أهم الأخبار

انعدام الإمكانات وغياب الاهتمام الحكومي.. حرب تنهك القطاع الزراعي في اليمن وتفاقم معاناة ملايين السكان

2021-03-29 الساعة 04:06م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

المصدر أونلاين- عبد العزيز محمد

ما إن ينبثق ضوء الصباح حتى تبدأ "أم احمد" بحزم امتعتها متجهة للعمل في احدى مزارع البن والتي تبعد ما يقارب إثنين كيلو متر عن منزلها الريفي في مديرية "بُرع" بمحافظة الحديدة (غرب اليمن).

 

وتعد زراعة البن اولى الاهتمامات اليومية لـ"أم أحمد" التي تعيش في منتصف الاربعينات من عُمرها، فحصولها على كميات أكثر في الموسم الحالي في ظل استقرار سعر البن يسعدها كثيرا ويجعلها تؤمن مالاً يمنحها جزءً من الأمان المعيشي بشكل نسبي لمدة قصيرة.

 

وللحصول على أفضل محصول للبن من حيث الكم والجودة يتطلب جهد عدد من أفراد الأسرة لمدة تزيد عن ستة أشهر كما تقول "ام احمد"، لكنها في ذات الوقت تشكو من سلسلة من المشاكل تواجهها منذ بدء الحرب في البلاد قبل ست سنوات.

ومحافظة الحديدة أو ما يُعرف بـ "وادي تهامة" تعتبر "سلة غذاء اليمن" حيث تنتج غالبية المحاصيل من الخضار والفواكه والحبوب والبقوليات، لكنها تعيش وضعاً إنسانياً سيئاً جراء الحرب، وتتوسع فيها المجاعة والفقر، رغم الجُهد الكبير الذي يبذله المواطنون في الزراعة.

 

قالت أم أحمد "ترتفع أسعار المواد الغذائية والاسمدة وغيرها من حاجاتنا الأساسية وعائدات حصادنا من البن لا توفر لنا كل هذا، حيث مازال السعر الذي نبيع به مستقراً وينخفض في كثير من الأحيان سعر البن رغم جودته والطلب عليه عالمياً".

ويواصل البن هبوطه المعتاد ليصل سعر ك/جم من 3000 الى 2100 ريال يمني (ما يعادل اقل من 5 دولار أمريكي)، ما يجعل من اقتلاع شجرة البن أمراً وارداً في بعض المناطق بسبب عدم مقدرتهم على تحمل تكاليف الزراعة والعائد المادي المتراجع، وخاصة خلال السنوات الماضية.

 

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، تقلصت مساحة زراعة البن اليمني من 33,959 ألف هكتار الى 33,544 ألف هكتار خلال عامين بفارق مقداره 415 هكتار من الأراضي الزراعية.

وسبق أن أعلنت وزارة الزراعة استراتيجية تتضمن رفع انتاجية وتحسين جودة البن وصولا بصادراته الى 50 ألف طن بحلول 2025، وتبنت انتاج مليون شتلة بن خلال الموسم الزراعي 2019- 2020م، كما اصدرت قراراً بمنع استيراد البن لتشجيع مزارعيه وزيادة انتاجه وبما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني.

 

ويعتمد غالبية مزارعي البن اليمني على الامطار الموسمية، الأمر الذي يقلل من إنتاج وجودة البن إضافة إلى عدم قدرة المزارع على توفير الآلات الحديثة التي تساعد على انتاجه بما يتناسب مع متطلبات الأسواق العالمية، بالإضافة إلى أن الحرب التي تعيشها البلاد ضاعفت معاناتهم.

 
* أوبئة وآفات بلا مكافحة

وهناك تحديات عديدة تواجه المزارع اليمني منها طبيعية كحشرات "المّن" و"حفار اغصان الأشجار" (حشرات تأكل المحصول) وغيرها من الآفات إلا أن اكثرها خطورة "المن الأسود" والذي تتجمع بكميات كبيرة على أوراق وثمار وسيقان النبات، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تواجه المزارعين.

وقال مصدر في وزارة الزراعة - طلب عدم الكشف عن اسمه - "إن البن اليمني يمر بأسوأ مرحلة منذ اكتشافه في عملية غش تتم عن طريق خلطه مع بن مستورد اقل جوده مما يؤثر على سمعة وسعر البن اليمني، إضافة إلى تهريب بذوره الأصلية لبلدان أخرى وسيطرة نافذين على سعره محلياً رغم أسعاره الباهظة عالميا".

وأضاف المصدر "ثمة تحديات كثيرة تواجه القطاع الزراعي في اليمن بشكل عام والحديدة بشكل خاص ومن أهمها غياب الجانب الحكومي بشقيه والمتمثل بتقديم الدعم اللازم للمزارعين من حيث المعدات وأدوات الري الحديثة للوصول الى اعلى مستوى في الإنتاج ومكافحة استيراد المبيدات غير القانونية والتي تتسبب بكوارث بيئية وإنسانية من جهة اخرى".

وأنعشت سنوات الحرب التهريب بشكل عام، وفي مجال الزراعة يمتلئ السوق بكثير من الأسمدة والمبيدات الضارة، والتي يستخدمها المزارعون وتعمل على إتلاف محاصيلهم أو تقليل جودتها وإصابة الأشجار بأمراض عضوية، ويتكبدون خسائر بشرائها وإتلاف محصولهم.

ووفقا لإحصائيات رسمية تم استيراد ما يزيد عن 4.036.011 طن سماد صلب، فيما بلغ كمية السماد السائل 147,332 لتر خلال شهر ديسمبر من العام المنصرم 2020، بخلاف الأطنان الأخرى التي تدخل عن طريق التهريب.

* أزمات تعصف بالمزارعين

يعاني المزارع اليمني من مصاعب وتحديات كثيرة تثقل كاهله بشكل مستمر في ظل ازمات متتالية وكوارث طبيعية وأوضاع اقتصادية صعبة تعيشها البلاد منذ بداية الحرب في العام 2015، وتتركز الازمات المتتالية في قطاع الزراعة في ارتفاع اسعار المشتقات النفطية والبذور والاسمدة وقلة الامطار في مواسم الزراعة، وأسراب الجراد.

ويقول "مصلح ثابت" (55 عام) - مزارع بمديرية بُرع – "أحيانا تتلف المحاصيل علينا بسبب عدم توفر الديزل، حيث يصعب على المزارع شراؤه من السوق بسبب أسعاره الباهظة وأحيانا يكون غير متوفر بأي سعر، وهذا ما يجعل المزارع يعيش مغامرة سنوية لا يعرف نتائجها".

ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، يستورد اليمن أكثر من 90 بالمائة من الحاجات الأساسية للإنتاج، ويعاني أكثر من 17 مليون يمني يمثلون ما يقرب من ثلثي السكان، انعداماً حاداً للأمن الغذائي، مع تجريف الحرب لسبل العيش والتغذية.

ويقدر إنتاج محافظة الحديدة بـ 40% من احتياجات اليمن في مختلف المحاصيل الزراعية والحيوانية، ويبلغ إجمالي المساحة المزروعة بالمحافظة 251.098 هكتار تتوزع في زراعة الحبوب والخضروات والفواكه والبقوليات والأعلاف، وفق تقارير رسمية.

 

وخسرت الزراعة في محافظة الحديدة خلال السنوات الماضية، ما يزيد عن مليون نخلة من اجمالي 2 مليون و200 ألف نخلة في حين يبلغ عدد أشجار النخيل في اليمن حوالي 4.680 مليون نخلة منها 67% اشجار مثمرة، بحسب احصائيات صادرة عن وزارة الزراعة.

وتنشط الأسواق السوداء منذ اندلاع الحرب عام 2015، فيما تواصل أسعار المشتقات النفطية بالصعود لأعلى مستوى ليصل سعر 20 لتر من الديزل 12000 ألف ريال يمني فيما سعر الكمية نفسها من البترول 18 ألف ريال يمني (الدولار 602) ما يجعل من خسارة الأراضي الزراعية أمراً محتوماً.

وتكبد المزارع التهامي خسائر فادحة إثر أسراب الجراد الموسمية والتي ساعد المناخ على زيادة أعدادها، ويصل عدد أسراب الجراد في كيلو متر مربع ما بين 40- 80 مليون جرادة ما يجعل من سرب صغير كهذا قادراً، خلال يوم واحد، على التهام ما يكفي لإطعام 35 ألف شخص.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص