أهم الأخبار

قصة "بائعة الأقلام الملونة" في صنعاء

2022-03-09 الساعة 02:03م (يمن سكاي - بلقيس نت)

تعرض الخمسينية "حورية" أقلام الحبر الملونة، في صندوقين مكشوفين بغرض بيعها، خلال تجوالها في شوارع صنعاء، سيراً على قدميها يومياً، تبدأه في تمام الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية ظهراً، بحثاً عن لقمة العيّش لها وأسرتها، بدلاً عن الاستسلام لأوضاع الحياة المعقّدة التي تعيشها.

 تقول حورية لموقع "بلقيس": "أمشي برجلي من شارع لشارع، أبيع هذه الأقلام، كل يوم أخرج الصباح، أدوّر لي أنا وعيالي لقمة الحلال، أحسن من جلستي في البيت والموت من الجوع". تمكّنت المرأة المُسنة من مواجهة قسوة ظروفها المعيشية، من خلال عملها كبائعة متجولة لأقلام الحبر، مُذ قرابة خمسة أعوام، تخللت أيامها ألوان مختلفة من المعاناة في حياة امرأة، قضت كثيرا من ساعات تلك السنين وما تزال، وسط تقلّبات طقس صنعاء، تحت اشتداد الصقيع وأشعة شمس النهار الحارقة، إضافة إلى موجات الغبار والأتربة المضرّة بحياة سيدةً مسنة. تضيف بائعة الأقلام من حديث لموقع "بلقيس": "الفلوس التي أحصل عليها من هذا العمل، أشتري بها مصاريف للبيت، معي أسرة كبيرة أنفق عليها، قد هو تعب، وأنا كل يوم بين الشمس والبرد والغبار والرّياح، لكن ما أفعل؟ أترك بناتي وعيالي يموتوا من الجوع".

ـ ضرورة مُلحة

حين ساءت الحالة المعيشية لأسرتها، وانقطعت كافة مصادر الدّخل عنهم، اضطرت حورية إلى البحث عن فرصة للدخل مناسبة وسهلة، على سبيل استمرار حياة عائلتها، سعياً منها الى التفرّد بما تبيعه، إضافة إلى عدم تقليدها كثير من الباعة المتجوّلين بما لديهم، لتصبح بائعة لأقلام الحبر.

 إذ تستهدف في عملية بيعها كثيرا من المؤسسات والشركات الحيوية والبنوك، المنتشرة في معظم شوارع صنعاء.

 تقول لموقع "بلقيس": "الحرب أفقرتنا كلنا، المعيشة ما هي سوى، ما عاد إلا خرجت أبيع أقلام، عند الوزارات والبنوك والمحلات والشركات، ما أقدر أبيع إلا لهم، لأنهم يحتاجوها".

 لم يكن خروجها إلى العمل كبائعة متجوّلة عن رضا وقناعة لكسب المال، بل أجبرتها الحاجة الملحّة على ذلك، وتغطية مصاريف أسرتها اليومية، من العائد البسيط الذي تحصل عليه. 

وتوكد بقولها لموقع "بلقيس": "الفلوس التي أجمعها طول اليوم مصروف للبيت، بعد تعب ومشاوير أحصل 3500 ألف ريال"( 6 دولارات سعر الصرف في مناطق مليشيا الحوثي الانقلابية). وتعيل بائعة الأقلام جميع أفراد أسرتها المكوّنة من "4" بنات، ووالدهن، الذي أفقدته الحرب صحته النفسية، إضافة إلى راتبه الشهري الذي كان يتقاضاه من عمله كجندي في الجيش اليمني سابقاً، وهو المصدر الوحيد لدخلهم. 

تقول حورية لموقع "بلقيس": "معانا بيت صغير ملك، زوجي كان عسكري، والآن بدون راتب، معي أربع بنات، واحدة منهن تزوجت وتطلّقت". 

ـ مقاومة الصعاب

أفرزت الحرب الدائرة في البلاد، مذ قرابة "8" سنوات، ظروفاً معيشية صعبة، أجبرت كثيرا من النساء اليمنيات على مقاومة صعوبات الحياة المعيشية القاسية، حيث لجأن إلى ممارسة مهن جديدة وصعبة، بحثاً عن مصادر للعيش، من أجل إعالة أسرهن، في ظل استمرار معاناتهن طيلة فترة الحرب التي لم تنتهِ بعد. 

وتنوّعت المهن لدى النساء وفقاً لقدراتهن الماديّة، إضافة إلى اعتبارات مختلفة. 

تقول حورية لموقع "بلقيس": "عملي هذا لا يحتاج إلى مال كثير، لأني لا أملك القدرة على العمل في مجال آخر، كوداً وفّرت مبلغ بسيط، اشتريت به أقلام، من أجل أبيعهن وأتعيش أنا وأسرتي". 

بينما أخريات نجحن من خلال إقامتهن مشاريع صغيرة، استطعن من خلالها تأمين حياة عوائلهن معيشياً، خصوصاً مع استمرار التدهور الاقتصادي، وانعدام معظم مصادر الدخل، تحديداً لدى معظم السكان، في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية. 

"إيناس مفتاح" تعمل في بيع البخور، تقول لموقع "بلقيس": "ما معنا من يصرف على البيت، خرجت أبيع بخور، من شأن أعيش أنا وأسرتي".

ـ نظرة المجتمع

تجاوزت حورية بإصرار النظرة الدونية للمجتمع، تجاه عمل النساء في المهن البسيطة، واستطاعت أن تحمي أسرتها من خطر الجوع، من عملها في بيع الأقلام، نظراً لقسوة حياتها المعيشية وأسرتها.

 تقول حورية لموقع "بلقيس": "أنا أريد الرزق الحلال لي أنا وبناتي، ما همني الكلام أنّ عمل النساء عيب، العمل ليس حرام". 

غالبية النساء اليمنيات اللواتي أجبرهن سُوء الظروف المعيشية على العمل في مهن بسيطة مختلفة، لمواجهة المجاعة في زمن الحرب، تجاهلن بعضا من عادات المجتمع المتخلّفة تجاههن، وخرجن إلى العمل، بحثاً عن الرزق، في ظل استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، والتخلي المطلق من كافة أطراف الصراع، عن توفير مصالح المواطنين.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص