أهم الأخبار

تداعيات الملف النووي الإيراني في لقاء جنيف اليمني

2015-06-14 الساعة 05:15م (يمن سكاي - عبدالوهاب العمراني)

من نافلة القول بأن القضايا الإقليمية الساخنة في المشرق العربي والتي عصفت بها رياح التغيير العربي قبل بضع سنوات وكذلك العراق أن ما يجمع هذه العواصم الأربع التي صرّح علي رضا زاكاني، النائب المقرب من خامنئي في البرلمان الإيراني غداة سقوط صنعاء في سبتمبر الماضي ان هذه البلدان الأربع ( العراق سوريا لبنان اليمن ) تعتبر ضمن احتواء إيراني في تنافس محموم مع النظام الإقليمي العربي وبالأخص بلدان مجلس التعاون الخليجي والتي من ضمن أخطائها الإستراتيجية هي اهمال هموم اليمن الاقتصادية وتعثر مبادرتها الخليجية التي كانت ملغمة بمنح الرئيس السابق  علي عبدالله صالح حصانة ، وكذا عدم الاكتراث بطموحات الحوثيين والتي بدأت واضحة للعيان منذ عام مضى بتحالفهم مع خصمهم السابق الرئيس صالح نفسه ، يعتبر اليمن  البطن الرخوة للجزيرة العربية  والتي أريد لها أن تكون شوكة في خاصرة السعودية ودول الخليج ، في نهاية سبتمبر الماضي بداء العد التنازلي لمحاولة فرض واقع جديد بقوة السلاح بصعود الحوثيين وإسقاط صنعاء بعد إسقاط عمران بنحو ثلاثة أشهر وآنذاك توالت معظم المدن اليمنية في السقوط تباعا وسط عدم اعتراض إقليمي ودولي ، وعشية إسقاط عدن تفاجئ الحوثيين بما سمى بعاصفة الحزم والتي مضى عليها ما يقارب الثلاثة أشهر دون تغير جذري على الأرض رغم الضربات الموجعة.

 

واليوم يدار لقاء يمني يمني في جنيف وسط تشاؤم كل ألوان الطيف السياسي والأطراف المتنازعة اليمنية ويجرى هذا اللقاء قبل نحو أسبوعين من الموعد المحدد سلفاً بين القوى الغربية وإيران بشأن طي صفحة الملف النووي بتنازلات إيرانية مقابل  تخفيف الحصار الغربي على إيران وفق خطة سيتم التوافق عليها فيما لو تم الاتفاق فعلا.

 

ما يمكن قوله هنا بأن الأطراف اليمنية مهما اختلفت وتباينت رؤاها او اتفقت هي مجرد إيقونات وأحجار شطرنج في الصراع الإقليمي ( إيران والسعودية من جهة ، وصراع دولي من جهة أخرى )

 

ثمة أسباب أكثر عمقاً وشمولاً هي التي تقف خلف هذا الصراع وتغذّيه، وبالتالي ستؤدي إلى استمراره، حتى وإن اتخذ أشكالاً جديدة؟

 

وبداهة لا يمكن تفسير سير  المفاوضات الإيرانية الأمريكية والغربية بمعزل عن أقطاب الصراع الإقليمي حول بؤر النزاعات المتفجرة في العواصم العربية الأربع.

 

ومؤخراً وبعد دخول اليمن على الخط ، اتخذ الصراع طابعاً أكثر مباشرة، وقد شعر مجلس التعاون الخليجي بالخطر، بعد التطورات التي تلت سقوط صنعاء وتمدد الحوثيين في أكثر من ثلث مساحة اليمن ، وهو ما دعاه لتأليف تحالف عربي- إقليمي على جناح السرعة، مثلما ارتفع قلق الغرب وحلفائه في المنطقة، خصوصاً في الخشية من التمدّد الإيراني باتجاه الهيمنة على باب المندب الموقع الاستراتيجي الحيوي، الأمر الذي دفع مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ إجراءات من شأنها الحدّ من تأثيره، عبر تدخّل مباشر لإزاحة الحوثيين "حلفاء إيران" بعد أن هيمنوا على السلطة، واستولوا على المواقع الحيوية وبعض المرافق الأمنية والعسكرية، وهكذا بدأت ماسُمى "عاصفة الحزم" التي أعلنت الولايات المتحدة والرئيس أوباما عن تأييدها.

