعاء والسيطرة عليها بقوة السلاح والاستيلاء على مؤسسات الدولة بقطاعاتها المختلفة، ونهب ومصادرة شركات القطاع الخاص، لا يبدو أنها ستكتفي قبل أن تصبح كل القطاعات في قبضتها وتحت تصرفها بلا منازع.
قطاع الثروة السمكية لم يكن بعيداً عن عمليات البطش الحوثية، فقد انتهجت المليشيات خنق هذا القطاع والاستيلاء عليه والتحكم في أسعاره بعيداً عن سوق المنافسة، وأنشأت لذلك شركة خاصة تحت اسم "الشركة الوطنية للتنمية والتصنيع السمكي" وفوضتها بصلاحيات لا تملكها حتى وزارة الثروة السمكية نفسها.
تم احتكار بيع الأسماك بشكل كامل (جملة) لصالح الشركة، وألغيت كافة أسواق الأسماك عدا السوق الذي افتتحته الشركة أواخر العام الماضي، كما تولت الشركة تفتيش الشاحنات المحملة بالأسماك وفحصها والتأكد من سلامتها، واقتطاع مبالغ عن كل حمولة أسماك قادمة، بل وتحكمت في الأسعار، وأوكلت لها الجماعة مسؤولية تطوير منظومة أسواق الجملة والتجزئة في مختلف محافظات الجمهورية.
تتبع "الشركة الوطنية للتنمية والتصنيع السمكي" لما يسمى بـ المؤسسة العامة القابضه للتنمية العقارية والاستثمار، برئاسة القيادي الحوثي صالح مسفر الشاعر الذي منحته الجماعة تسمية (الحارس القضائي)، وهو مدرج ضمن قوائم العقوبات الامريكية بسبب قيامه بمصادرة ممتلكات خصوم الجماعة بصورة غير شرعية وبمساعدة الجماعة للحصول على أسلحة مهربة، وابتزاز بنوك ومصارف لسحب ومصادرة حسابات عملاء.
إحدى أبرز ضحايا هذه الشركة هي "شركة سواحل اليمن المحدودة لبيع وشراء الأسماك"، جملة وتجزئة في صنعاء والمعروفة بـ(سوق البليلي) ويملكها التاجر عبدالله الرحبي، حيث رفض المالك عروض نافذ يدعى "البروي" المسنود من صالح الشاعر بالتنازل عن نصف شركته المتخصصة في تجارة الأسماك بصنعاء، لصالح المؤسسة القابضة ما جعلها محط استهداف مباشر من قبل الجماعة.
ويعد سوق البليلي الشهير في أمانة العاصمة أكبر أسواق الجملة والتجزئة للأسماك منذ افتتاحه في يونيو 2001، ويحتوي عشرات المحلات ويعمل فيه المئات من العمال.
بعد رفض الرحبي التنازل عن جزء من الشركة لصالح الجماعة الحوثية، عمدت الأخيرة من خلال "الشركة الوطنية للتنمية والتصنيع السمكي"، على تدمير الشركة، ووقعت عقداً مع وزارة الثروة السمكية، حصلت بموجبه على حقوق وامتيازات حصرية في مجالات اصطياد الأسماك والأحياء المائية وإنشاء أسواق نموذجية لبيع وتسويق الأسماك ونقل المنتجات السمكية داخلياً وخارجياً، وتصنيع أدوات ومعدات الاصطياد واستزراع وتربية وتسمين الأسماك والأحياء المائية وتوج العقود الموقعة بعقد احتكاري لتنظيم وبيع وشراء الأسماك في صنعاء، الذي أبرم بموجب مذكرة صادرة عن رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين في صنعاء بن حبتور ومحمد الزبيري المعين كوزير للثروة السمكية بتاريخ 21 يونيو 2021.
بموجب المذكرة تم إسناد مهام تشترك فيها أكثر من أربع وزارات للشركة الوطنية التابعة لصالح "الشاعر" و"البروي".
دخلت شركة سواحل اليمن، المالكة لسوق البليلي، في صراع محموم مع المليشيات الحوثية ووزارة الثروة السمكية، وصلت حد اتهام الوزير الحوثي محمد الزبيري لمالك سوق البليلي بتهريب ممنوعات على متن شاحنات الشركة، وبيع أسماك فاسدة ووصلت عدة قضايا إلى المحاكم .
قال الوزير الحوثي الزبيري في 21 يناير 2022 إنه حاول عدة مرات تحذير سوق البليلي وشركة سواحل اليمن وطالبه بمواكبة المعايير الصحية لبيع الأسماك جملة وتجزئة وفق حديث نقلته قناة "اليمن اليوم" التي استولى عليها الحوثي في صنعاء.
وأشار إلى أنه حاول عدة مرات إقناع شركة سواحل اليمن بالقبول بأن يدخل "البروي" شريكاً فيها لكن الأخيرة رفضت.
في25 ديسمبر أصدر وزير الثروة السمكية في حكومة الحوثيين تعميماً - حصل "المصدر أونلاين" على نسخة منه، موجه إلى جميع موردي الأسماك بإفراغ حمولتهم حصراً في سوق الجرداء التابع للبروي وشركته الوطنية باعتباره السوق الوحيد المستوفي للمعايير الصحية ابتداءً من مطلع العام الحالي 2022.
وفي الأول من يناير من العام الجاري افتتحت شركة الوطنية الحوثية سوق للأسماك في منطقة دار سلم جنوب العاصمة صنعاء واستعانت بنقاط حوثية لمنع توجه شاحنات الأسماك إلى سوق البليلي بالقوة.
تجبر ما تسمى بـ "الشركة الوطنية" الشاحنات على تفريغ حمولتها في السوق وتفرض جبايات تبلغ 3% على كل شاحنة بدعوى أنها رسوم لوزارة الثروة السمكية، الامر الذي نفته الوزارة على لسان الزبيري، نافياً أن تكون الجبايات عائدة للوزارة، وقال إن الوزارة تأخذ رسوماً رمزية مقابل فحص الجودة ولكنها ليست من الثلاثة في المائة.
وتراجع الزبيري في حواره مع برنامج "قابل للنقاش" بقناة "اليمن اليوم" عن تكليف الشركة الوطنية ببيع الأسماك وقال إن المفترض أن يتم هناك التفتيش فقط ومن ثم إطلاق الشاحنات، لكنه أكد أيضا أن الشركة الوطنية لا تطلق سراح الشاحنات.
وقال إن مسؤولين، في إشارة إلى نافذين في الجماعة، في كل من وزارة الثروة السمكية وأمانة العاصمة والحكومة انقسموا بين الطرفين.
في الثامن والعشرين من ديسمبر 2021 نشرت صحيفة الثورة بيان ادانة لوزارة الثروة السمكية قالت فيه إن رئيس شركة سواحل اليمن هدد الوزير الزبيري في ديوان الوزارة لأنه حاول إصلاح وتطوير قطاع الإنتاج السمكي.
واتهمت الوزارة مجدداً سوق البليلي للأسماك الذي تشغله شركة سواحل اليمن بأنه خطر على حياة السكان ولا يستوفي معايير الجودة. لكن شركة سواحل اليمن نفت ذلك في السادس من يناير 2022.
وكانت شركة "سواحل اليمن" نشرت تعميماً من نائب أمين العاصمة المعين من الحوثي أمين محمد جمعان نهاية نوفمبر 2021 موجهاً إلى مديرية الوحدة بأن سوق البليلي مستوفٍ للترخيص ونشاطه قانوني منذ عشرين سنة.
وعلم "المصدر أونلاين" من مصادر خاصة أن البروي عرض على شركة سواحل اليمن مرة أخرى بأن عليها أن تقبل شراكته في سوق البليلي وتجارة السمك بالجملة مقابل السماح لها باستئناف نشاطها ببيع وتوريد الأسماك جملة إلى البليلي لكن الشركة رفضت ذلك.
وتقدر الإحصائيات الرسمية للحوثي أن أمانة العاصمة تستقبل يومياً ما بين 250 شاحنة إلى 300 شاحنة بحمولة تصل إلى 30 طن من الأسماك.
وقالت شركة سواحل اليمن إن الخسائر اليومية لتجار الجملة في سوق البليلي تتراوح بين 80 مليون ريال إلى 120 مليون ريال، وأكدت أن العشرات من تجار الجملة في سوق البليلي أوقفوا أعمالهم.