أهم الأخبار

هل استوفت ميليشيا الحوثي معايير تصنيف المنظمات الإرهابية محلياً وإقليمياً ودولياً؟

2022-03-29 الساعة 08:53م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

عادت إلى الواجهة مجدداً، جدلية قرار تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية؛ إثر تصعيدها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة نحو أبو ظبي والرياض منذ أسابيع، بعد أن كانت إدارة بايدن قد شطبت هذا التصنيف الذي أقرته إدارة ترامب في أيامها الأخيرة مطلع 2021، مبررة ذلك بمخاوف إنسانية وبعزمها تجديد الالتزام بإنهاء الحرب عبر طرق دبلوماسية ستفضي إلى جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات التي استعد لها الرئيس الأميركي الجديد بايدن بتعيين مبعوث إلى اليمن لأول مرة منذ بدء الحرب.

 

وتدور حرب مستمرة في أجزاء واسعة من البلاد، أشعلها الحوثيون في عام 2014 وتوجت باجتياحهم العاصمة في سبتمبر من نفس العام، قبل أن يتدخل تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية في مارس 2015، وصولاً إلى "أسوأ أزمة إنسانية ومجاعة يشهدها العالم"، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.

 

ورغم أن الجماعة التي بدأت حربها التوسعية خارج صعدة مستخدمة كل أشكال الإرهاب في وجه الجميع، بمن فيهم رئيس الدولة الشرعي وحكومته، وقبل ذلك المواطنين في مناطقهم وقراهم من صعدة إلى صنعاء وبعد ذلك من صنعاء إلى عدن؛ فإنها تجد اليوم من ينافح عنها لدرء تهمة الإرهاب ويجاهد لإبقائها خارج مسببات الحرب ومخلفاتها الكارثية، في تجاهل واضح وفجّ لحقائق وأحداث ووقائع ما زالت عناوينها عالقة في أذهان الجميع.

 

يقدم هذا التقرير صورة عن الحالة الراهنة لمسيرة ثمان سنوات حوثية، من خلال التركيز على أبرز ما حصدته من عقوبات وتصنيفات عالمياً في مجال حقوق الإنسان والتعايش والمواطنة المتساوية وحرية التعبير والحريات الدينية وانتهاك حقوق الطفل وغيرها من القرارات التي تتنافس على حصدها الجماعات المسلحة والإرهابية مثل "القاعدة" و"داعش" و"بوكو حرام" وغيرها، وليترك الباب مفتوحاً أمام سؤال، هل استوفت ميليشيا الحوثي شروط تصنيف المنظمات الإرهابية محلياً وإقليمياً ودولياً؟

 

 

المعايير القانونية لتصنيف منظمة إرهابية عالمياً

في وثائقه العسكرية؛ يُعرِف الناتو، الإرهاب بأنه "الاستخدام أو التهديد غير المشروع باستخدام القوة أو العنف الذي يغرس الخوف والإرهاب ضد الأفراد أو الممتلكات في محاولة لإكراه أو تخويف الحكومات أو المجتمعات، أو إحكام السيطرة على السكان، لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية".

 

في الظاهر؛ وبالنظر إلى التعريف باعتباره ملخص جامع يسير بمعاييره أكبر حلف عسكري في العالم، فإن ميليشيا الحوثي تستوفي بالتأكيد المعايير القانونية لهذا التعريف، ومع ذلك لا تأتي قرارات التصنيف بسهولة واعتباطية، هناك لوائح وإجراءات تشريعية تسبق اتخاذ مثل هذه القرارات وتستوجب الوقوف إزاءها، فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأميركية، كأبرز الدول التي تفرض عقوبات حول العالم، يتولى وزير الخارجية فيها ووزير الخزانة بالتعاون مع وزير العدل، تقديم الأدلة والبيانات إلى الكونغرس الذي بدوره يوافق أو يعترض على تصنيف المنظمة أو الجماعة في لائحة الإرهاب وفقاً للمادة (219) من قانون الهجرة والجنسية الأميركي.

 

ولكي يتم تصنيف أي جهة كمنظمة إرهابية، يجب أن تكون أجنبية ومنخرطة في أنشطة إرهابية، وتشكل أنشطتها تهديداً للأمن القومي الأميركي أو أمن مواطني الولايات المتحدة.

 

 

 

فاعلية العقوبات

منذ أن تم سنُّه في عام 1996، كان القانون الذي تقضي بموجبه الحكومة الفيدرالية بتصنيف المنظمات الإرهابية أداة أساسية في مكافحة الجماعات الإرهابية، حيث يمنح حكومة الولايات المتحدة سلطة فرض عقوبات وتجميد الأصول الإرهابية في الولايات المتحدة والضغط على أن تحذو الدول الأخرى حذوها، كما أنه يوفر الأساس لمحاكمة الأشخاص لدعمهم الجماعات الإرهابية.

 

وتأتي سلطة نظام التصنيفات من قدرة الولايات المتحدة على حشد الدعم من الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى، كما أنه نظام مُلزِم لجميع دول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهذا يعني أنها مطالبة بتجميد أصول مجموعات أو أفراد معينين، ومنعهم من السفر، وضمان عدم تمكّنهم من الحصول على الأسلحة.

 

 

 

الإرهاب من أوسع أبوابه

مرت ما يزيد على ثمان سنوات من عمر الانقلاب الحوثي الممول إيرانياً، وواقع الحال في اليمن يزداد مأساة في كل مجالات الحياة؛ إنسانياً ومعيشياً وحقوقياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.. الخ، سلسلة من الجرائم والاعتداءات والانتهاكات الحوثية المتلاحقة التي استهدفت المدنيين بكل أدوات الجريمة والقمع والبشاعة التي جعلت منظمات حقوق الإنسان تقف حائرة أمام تحديث رصد وتوثيق الانتهاكات في تقاريرها عن الوضع الحقوقي والإنساني في اليمن.

 

فمن قصص حصار المدن، وزراعة الألغام، والحروب، إلى القتل، والتفجير، التهجير القسري وإجبار المواطنين على النزوح والتشرد، والأسواق السوداء القائمة على المتاجرة بأقوات الناس، والاختطافات، الاقتحامات، واضطهاد الأقليات الدينية، والسلب، والنهب، والإعدامات الميدانية، والسطو على الأملاك ومنازل الخصوم، واعتقال وتعذيب ومحاكمة الصحفيين والأكاديميين والسياسيين، وقصف المخيمات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، كلها مشاهد حية توثق انتهاكات ترقى إلى مصاف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

 

بالمجمل، يمكن تقريب الصورة أكثر عن الوضع ومآلات الحرب بعد كل هذه السنوات؛ من خلال تتبع التقارير الدولية أو المحلية أو ما تحدث عنه مسؤولون أمميون ومعنيون، فمثلاً حذر برنامج الغذاء العالمي؛ في سبتمبر 2021، من أن "هناك حرفياً 16 مليون شخص يسيرون نحو المجاعة في اليمن"، وهو نفسه؛ برنامج الغذاء العالمي، الذي قال أواخر العام 2018، إن "الحوثيين يسرقون الغذاء من أفواه الجوعى"، بعد دراسة استقصائية أجراها البرنامج على مستفيدين مسجلين لديه، مضيفاً أن "العديد من سكان العاصمة لم يحصلوا على استحقاقاتهم من الحصص الغذائية، وفي مناطق أخرى حُرم الجوعى من حصصهم بالكامل".

 

وقبل ذلك؛ كانت جماعة الحوثي قد صفّت خزينة البنك المركزي بصنعاء نهاية العام 2016، من الاحتياطي النقدي الذي كان يتجاوز 4 مليار دولار، حسب ما تحدث به وزير الخارجية آنذاك؛ عبدالملك المخلافي، والذي اتهم الحوثيين بممارسة "أسوأ فساد في العالم"، وحذر من "كارثة اقتصادية ستلحق بالبلاد وانهيار للعملة الوطنية، جراء السياسات الاقتصادية للحوثيين، وإهدار خزينة الدولة".

 

حقوقياً؛ ووفقاً لتقارير رابطة أمهات المختطفين، وهي منظمة غير حكومية، فإن ما لا يقل عن سبعة آلاف معتقل ومخفي قسرياً في سجون الميليشيا الحوثية المسنودة من طهران، يعانون ظروفاً صعبة في المعتقلات وأماكن الاحتجاز جراء التعذيب والمعاملات القاسية والإهمال الطبي، وفي حين تؤكد وزارة حقوق الإنسان أن أكثر من 300 مختطف، تُوفِيَ داخل هذه السجون منذ 2015؛ أصدرت الجماعة أحكاماً بإعدام معتقلين آخرين، بينهم صحفيون وأكاديميون وسياسيون ومواطنون، ونفذت إعدامات ميدانية بحق تسعة منهم بينهم قاصر، في سبتمبر 2021.

 

وفي 2017، حدد فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المعني بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، 11 قيادياً وعضواً حوثياً يتحملون مسؤولية ارتكاب أو إصدار الأوامر للاعتقالات التعسفية بما في ذلك لأطفال، وممارسة التعذيب والحرمان من الرعاية الصحية، والإخفاء القسري لفترات طويلة.

 

وفيما يخص إرهاب الحوثيين عبر القصف الصاروخي، قال بيان وزارة الخارجية الأميركية في يناير 2021، عقب استهداف المليشيا الحوثية مطار عدن، "يكفي أن ننظر إلى أبعد من الهجوم الوحشي الذي استهدف المطار المدني في عدن في 30 ديسمبر2020، عندما استهدف الحوثيون قاعة الوصول وقتلوا 27 شخصاً، بمن فيهم ثلاثة من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لنرى الدمار الذي يواصل الحوثيون إلحاقه بالمدنيين والبنية التحتية المدنية".

 

إلى جانب هذه الجرائم والاعتداءات، تشن جماعة الحوثي بدعم إيراني، منذ أكثر من عام ونصف هجمات عنيفة من عدة محاور على مدينة مارب التي يقطن فيها مليونان ونصف المليون نازح تقريباً، تعرضت مخيماتهم ومنازلهم والأعيان المدنية للقصف بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وتسببت بقتل المئات من المدنيين بينهم نساء وأطفال وإصابة آلاف آخرين، وشردت ما يزيد عن 100 ألف مدني من منازلهم في مديريات المحافظة.

 

 

الرُفقة الإرهابية

هناك دينامية أخرى ينبغي فهمها، وهي التشابه والتفاعل بين طبيعة وأهداف وسرديات واستراتيجيات وتكتيكات مختلف الجماعات المسلحة والإرهابية، التي قد تبدو ظاهرياً متباعدة على الصعيد الأيديولوجي، لكنها تجد فائدة في دورة العنف والتشدد التي تتغذى منها الواحدة والأخرى لتحقيق مآربها الخاصة بكل الوسائل المتاحة أمامها.

 

فجماعة الحوثي المسلحة، وهي في "الأساس تنظيم عسكري جهادي سري مغلق سواء من ناحية التنظيم أو الآليات"، وعقائدياً تعلن اعتناق المذهب الزيدي أحد المذاهب الشيعية، اتخذت من هذا التراث الديني واستخدام السلاح واللجوء للعنف منطلقاً للتمرد والتوسع وفرض أفكارها بالقوة، وكذا استخدام لغة التكفير للدولة والمجتمع ذريعة لممارسة إجرامها وإرهابها بحق المواطنين ما جعلها جماعة متوافقة ومتطابقة في الأساليب والأدوات والوسائل والغايات مع التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش وجبهة النصرة، رغم إعلانها بين الحين والآخر تبنيها مهمة مواجهة الجماعات الإرهابية التي تجد فيها النظير وإن اختلفت المنطلقات الفكرية.

 

وحقيقة التصنيفات والقرارات الإقليمية والأممية التي حازتها ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، جنباً إلى جنب مع هذه التنظيمات الإرهابية؛ لارتكابها جرائم وانتهاكات جسيمة وفظيعة، تنسف فكرة أن تكون الحوثية نموذجاً مختلفاً عنها، بل إنها النسخة المحدّثة لتلك الجماعات في العنف والعدوانية وإرهاب المدنيين.

 

ففي نهاية العام 2016، وضعت منظمة "مراسلون بلا حدود" مليشيا الحوثي في المرتبة الثانية في قائمة مرتكبي الجرائم بحق الصحافيين "صيادو الصحافة" حول العالم، بعد تنظيم الدولة "داعش".

 

ومنذ العام 2017، وحتى العام 2021، أدرجت الأمم المتحدة جماعة الحوثي المسلحة على القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال في مناطق النزاعات، إلى جانب تنظيم "داعش" والنظام السوري وحركة الشباب الصومالية، ومؤكدة أن "جماعة الحوثي في العام 2021 فقط، قتلت وشوهت 250 طفلاً يمنياً".

 

وخلال الثلاثة الأعوام 2019 و2020 و2021، صنفت الخارجية الأميركية الحوثيين في قائمة الكيانات المنتهكة للحريات الدينية، إلى جانب كيانات أخرى أمثال تنظيمي "القاعدة في شبه الجزيرة"، و"داعش خراسان"، و"جبهة النصرة"، و"بوكو حرام"، و"الشباب" الصومالية و"حركة طالبان"، كحركات مثيرة للقلق الخاص، وفقاً لبيان الخارجية.

 

 

 

الإرهاب المحمي بالوضع الإنساني

في الأيام الأخيرة من عهد ترامب؛ قررت إدارته متأخرة؛ الالتفات لعنف جماعة الحوثي وأعمالها الإرهابية، "بما فيها الهجمات العابرة للحدود، التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري، وحرمان اليمنيين من إيجاد حل سلمي"، لتُعلن في 19 يناير 2021، قبل يوم واحد من تولي بايدن منصبه، عن إدراج الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية ووضع ثلاثة من قادتها على قائمة الإرهابيين الدوليين هم عبدالملك الحوثي وعبدالخالق الحوثي وعبدالله يحيى الحاكم، بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية، وككيان إرهابي دولي مدرج بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224.

 

ومنذ اللحظات الأولى لسريان قرار التصنيف؛ انتقدت عدد من الهيئات والمنظمات الإنسانية والأممية هذا القرار خوفاً من تداعياته الإنسانية، وزعمت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة أن إدراج الحوثيين على القائمة السوداء، من شأنه أن يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن من خلال تقليل احتمالية أن تتمكن المنظمات من الوصول إلى المحتاجين، كما تخشى أن يؤدي التصنيف إلى تجريم عملها في البلاد، إذ إن الحوثيين يشكلون حكومة أمر واقع في صنعاء وأغلب مناطق الشمال ويتعين على المنظمات الإنسانية الحصول على تصاريح منهم لتنفيذ برامج المساعدات.

 

ورغم أن وزير الخارجية الأميركي السابق "بومبيو" قال إن الولايات المتحدة تعتزم وضع إجراءات لتقليل أثر التصنيف على أنشطة إنسانية محددة وواردات إمدادات مثل الغذاء والدواء إلى اليمن، إلا أن خلفه "بلينكن" أصدر بعد أيام من القرار تعليمات بشأن "إجراء مراجعة لقرار تصنيف جماعة أنصار الله الحوثية منظمة إرهابية"، وهو أسرع تحرك بشأن أحد أكثر القرارات التي تعرضت لانتقادات واتخذتها إدارة الرئيس ترامب قبيل تسليمها السلطة لإدارة الرئيس بايدن.

