2024-10-17 الساعة 11:40م
بعد ما يزيد قليلا عن شهرين لاختيار يحيى السنوار زعيما للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، قال الجيش الإسرائيلي، الخميس، إنه تمكن من قتله.
وأضاف جيش الاحتلال في بيان، أن قوة تابعة له من اللواء 828 رصدت وقتلت 3 من عناصر حماس خلال اشتباك جنوبي قطاع غزة، وبعد استكمال عملية فحص الحمض النووي يمكن التأكيد أن السنوار "قُتل".
ففي 6 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت حماس، اختيار السنوار، المكني بـ"أبو إبراهيم" رئيسا لمكتبها السياسي، خلفا لإسماعيل هنية، الذي تم اغتياله بالعاصمة الإيرانية طهران، في 31 يوليو/ تموز، بهجوم ألقيت مسؤوليته على تل أبيب، رغم عدم إقرار الأخيرة بذلك.
وتعتبر إسرائيل السنوار، مهندس عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها فصائل فلسطينية بغزة، بينها حماس و"الجهاد الإسلامي"، ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية محاذية للقطاع في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما تسبب في خسائر بشرية وعسكرية كبيرة لتل أبيب، وأثر سلبا على سمعة أجهزتها الأمنية والاستخباراتية على المستوى الدولي.
المولد والنشأة
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، نزحت أسرته من مدينة مجدل شمال شرقي القطاع بعد أن احتلتها إسرائيل إثر نكبة عام 1948 وغيرت اسمها إلى "أشكلون" (عسقلان).
تلقى تعليمه في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة الباكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.
نشأ في ظروف صعبة وتأثر في طفولته بالاعتداءات والمضايقات المتكررة للاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.
تزوج في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 من سمر محمد أبو زمر، وهي سيدة غزية حاصلة على ماجستير تخصص أصول الدين من الجامعة الإسلامية بغزة، له ابن واحد يدعى إبراهيم.
النشاط السياسي
كان ليحيى السنوار نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، إذ كان عضوا فاعلا في الكتلة الإسلامية، وهي الفرع الطلابي لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين.
شغل مهمة الأمين العام للجنة الفنية ثم اللجنة الرياضية في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية بغزة، ثم نائبا لرئيس المجلس ثم رئيسا للمجلس.
ساعده النشاط الطلابي على اكتساب خبرة وحنكة أهلته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987 خلال انتفاضة الحجارة.
أسس مع خالد الهندي وروحي مشتهى -بتكليف من مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين– عام 1986 جهازا أمنيا أطلق عليه منظمة الجهاد والدعوة ويعرف باسم "مجد".
وكانت مهمة هذه المنظمة الكشف عن عملاء وجواسيس الاحتلال الإسرائيلي وملاحقتهم، إلى جانب تتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية، وما لبثت أن أصبحت هذه المنظمة النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس.
الاعتقالات وحياة السجن
اعتقل لأول مرة عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي وكان عمره حينها 20 عاما، ووضع رهن الاعتقال الإداري 4 أشهر وأعيد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه، وبقي في السجن 6 أشهر من دون محاكمة. وفي عام 1985 اعتقل مجددا وحكم عليه بـ8 أشهر.
في 20 يناير/كانون الثاني 1988، اعتقل مرة أخرى وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل 4 فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه 4 مؤبدات (مدتها 426 عاما).
خلال فترة اعتقاله تولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.
تنقل بين عدة سجون؛ منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دما وهو في العزل.
حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلا في سجن المجدل بعسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
في سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي.
وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلا طويلا، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة.
تعرض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.
حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن الاحتلال منعه من زيارة يحيى 18 عاما، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاما.
مؤلفات في السجن
استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاما في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عددا من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته:
النشاط السياسي والعسكري بعد السجن
أطلق سراح يحيى السنوار عام 2011، وكان واحدا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة "وفاء الأحرار".
وتمت الصفقة بعد أكثر من 5 سنوات قضاها شاليط في الأسر بغزة، ولم تنجح إسرائيل خلال عدوانها الذي شنته على القطاع نهاية 2008 في تخليصه من الأسر.
بعد الخروج من السجن انتخب السنوار عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس خلال الانتخابات الداخلية للحركة سنة 2012، كما تولى مسؤولية الجناح العسكري كتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب.
كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري في الحركة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014.
وأجرى السنوار بعد انتهاء هذا العدوان تحقيقات وعمليات تقييم شاملة لأداء القيادات الميدانية، وهو ما نتج عنه إقالة قيادات بارزة.
عام 2015 عينته حركة حماس مسؤولا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، وكلفته بقيادة المفاوضات بشأنهم مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي السنة نفسها صنفته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة "الإرهابيين الدوليين"، كما وضعته إسرائيل على لائحة المطلوبين للتصفية في قطاع غزة.
انتخب يوم 13 فبراير/شباط 2017 رئيسا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفا لإسماعيل هنية.
حاول في هذه الفترة إصلاح العلاقات بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الضفة الغربية، وإنهاء حالة الانقسام السياسي في الأرضي الفلسطينية ضمن مصالحة وطنية، إلا أن هذه المحاولات انتهت بالفشل.
عمل أيضا على تحسين العلاقات مع مصر، حيث التقى ضمن وفد قيادي وأمني مع قيادات من المخابرات المصرية في القاهرة سنة 2017، وتم التوصل لاتفاقات حول الأوضاع المعيشية والأمنية والإنسانية والحدود.
في مارس/آذار 2021، انتخب رئيسا لحركة حماس في غزة لولاية ثانية مدتها 4 سنوات في الانتخابات الداخلية للحركة.
تعرض منزله للقصف عدة مرات، إذ قصفته طائرات الاحتلال ودمرته بالكامل عام 2012، وخلال العدوان على قطاع غزة عام 2014، ثم خلال غارات جوية إسرائيلية في مايو/أيار 2021.
يوصف السنوار بأنه شخصية حذرة، لا يتكلم كثيرا كما لا يظهر علنا إلا نادرا، كما أنه يمتلك مهارات قيادية عالية وله تأثير قوي على أعضاء الحركة.
يحيى السنوار وطوفان الأقصى
بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبح يحيى السنوار المطلوب الأول لدى إسرائيل، إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب عز الدين القسام.
وأصبح التخلص من زعيم حماس أهم الأهداف الإستراتيجية للعملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية"، إذ يعتبره مسؤولون إسرائيليون العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 فرضت الحكومة البريطانية عقوبات على قيادات من حماس تشمل تجميد أصول وحظر السفر، ومن بينهم السنوار.
وأصدرت السلطات الفرنسية في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 مرسوما يقضي بتجميد أصول السنوار لمدة ستة أشهر.
لم يظهر السنوار علنا خلال تلك الحرب، وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه التقى بعض الأسرى الإسرائيليين خلال فترة احتجازهم في غزة، وأخبرهم بلغة عبرية سليمة أنهم في المكان الأكثر أمانا ولن يتعرضوا لأي مكروه.
في 6 ديسمبر/كانون الأول 2023، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو محاصرة قوات الجيش الإسرائيلي منزل السنوار لكن لم يتم الوصول إليه، ويعتقد مسؤولون في الجيش أنه يدير العمليات مع باقي قادة الجناح العسكري لحماس من داخل شبكة الأنفاق التي بنتها الكتائب تحت الأرض.
مذكرة اعتقال
يوم 20 مايو/أيار 2024 أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تقديمه طلبا للمحكمة لاستصدار أمر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ومن جهة أخرى السنوار والضيف وهنية بتهم ارتكابهم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية عقب أحداث أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعليقا على هذا القرا، قال سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس لوكالة رويترز إن قرار الجنائية الدولية طلب إصدار مذكرة اعتقال بحق 3 من قادة الحركة الفلسطينية "مساواة بين الضحية والجلاد".
وأضاف أن قرار المحكمة يشجع إسرائيل على الاستمرار في "حرب الإبادة".
قائدا لحماس بعد هنية
في يوم 31 يوليو/تموز 2024 أعلنت حركة حماس أن إسرائيل اغتالت رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في مقر إقامته بالعاصمة الإيرانية طهران، وذلك بقصف الشقة التي كان فيها مع مرافقه.
وبعد دفن هنية في العاصمة القطرية الدوحة، بدأت الحركة انتخابات داخلية لاختيار خلفية لهنية، وأعلنت يوم الثلاثاء 6 أغسطس/آب 2024 أن هيآتها الشورية اختارت بالإجماع يحيى السنوار رئيسا جديدا للحركة.
إسرائيل تعلن قتل السنوار
في يوم الخميس 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024 أكد الجيش الإسرائيلي، مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار خلال اشتباكات في جنوب قطاع غزة أمس الأربعاء.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن جنوده نفذوا عمليات خلال الأيام الماضية جنوب قطاع غزة بناء على معلومات استخباراتية تفيد بأن قادة في حركة حماس موجودون في المنطقة.
وأضاف أن قوة من اللواء 828 الموجودة في المنطقة اشتبكت أمس مع 3 مقاتلين وقتلتهم، وتبيّن بعد الفحص أن السنوار أحدهم، وفق بيان الجيش.
وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن الجنود لم يكونوا على علم بوجود السنوار في المبنى حيث وقع تبادل إطلاق النار جنوب قطاع غزة.
وصرّحت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الاشتباك مع السنوار وقع بتل السلطان برفح، وكان يرتدي سترة عسكرية ومعه قيادي ميداني آخر.
المصدر : الجزيرة + وكالات