2015-07-26 الساعة 01:20م (يمن سكاي - الخليج اونلاين)
يفتح النصر الذي حققته المقاومة الشعبية في عدن وظهور مؤشرات قوية بتحرير مدن أخرى من قبضة مليشيا الحوثي وفلول الرئيس المخلوع علي صالح، ملف إعادة الإعمار بعد الخراب الذي طال البنية التحتية في اليمن.
ومن الصعب الحديث عن الكلفة الإجمالية لإعادة إعمار اليمن والبلاد ما تزال تتكبد خسائر يومية من جراء استمرار المعارك جواً وبراً، فضلاً عن أن الاقتصاد اليمني يشهد حالة من الانهيار وفقاً لما قاله رئيس مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية مصطفى نصر.
ووصف نصر في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، الحياة في اليمن بأنها "عادت بدائية وتفتقر لأبسط أساسيات الحياة كالمياه والكهرباء، وكذلك توقف العملية الدراسية والتعليمية والأكاديمية، فيما سرَّح القطاع الخاص غير المنظم والمنشآت الصغيرة والمتوسطة أكثر من 60% من العاملين فيه".
- خسائر مباشرة وغير مباشرة
وفي حال توقفت الحرب حالياً، توقع "نصر" أن تتطلب إعادة الإعمار ما لا يقل عن 50 مليار دولار خلال خمسة أعوام لإعادة إعمال البنية التحتية والعودة للاستقرار.
وعن كيفية حساب هذا الرقم يوضح رئيس مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية؛ أن هذ الرقم هو مجموع الخسائر التي تكبدتها اليمن؛ خسائر منظورة وغير منظورة أي غير مباشرة، إضافة إلى أهم متطلبات التنمية خلال 5 أعوام.
الحكومة اليمنية خصصت مليار ريال يمني أي ما يساوي تقريباً (5 ملايين دولار أمريكي) لإعادة الخدمات الأساسية لمدينة عدن بما يؤمن عودة أهاليها النازحين وفقاً لما صرح به مسؤول حكومي.
وتعرضت اليمن إلى دمار غير مسبوق من جراء الحروب التي شنتها وتشنها مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية منذ أشهر، والتي تواجه الشرعية المدعومة من قبل التحالف العربي، فقد أكدت المقاومة الشعبية استهداف المليشيا لمرافق خدمية مهمة في عدن وغيرها من المحافظات مثل المصافي ومحطات الكهرباء وخزانات المياه والأحياء السكنية، فضلاً عن الدمار الذي أحدثته الضربات الجوية للتحالف في عدد من المؤسسات والمرافق التي تتمركز فيها المليشيا.
فاليمن كانت وفقاً للدراسات الاقتصادية بحاجة لهذا المبلغ في الوضع الطبيعي خلال 10 سنوات، أما في الحالة الراهنة ونظراً للخسائر وحالة الانهيار لكثير من القطاعات فإنها وفقاً لدراسات قام بها مركز الإعلام والدراسات الاقتصادية بحاجة لهذا الرقم على الأقل خلال 5 سنوات.
رئيس مؤسسة يمن كابيتال للتنمية والبحوث الدكتور منير حسن سيف يتفق أيضاً على صعوبة تحديد الرقم النهائي لإعادة الإعمار لا سيما في ظل استمرار الحرب، لكنه أشار إلى أن اليمن قبل الحرب كانت محتاجة لنحو 10 مليارات دولار لتأهيل الاقتصاد اليمني، فمعناه الآن أن الرقم سيكون مضاعفاً بمرات.
تمويل إعادة الإعمار
وبغض النظر عن القيمة النهائية لإعادة الإعمار؛ فاليمن ليس قادراً على تغطية ولو نسبة بسيطة من التكلفة فهو يعاني مشكلات اقتصادية وتنموية كبيرة من جراء عدم الاستقرار التي تشهده البلاد منذ عقود.
لكن خبراء ومراقبين اتفقوا في حديثهم لـ"الخليج أونلاين" أن دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها السعودية والمجتمع الدولي سيمثلون المصدر الرئيس والمهم لتوفير السيولة النقدية لإعادة الإعمار، إذ يقول الدكتور منير سيف إن المصادر لن تكون إلا خليجية سواء حكومية أو قطاعاً خاصاً أو بدعم دولي؛ لأن اليمن يحتاج إلى إعادة تأهيل قطاعاته الإنتاجية فبعضها متوقفة وأخرى مدمرة.
ويرى مصطفى نصر أن موضوع تمويل إعادة الإعمار يرتبط بالأحداث السياسية الراهنة وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية، ففي حال عادت اليمن إلى حاضنتها الطبيعية في مجلس التعاون الخليجي فإن دول الخليج ستكون الداعم الأكبر لعملية التنمية وإعادة الإعمار، لكن دخول اليمن في حالة من المحاصصة الطائفية كما هو الحاصل في العراق فيتوقع أن مصادر التمويل ستكون شحيحة.
ويضيف الدكتور كمال البعداني وكيل وزارة الإدارة المحلية اليمنية في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن أهم المصادر المتوقعة لإعادة إعمار اليمن ستكون دول الخليج، بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى الأجنبية التي قد تكون لها أجندة معينة أو يتم التأثير عليها بواسطة دول الخليج.
الإعلامي السعودي عاطف الأحمدي يؤكد أن العلاقة الأخوية التي تجمع دول الخليج باليمن الذي يعد جزءاً من المنظومة الخليجية هي ما دفعت الخليجيين إلى دعم الشرعية بعمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل، ولذلك فإن الأحمدي بدا متفائلاً في تصريحه لـ"الخليج أونلاين"، قائلاً: "إن الملك سلمان وإخوانه في قيادة مجلس التعاون الخليجي لن يتراجعوا عن دعم اليمن وشعبه في إعادة الإعمار معنوياً ومالياً ولوجستياً حتى يتمكن الشعب اليمني من العيش بسعادة تحت قيادته الشرعية، وتعود الأمور إلى نصابها ويتمكن اليمنيون كذلك من إدارة شؤونهم بطريقة ذاتية".
نجاح إعادة الإعمار
وليس التمويل الهاجس الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على نجاح إعادة إعمار اليمن، فالتعامل مع الأموال المتوفرة والدعم سيكون عاملاً مهماً جداً في إعادة الإعمار، إذ يؤكد الدكتور كمال البعداني أن أهم شروط النجاح يتمثل بحكومة قوية وإشراف مباشر من الدول المانحة حتى ولو كان الأمر يتطلب تولي هذه الدول التنفيذ المباشر لمشاريع إعادة الإعمار.
ويتفق معه الدكتور منير سيف الذي يشترط أن يكون الدعم بإدارة خليجية مباشرة، ويتم مراقبة أداء هذا التأهيل، فبدونه سيصرف كما في السابق لفئة محددة متنفذة ولن يستفيد البلد من ذلك، كما شدد على أن يكون الدعم تدريجياً وبخطط مدروسة كي ينعش القطاعات الراكدة، وإعادة بناء القطاعات المدمرة من الحرب، ويقترح إنشاء جهاز متابعة وتقييم أداء المشروعات من شخصيات معروفة لها بالنزاهة وإلا فلن يكون هناك تأهيل وإنعاش للبلد.
ويضيف مصطفى نصر إلى شروط نجاح الإعمار بعد توقف الحرب، عودة المؤسسات الرسمية لعملها وفقاً لقرارات مجلس الأمن في هذا الشأن، وأن تجري انتخابات مبكرة بإشراف ورقابة وحماية دولية ووفقاً لدستور يتم إقراره يضمن الحقوق والواجبات على كل المستويات.
ويعاني اليمن أيضاً الفساد المستشري في مفاصل الدولة، إذ يعد من الدول الأكثر فساداً في العالم، وفقاً لمؤشرات الشفافية الدولية، وسبق أن فشلت حكومات يمنية في عهد الرئيس المخلوع صالح من الاستفادة من الدول المانحة التي منحت اليمن ما يقارب 6 مليارات دولار في مؤتمر للمانحين أقيم في العاصمة البريطانية لندن عام 2006م، لكن الجانب اليمني فشل في تقديم تصورات وخطط تستوعب هذه المنح، في ظل فقدان الدول المانحة لثقتها للجانب اليمني من جراء الفساد الذي كان يحرم الشعب اليمني الاستفادة من المساعدات والقروض الدولية.