 

ومقارنة بنظام العقوبات على الدول أو البرامج المستهدفة الأخرى، لا تتضمن عقوبات مكافحة الإرهاب استثناءات إنسانية عادةً، وجرت بعض الاستثناءات في أفغانستان بعد سيطرة "طالبان" على السلطة في البلاد بشكل كامل، وإنما استُخدم "الوضع الانساني" ومعه القرار الحاسم لإنهاء الحروب والوقوف بقوة أمام أسبابها وأمام المتسببين بها في كثير من الدول، لكن ما حصل في اليمن هو العكس، إذ بات "الوضع الإنساني" هو خط الدفاع الأول عن جرائم وإرهاب المليشيا الحوثية.

 

وفي 16 من فبراير 2021، أعلنت الخارجية الأميركية إلغاء تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وقالت إن "هذا القرار لا علاقة له بنظرتنا للحوثيين وسلوكهم المستهجن، بما في ذلك الهجمات على المدنيين وخطف مواطنين أمريكيين"، مضيفة "إن تحرّكنا هذا ناجم فقط عن العواقب الإنسانية لهذا التصنيف الذي قامت به الإدارة السابقة في الدقائق الأخيرة".

 

في غضون ذلك اعتبر وزير الخارجية الأمريكي السابق "مايك بومبيو"، قرار التراجع بمثابة هدية لإيران، وقال إن "إلغاء التصنيف الإرهابي للحوثيين هو هدية للإيرانيين وسيسمح للحوثيين بمواصلة إثارة الإرهاب في جميع أنحاء العالم"، مضيفاً "إنها حقيقة أن إيران ترعى الحوثيين، إنها حقيقة أن الحوثيين يمارسون الإرهاب".

 

 

 

قادة إرهابيون

كشفت الحرب التي أطلقها الحوثيون من جبال مران صعدة ووصلت إلى معظم مناطق البلاد، الجماعة على حقيقتها وحقيقة سلوكها وفكرها ورؤيتها لإحكام السيطرة على مقاليد الدولة، كما أنها أظهرت قادة الجماعة على سجيّتهم العقائدية المتطرفة التي جُبلوا عليها وتشرّبوها في محاضن التنشئة والدورات الثقافية؛ قيماً وأفكاراً وتعاملاً وأعرافاً.

 

ولذلك فقد تعرضت الجماعة؛ منذ 2014، وعدداَ من قياداتها لعدة عقوبات متعددة التوصيفات والتصنيفات عالمياً، وبعضهم بعقوبات لم يسبق أن تسمّت بها شخصية من قبل على مستوى الوطن العربي.

 

14 قيادياً حوثياً طالته العقوبات الدولية، بينهم زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي؛ وبالنظر إلى هذه القائمة من القيادات المُعاقبة وفق ما نُشر عن لجنة العقوبات الدولية وموقع الخارجية الأميركية، فإن هذه الأسماء ينحدر جُلّها من محافظة صعدة؛ بواقع 10 قيادات تتبوأ مناصب حساسة في الحركة، أي ما نسبته 70% من اجمالي قرارات العقوبات ضد الجماعة، بينما تقاسمت محافظات إب وحجة وصنعاء، أسماء أربعة قيادات أخرى مُعاقبة عالمياً.

 

 

القيادات المُدرجة في لجنة العقوبات الدولية والخزانة الأميركية:

_ عبدالملك الحوثي، مديرية ضحيان محافظة صعدة

_ عبدالخالق الحوثي، مديرية ضحيان محافظة صعدة

_ عبد الله الحاكم، مديرية ضحيان محافظة صعدة

_ عبدالحكيم هاشم الخيواني، مدينة صعدة القديمة

_ يوسف المداني، مديرية مستبأ محافظة حجة

_ محمد الغماري، مديرية وشحة محافظة حجة

_ صالح الشاعر، مديرية رازح محافظة صعدة

_ مطلق المراني، مديرية مران محافظة صعدة

_ سلطان زابن، مديرية رازح محافظة صعدة

_ عبدالرب جرفان، مديرية ساقين محافظة صعدة

_ عبدالقادر الشامي، مديرية السدة محافظة إب

_ منصور السعدي، مديرية مران محافظة صعدة

_ أحمد علي الحمزي، مديرية مران محافظة صعدة

_ سعيد أحمد الجمل، منطقة همدان محافظة صنعاء

 

عبدالملك الحوثي، ورِث قيادة الجماعة في نهاية العام 2005 وتحديداً في بداية الحرب الثالثة، ويعتبر "رئيس المجلس الجهادي وفق التنظيم والبُنية السرية لجماعة الحوثي"، شملته العقوبات الدولية منذ 2014، وصُنفَ في يناير 2021، في قائمة الإرهابيين الدوليين للخزانة الأميركية، قبل أن تلغي إدارة بايدن القرار تحت مبرر الخشية من العواقب الإنسانية.

 

عبدالخالق الحوثي، مسؤول المنطقة العسكرية المركزية والحرس الجمهوري، تذكر مصادر متعددة أنه قاد اقتحام مطار صنعاء الدولي، إضافة إلى مقر القيادة الجوية والدفاع الجوي، قاعدة الديلمي العسكرية، عقب انقلاب 2014، وهو ضمن الثلاثة المشمولين بقرار العقوبات الدولية منذ 2014.

 

عبد الله يحيى الحاكم (أبو علي الحاكم)، من أوائل المنتمين للجماعة وقاتل في صفوفها منذ الحروب الست، وهو رئيس استخبارات القوات العسكرية للميليشيا، وأيضاً مشمول بقرار العقوبات الدولية منذ 2014، وصنّفته إدارة ترمب أحد القادة "الإرهابيين الدوليين".

 

في ديسمبر2020، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على خمسة من القيادات الأمنية للمليشيا الحوثية، وذلك بموجب قانون "ماجنتسكي" المتعلق بانتهاكات حقوق الانسان، وهم عبدالحكيم الخيواني، أبو الكرار، رئيس جهاز الأمن والمخابرات للمليشيا، ومسؤولها الأول عن ملف المختطفين والمخفيين قسراً في السجون، والقيادي مطلق عامر المراني، نائب رئيس جهاز الأمن القومي التابع للميليشيا سابقاً، ومسؤولها عن ملف المنظمات الإغاثية والإنسانية، واتهمه تقرير فريق خبراء العقوبات بأنه المتحكم الأبرز في برامج الأمم المتحدة وإيصال المساعدات الإنسانية، وكذا اختيار المستفيدين ومناطق العمليات".

 

بالإضافة إلى القيادي عبدالقادر الشامي المدير السابق لجهاز الأمن السياسي، وسلطان زابن مدير إدارة التحقيقات الجنائية للمليشيا في صنعاء، وعبد الرب جرفان الرئيس السابق لجهاز الأمن القومي الحوثي، وجميعهم؛ حسب بيان الخزانة، شاركوا في "الممارسات السائدة المتمثلة بالاحتجاز التعسفي وتعذيب المواطنين، واستهداف الطلاب والنساء والنشطاء والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني والمعارضين وأعضاء الطائفة البهائية".

 

في مارس 2021، أضافت وزارة الخزانة الأميركية قياديين حوثيين إلى لائحة العقوبات، هما منصور أحمد السعدي، رئيس أركان القوات البحرية الحوثية، وأحمد علي الحمزي، قائد القوات الجوية والدفاع الجوي للمليشيات، "المسؤولان عن تدبير هجمات على المدنيين اليمنيين والدول المجاورة والسفن التجارية في المياه الدولية، وتنفيذ أجندة الفوضى الإيرانية المزعزعة للاستقرار"، حسب ما أوردته الخارجية الأميركية في بيانها.

 

في يونيو 2021، فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على شبكات تهريب أموال لمليشيا الحوثيين، وهي تدر عشرات ملايين الدولارات من عائدات بيع السلع مثل النفط الإيراني، وشملت العقوبات مسؤول الشبكة المقيم في إيران، "سعيد أحمد محمد الجمل" وأفراداً وكيانات آخرين منخرطين في شبكة دولية تم استخدمها "لتقديم ملايين الدولارات إلى الحوثيين بالتعاون مع كبار المسؤولين في إيران".

 

وفي نوفمبر 2021، أقرت لجنة العقوبات الدولية إدراج ثلاثة من أبرز قيادات الحوثية في قائمة العقوبات الدولية لقيامهم بأعمال تمس أمن واستقرار اليمن وتنافي القرارات الأممية ذات الصلة بالوضع في اليمن، وهم: محمد عبدالكريم الغماري، "مسؤول العمليات في المجلس الجهادي وفق التنظيم والبُنية السرية لجماعة الحوثي"، ويرأس هيئة الأركان العامة لمقاتليها وقائد هجومها على مدينة مارب.

 

وصالح مسفر الشاعر، أحد أبرز القيادات المالية والاقتصادية في مليشيات الحوثي، والمسؤول عن التنظيم والدعم اللوجستي لها، ويرتبط بعلاقات قوية مع عبدالملك الحوثي، ومسؤول ما يسمى "الحارس القضائي"، الأداة التي استخدمتها المليشيا للسطو ونهب شركات وبنوك وأصول وأموال نقدية ومؤسسات وجمعيات ومباني وعقارات خصومها، في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها منذ الإنقلاب، وتقدر هذه المنهوبات بالمليارات، وفق تقارير حقوقية.

 

ويوسف المداني، "مسؤول العمل الجهادي في المجلس الجهادي وفق التنظيم والبُنية السرية لجماعة الحوثي"، وقائد المنطقة العسكرية الخامسة للمليشيا، وتولى قيادة الحرب الثانية بعد مقتل حسين الحوثي في 2004، وكانت الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات في شهر يوليو 2021، على الغماري والمداني، "لضلوعهما في الهجوم على مأرب وتشكيلهما تهديداً لجهود السلام والمساهمة في مفاقمة الوضع الإنساني باليمن".

 

العقوبات لم تستثن المندوب الإيراني لدى المليشيا الحوثية حسن إيرلو، فبعد أسابيع من وصوله إلى صنعاء، أعلنت الخزانة الأميركية تصنيفه في قائمة الإرهاب، وذلك لدوره "في زيادة تعقيد الجهود الدولية للتوصل إلى تسوية تفاوضية للصراع". ومع نهاية العام 2021، لقيَّ المندوب الإيراني حسن إيرلو مصرعه بظروف غامضة، ونُقل إلى طهران عبر وساطة عراقية.

 

 

 

عقوبات مخصصة ونادرة

في فبراير 2021، أصدر مجلس الأمن الدولي، قراراً بفرض عقوبات على سلطان زابن، أحد أبرز القيادات الأمنية في جماعة الحوثي، الذي شغل منذ بدء الحرب، منصب مدير البحث الجنائي للجماعة في صنعاء، وأفاد القرار بأن زابن، "لعب دوراً بارزاً في سياسة الترهيب واستخدام الاعتقال والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء الناشطات سياسياً".

 

وحسب بيان لوزارة الخزانة الأميركية، قام زابن مع ضباط إدارته، باعتقال واحتجاز وتعذيب النساء بحجة تنفيذ سياسة تهدف إلى الحد من الدعارة والجريمة المنظمة، وأوضح البيان بأنه، "تم استخدام هذه السياسة لاستهداف الناشطات سياسياً اللواتي عارضن الحوثيين، وأسفرت عن العديد من الحالات المبلغ عنها للاعتقال غير القانوني والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والعنف الجنسي والاغتصاب والتعذيب وغيرها من المعاملة القاسية".

 

وكشفت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، في يناير2019، أن مليشيا الحوثي اختطفت عشرات النساء في العاصمة صنعاء دون تقديمهن للمحاكمة، وأشارت الوكالة إلى أن النساء اختطفن بتهم "البغاء أو التعاون مع التحالف العربي بقيادة السعودية"، مفيدة أنهن "يتعرضن للتعذيب والابتزاز المالي من قبل سلطان زابن المعين من قبل الحوثيين مديراً للبحث الجنائي بصنعاء".

 

ونهاية العام 2019، حملت منظمة "رايتس رادار" لحقوق الإنسان (غير حكومية)، "زابن" مسؤولية اختطاف أكثر من 35 فتاة وطالبة من أماكن الدراسة ومن شوارع صنعاء، وتلفيق تهم لهن، مخلة بالشرف والأخلاق، من بينها "الدعارة"، لتبرير عملية الاختطاف والإخفاء القسري، وفق المنظمة.

 

بعد أسابيع من إدراجه في قائمة العقوبات، أعلنت مليشيا الحوثيين وفاة سلطان زابن، "إثر مرض عضال"، ولحقت به مديرة إدارة سجون النساء "أفراح الحرازي"، بعد 24 ساعة بذات المرض، وفقاً لإعلام المليشيا، لكن محققي الأمم المتحدة شككوا في تقريرهم أمام مجلس الأمن مطلع 2022، في مزاعم وفاة "زابن"، مشيرين إلى أنهم لم يتلقوا بعد "أي دليل يؤكد وفاته" وأن "معلومات جديدة ظهرت تستحق البحث، اللجنة ستحقق أكثر في الموضوع".

 

مع استيفاء كل الأسباب والشروط والمعايير لتصنيف المليشيا الحوثية كمنظمة إرهابية ترتفع أصوات تتحدث عن "الوضع الإنساني" بنفس المنطق المستهلك الذي يجري إخراجه بتعبيرات ومواقف تغيب عنها المعاناة الحقيقية، والمشكلة الحقيقية، والحلول الحقيقية لإنهاء هذه المعاناة، فعلى الرغم من التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة بخصوص تصعيد الأعمال العدائية لميليشيا الحوثي؛ وإدراج مجلس وزراء الداخلية العرب لها في قائمة الإرهاب عربياً مطلع مارس الجاري، أصدر مجلس الأمن الدولي بالتزامن قراراً بإضافة جماعة الحوثيين إلى القائمة السوداء، لكن القرار تضمن الكثير من الغموض، حتى في الوسط الدبلوماسي، فهو "لم يؤكد صراحة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية وإنما وصف عملياتها العسكرية بالإرهابية وجدد حظر استيراد السلاح"، حسب قراءات قانونية لما ورد في القرار.

 

ومع اتساع دائرة الجدل حول موضوع التصنيف عالمياً، تبرز أسئلة بديهية، هل جماعة الحوثيين منظمة إرهابية بناءً على تصنيف أميركا ومعاييرها لهذا التصنيف، أم لأن الجماعة فعلاً منظمة إرهابية وتستحق هذا الوصف بجدارة؟ وعلى المستوى المحلي؛ ألم تستوفِ الجماعة كافة شروط "الإرهاب" ليتأخر قرار تصنيفها كل هذه السنوات؟، وكيف تستطيع الحكومة الشرعية مطالبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وهي نفسها لم تصنفهم إرهابيين؟

 

في مؤتمر صحفي في مايو 2021، للمبعوث الأميركي إلى اليمن "تيم ليندركينج" جاءت الإجابة عن هذه الأسئلة مختصرة بشكل دقيق، "لو لم يكن هناك عنف من الحوثيين فلن يكون هناك عقوبات، ولا حرب، ولا مبعوث أممي ولا تحالف عربي لقيادة الحرب".

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص