2024-07-02 الساعة 12:49ص (يمن سكاي - المصدر أونلاين)
في سبتمبر ٢٠٢٣ كانت جماعة الحوثي تعيش اسوأ أيامها منذ نحو 9 سنوات، خاصة على المستوى الشعبي، وتصاعد غضب الناس الذي وصل ذروته في 26 سبتمبر بخروج الناس الى الشوارع للتظاهر لاول مرة تمجيدا للثورة والجمهورية كنقيض للحوثية وسلطة "ال البيت الهاشميين".
وإزاء ذلك الارتباك الذي ضرب الجماعة حتى أعلى مستوى، سارع زعيم الجماعة الى الهروب الى الأمام والإقرار بالوضع المزري لسلطة جماعته، ووعد في خطاب له بتنفيذ تغييرات جذرية يعيد من خلالها تشكيل مؤسسات السلطة وفق تصور مستوحى في جوانب كثيرة من النموذج الإيراني.
لكن بعدها بأسبوع، جاءت 7 أكتوبر وهجوم حماس على الاحتلال الإسرائيلي في عملية لفتت أنظار العالم إعجابا بها، لكن عبدالملك الحوثي كان فرحه مضاعفا، ووجد في العملية والرد الإسرائيلي عليها فرصة لإنقاذ جماعته والدخول في وضع جديد واستغلال الفرصة التي توفرت.
دشن عبدالملك الحوثي ما سماه "مسار التعبئة العامة" لاستغلال العاطفة الشعبية، وانتظم في خطاب أسبوعي يبث يوم الخميس عصراً، وذلك لقيادة هذا المسار الذي يعتبره فرصة مناسبة لتدشين التعبئة وتجذير وضع الجماعة بمبرر فلسطين اقتداء بالنظام الإيراني، إذ تعد قوات "الباسيج" جزءا رئيسيا من أركان نظام الولي الفقيه.
في نفس الوقت، حوّل عبدالملك الحوثي مهمة مشرفيه على المحافظات الى مسمى تعبوي، وحول المجلس التنفيذي الذي يعد أكبر مجالس الجماعة الى مسمى "مكتب التعبئة"، كل تلك القرارات تنظيمية داخلية كالعادة، وبناء على ذلك سخّرت الجماعة موارد ضخمة للتعبئة على مستوى كل قرية وعزلة ومديرية في جميع المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة شمال البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء.
وعلى الواقع فان للتعبئة الحوثية وجهان رئيسيان، الأول تكثيف المحاضرات واللقاءات المجتمعية وتسيير المظاهرات، والوقفات، تنديدا بما يحدث في غزة، والوجه الثاني، تحشيد المواطنين من مختلف الأعمار والفئات في دورات عسكرية تستمر لأسبوع، وبعضها أكثر، بغرض التدريب على السلاح الخفيف والمتوسط، وتلقي محاضرات تعبوية جهادية تدّعي أن كل هذا هو استعداد للقتال في فلسطين، ذلك أن القتال لتحرير القدس حلم يداعب مخيلة اليمني ويستهويه، ثم يقومون في نهاية الدورة بتنظيم عرض شعبي مسلح بشكل عشوائي وبالزي الشعبي لإبرازها في الإعلام وبناء زخم للتحشيد التالي.
في آخر خطاباته الأسبوعية، قال عبدالملك الحوثي إن عدد المتطوعين من انخرطوا في دورات التعبئة العامة العسكرية بلغ نحول ٣٥٠ ألفا في المحافظات التي تسيطر على جماعته.
وسابقاً دشن رئيس القطاع الحكومي بالجماعة أحمد حامد دورة تعبوية للجانب الرسمي حضرها رئيس المجلس السياسي الأعلى بسلطة الجماعة، ورئيس مجلس نواب صنعاء يحيى الراعي، ورئيس حكومة الجماعة بن حبتور وعدد من وزراء حكومة الحوثيين، وقال القيادي أحمد حامد، إن الجماعة تهدف الى تأطير وتدريب ١٠٠ ألف موظف في دورات التعبئة العامة.
كما نظمت الجماعة دورات تعبئة عامة وتدريب قتالي امتدت حتى على مستوى مراكز المديريات الخاضعة لسيطرتها، استغلالاً لحرب غزة في التحشيد والتعبئة.
وبالإضافة لحرب غزة يستغل الحوثيون القصف الأمريكي البريطاني على بعض مواقع الجماعة، خلال الأشهر الماضية، ويصدّرون للناس أن أمريكا قد تفكر في احتلال اليمن وبالتالي لا بد أن يكون الجميع جاهزا للقتال ضد الأمريكي والبريطاني، وتنشر مؤخراً فيديوهات اعترافات لما تصفهم بالجواسيس الأمريكيين، وهم من موظفي السفارة، ويتضح من خلال مضمون أحاديثهم أنها معدة ضمن برنامج التعبئة العامة الحوثية الداخلية وأبعد ما تكون عن اعترافات خلايا تجسسية.
وتشير الجهود الضخمة والتركيز الحوثي على تأطير أكبر عدد من الناس الى أن الجماعة تعيد تعريف نفسها بشكل واضح بأنها مشروع قتال مستمر، وستجد لافتة وشعارا في كل مرة، لكن غايتها الرئيسية تظل خوض مزيد من الحروب ضد بقية اليمنيين في المحافظات الشرقية - مارب وحضرموت وشبوة. أو المحافظات الجنوبية عدن ولحج والضالع وكذلك الغربية تعز والحديدة.
ويقول الصحفي والباحث في شؤون الحوثيين عدنان الجبرني، إن أحد أهداف الحوثيين من هذه التعبئة هو بناء تنظيم شعبي على مستوى الأحياء السكنية والقرى، لتكون ذراع الجماعة ضد كل من يختلف معها أو يرفض سلطتها وتمارس رقابة وسيطرة مجتمعية إلى جانب السلطات الأمنية الحوثية.
وأضاف، كما أن انتشار هذه التعبئة على المستوى الجغرافي، فإن تدشين الجماعة للتعبئة في الجانب الرسمي هو بداية لتشكيل خلايا تنظيمية شعبية تخصصية على مستوى كل فئة مثلاً الموظفين العموميين الأطباء المهندسين التربويين بشكل مماثل للتجربة الإيرانية التي تستقي منها الجماعة نموذجها في مختلف المجالات.