 

وهذه البلدان الخليجية والعديد من الدول العربية النافذة، ومنها مصر والمغرب ودول إسلامية أخرى مثل باكستان، لا تنظر إلى الملف النووي الإيراني، بعيداً عن قوة إيران الإقليمية، باعتبارها دولة محورية توسعية في المنطقة، بالسلاح النووي أومن دونه فقد أصبح لها نفوذ في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين (غزة) ومؤخراً في اليمن، وطموحها لا تحدّه حدود، لدرجة أن كان هناك من صرّح بغرور بأن بغداد هي عاصمة الإمبراطورية وعلى نحو استفزازي، علماً بأن مثل هذا الرأي كان قد تبلور غداة سقوط بغداد في العام ،2003  حينها اعتبرت إيران العراق خط الدفاع الأول بما يضمن أمن إيران وسلامتها.

 

ومن يرصد ويبدو بأن الملف اليمني بالنسبة لواشنطن يقوم على سياسة مسك العصا من الوسط حيث ان واشنطن تنأى بنفسها ان تفتح جبهة جديدة للصراع مع إيران عبر النافذة اليمنية ولاسيما وهي على أعتاب اتفاق نهائي حول الملف النووي .

 

اللافت بأن بلدان المشرق العربي تتوجس من حالة الانفراج الغربي الإيراني حيث ترى انها ليست مجرد مباحثات نووية فحسب بل سياسية وصفقات بغطاء نووي !

 

 وقد تفضي تلك المباحثات لو نجحت على الإفراج عن ودائع إيرانية في البنوك الغربية والأمريكية تحديدا ويخلق واقع مفاجئ من السيولة المالية لإيران بعد حالة من العوز والفاقة لسنوات ، ومن هنا فلسان البلدان العربية المتوجسة من إيران هو اذا كانت إيران تعمل عمايل وأفاعيل في ظروفها المادية الصعبة فكيف سيكون الأمر وقد حصلت على تلك الودائع ل تخفيف او إنهاء الحصار عليها

 

قد يكون من السابق لأوانه اعتبار الاتفاق الإيراني الغربي قد أنجز حتى وإنْ كان الحجر الأساس فيه قد تم وضعه، لكن ثمة هواجس من الطرفين إزاء تنفيذه، يضاف إلى ذلك: ماذا ستتمخض عنه الحرب الدائرة في بؤرة اليمن والتي لم تحسم بعد رغم تضرر الانقلابيين بصورة لم تكن متوقعة  ، وكيف ستتصرف إيران بعد ذلك إزاء مصالحها في هذا الجزء من العالم العربي، فيما إذا حُسمت الحرب لمصلحة أعدائها أو لغير مصلحة حلفائها . ولا بدّ هنا من أخذ المؤشر الإقليمي المشفوع بالحضور التركي، سواءً على مستوى العالم العربي بشكل عام، وإزاء دول الجوار العربي بشكل خاص، كما يقتضي الأمر حساب العامل الدولي غير الغربي لدولتين محورتين وعضوين دائمي العضوية في مجلس الأمن الدولي، ونعني بهما روسيا والصين، بحكم علاقاتهما الخاصة مع العديد من دول المنطقة، سواء بالاتفاق على موضوع الملف النووي، أو بتمديد المفاوضات، إضافة إلى التحالفات الجديدة التي قد تنشأ في المنطقة، خصوصاً بعد حرب اليمن بسيناريوهاتها المختلفة، الأمر الذي سيضع مسألة التمدّد الإقليمي على بساط البحث، فلم يعد مقبولاً أو ممكناً استمرار الوضع إلى ما كان عليه قبل الاتفاق وحرب اليمن التي فرضت نفسها كواقع جديد في الثلاثة الأشهر الأخيرة .

 

* كاتب وسياسي يمني

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص