2024-06-27 الساعة 03:49م
شهدت منصات التواصل الاجتماعي اليمنية الليلة الماضية، جدلاً واسعًا بعد إعلان الحكومة المعترف بها دولياً احتجاز الحوثيين المدعومين من إيران أربع طائرات من أسطول الخطوط الجوية اليمنية، المكون من سبع طائرات.
أكدت "اليمنية" في بيان، أمس الأربعاء، احتجاز الحوثيين أربعاً من طائراتها "كانت تقل حجاجاً من جدة إلى صنعاء"، مضيفة أن هذا الاحتجاز "سيؤثر على سير الرحلات ويكبد الشركة خسائر كبيرة"، مناشدة المجتمع الدولي ومنظمات النقل الجوي بالتدخل العاجل.
وقالت الشركة إنها تواجه صعوبات مع الحوثيين منذ أكثر من عام، بما في ذلك حجز أرصدتها.
تنوعت آراء المدونين بين الغاضبة من التساهل الحكومي مع الميليشيا، والساخرة من سوء الحال الذي وصلت إليه الحكومة المعترف بها، في ظل الضغط الإقليمي والدولي عليها. بينما ركزت العديد من التدوينات على الاستغراب من تصرف الشركة الحكومية، حيث أرسلت طائراتها الثلاث دفعة واحدة رغم التوتر الحاصل مع الحوثيين.
صراع قديم على الشركة بين الحكومة المعترف بها وبين الحوثيين، منذ الانقلاب، وصولاً إلى عودة الرحلات إلى المطار إثر هدنة برعاية أممية في العام 2022، بعد أكثر من ست سنوات من التوقف. تبعه احتجاز الحوثيين أرصدة الشركة في بنوك صنعاء، وما تلاها من وقف الرحلات إلى الأردن في أكتوبر 2023، واحتجاز الحوثيين إحدى الطائرات إثر ذلك، قبل أن تنجح تفاهمات في التهدئة بين الجانبين.
منذ أكثر من شهر احتجز الحوثيون طائرة للشركة من نوع إيرباص أي 330، أكبر طائرات أسطول الشركة، بحسب بيان سابق للشركة نشرته قبل أسبوع، في الـ20 من الشهر الجاري، على إثر قرار الحكومة حصر بيع التذاكر على نقاط البيع خارج مناطق سيطرة الميليشيا، وذلك بعد احتجاز الحوثيين أموالاً تابعة للشركة.
وتضمنت تغريدات المدونين تساؤلات عمن اتخذ قرار إرسال كل هذا العدد من الطائرات إلى صنعاء في وقت واحد، على الرغم من هذه الإرهاصات والتجارب السابقة مع الميليشيا.
كتب الناشط إبراهيم عسقين: "الطائرات المحتجزة من قبل الحوثيين: - الأولى وصلت الساعة الثالثة فجراً وكان من المفترض أن تغادر الساعة الخامسة صباحاً إلى جدة، لكنها لم تغادر. - كان لدى الشركة الوقت الكافي لاستيعاب المشكلة قبل إرسال الطائرة الثانية التي ستهبط الساعة التاسعة صباحاً، أي بعد 6 ساعات من احتجاز الأولى وقبل موعد إقلاع الأولى من صنعاء إلى عدن بثلاث ساعات. - هل استوعبت الشركة واكتفت بذلك؟ لا، قامت بإرسال الطائرة الثالثة التي ستهبط في صنعاء بعد 7 ساعات من احتجاز الأولى.. الأمر لا يحتاج للشرح أكثر".
وقال الصحفي أحمد شبح: "حكومتنا الرشيدة، يولولوا من شهر أن عدوهم اختطف أكبر طائرة إيرباص في الأسطول، واليوم أرسلوا ثلاث طائرات جديدة تم جدولة وصولها تباعاً خلال نصف ساعة فقط!!".
إدارة اليمنية
من جانبه، كتب مدير الأخبار بقناة اليمن الرسمية توفيق الشرعبي على فيسبوك: "س/ من هو (المسؤول) اللي جدول أربع رحلات (في نفس الوقت) إلى مطار صنعاء؟! ج/ هو عادل الحاشدي، مدير إدارة الجدول والتخطيط التجاري، باختصار هذا هو الغريم ويجب محاسبته".
وفي السياق، قال الصحفي بلال أحمد: "لا يمكن تبرئة إدارة اليمنية، بل ويمكن حتى اتهامها بالتواطؤ، في موضوع احتجاز الطائرات بمطار صنعاء. الشركة الغارقة في الفساد منذ الأزل، يتواجد معظم كادرها في صنعاء تحت سلطة الحوثة ورعايته الكريمة لحساباتها البنكية وإيراداتها، فماذا نتوقع غير هذه الخطوة التي قام بها الحوثي- وهي خطوة متأخرة بالمناسبة".
عبث مكرر
الباحث والناشط السياسي معن دماج قال معلقاً على ما جرى: "في احتجاز الحوثيين لطائرات اليمنية يتكرر طابع عبثي متواتر في إدارة تعامل مؤسسات الدولة مع هذه الحركة الإرهابية. احتجزت طائرة، فلماذا تقوم بإرسال طائرة ثانية وثالثة؟! بدلاً من إيقاف الرحلات حتى حل مشكلة الطائرة الأولى على الأقل. لا أقول برد فعل طبيعي مثل إلغاء الرحلات إلى مطار صنعاء، بل والتهديد بإغلاق ميناء الحديدة أيضاً كرد على احتجاز الطائرة! هؤلاء المسؤولون في الشرعية يفتقرون العزيمة والحمية والعقل، ولا يملكون لأنفسهم شيئاً أمام أي طلب من التحالف أو الأمم المتحدة!".
وزير النقل
ووجه ناشطون وصحفيون الانتقاد لوزير النقل في الحكومة المعترف بها، عبدالسلام حميد، الذي قالوا إنه يتحمل المسؤولية عما جرى للشركة، سيما بعد تصريحات خرج بها لقناة الحدث السعودية، قال فيها إن ملكية الخطوط الجوية اليمنية مختلطة "بين الجمهورية العربية اليمنية (الشطر الشمالي من البلاد قبل الوحدة في عام 1990)، والأشقاء في السعودية"، علماً أن حميد من أقارب عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بانفصال جنوب البلاد عيدروس الزبيدي.
قال الصحفي محمد سعيد الشرعبي: "طبيعي جداً ما حدث لطائرات اليمنية، والأسوأ لم يأت بعد.. وزير النقل قال أمس إن ملكية شركة الخطوط الجوية اليمنية تتبع الجمهورية العربية اليمنية... الإقالة قليل بحقه!!
وقال الصحفي وليد الراجحي: "وزير النقل بكل سخافة، يتحدث عن طائرات الجمهورية العربية اليمنية، وهو وزير في حكومة الجمهورية اليمنية. باختصار (هو من) سلّم الطائرات للحوثي على طبق من ذهب، ولو كان لدينا حكومة ورئاسة محترمة لأحالته للتحقيق، لكن لا وجود لشيء يحترم نفسه.. هؤلاء لا يمثلون الشعب ولن ينتصروا له".
الصحفي مأرب الورد علق على تصريحات الوزير بالقول: "اسمعوا وقاحة وزير النقل المحسوب على الانتقالي وهو يقول إن طيران اليمنية شركة مختلطة بين "الجمهورية العربية اليمنية والأشقاء في السعودية". وزير في حكومة الجمهورية اليمنية لكنه لا يعترف بها ويتحدث باستهتار وكأنه وزير في دولة أخرى والأمر لا يعنيه! هذه نتيجة تمكين دعاة التشطير".
التذكرة عقد
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الجبزي كتب على حسابه بمنصة إكس: "غادر الحجاج من صنعاء وعودتهم إلى صنعاء. فالتذكرة عقد وعهد بين المتعاقدين. في ظرف قبيح وغير صحي تغامر شركة طيران بالدخول إلى مطار غير مأمون -وتحت سلطة لا تعرف العهد ولا العقد- وتنقل الركاب وتعيدهم إلى حيث أخذتهم".
وأضاف: "ماذا لو كانت الشركة تنبأت بالقرصنة هذه وألغت الرحلات من طرفها؟ كيف سيكون كلام اليمنيين عن اليمنية التي لا يمكن الدفاع عنها في وضعها الحالي وعن الشرعية؟ هل تتذكرون قصة العالقين في الخارج قبل أعوام وكيف تحرك الرأي العام للوم الحكومة والتحالف؟".
وتابع: "ما يزال نصف الحجاج عالقين في جدة وينتظرون العودة، ولن تغامر أي شركة طيران دولية بالذهاب إلى مطار صنعاء. احتجاز طائرات مدنية فعل حرابة وعمل إرهابي ولا يمكن فهمه إلا على أنه فعل إرهابي".
وزير الإعلام يناشد
وزير الإعلام في الحكومة المعترف بها معمر الإرياني، اعتبر احتجاز الحوثيين للطائرات "عمل إرهابي مُدان يؤكد من جديد أننا إزاء عصابة همجية تمتهن القرصنة واللصوصية، ولا تحترم الاتفاقات، ولا تكترث بالقوانين والمواثيق الدولية". وناشد "المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن ومنظمات النقل الجوي الدولية وكافة الجهات ذات الاختصاص، بإعلان موقف واضح إزاء هذه الجريمة النكراء، والشروع الفوري في تصنيف مليشيا الحوثي "منظمة إرهابية"، وتقديم دعم حقيقي وفاعل للحكومة الشرعية لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية".
تصريحات الوزير قوبلت باستهجان واسع على منصات التواصل. قال الصحفي حسن الفقيه: "الحوثي قاطع طريق، وعصابة قرصنة، ويمارس الابتزاز والمتاجرة والوضاعة، ويفعل ما لا يخطر في بال إبليس نفسه، إلى هنا متفقين. طيب، كيف تتصرف مع هذه العصابة؟ تدينها؟ ماهي مدانة أصلاً. تعريها؟ ماهي أصلاً سافرة ومعرّاة. تناشد!؟ هل هناك أحد عبر عن مناشداتك ومطالباتك؟ ما هو دورك كمسؤول، لا كمنظمة؟".
وقالت إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن: "قولوا لمن يتحدث بنوايا حسنة عن ضرورة تحقيق سلام مع الحوثي، سواء الدول أو المبعوث أو الكتاب أو المؤسسات: أين هي نوايا السلام التي تشجع وتخلق أملاً بسيطاً أن هناك سلاماً يمكن أن يكون قريباً؟ حتى القليل من الهدوء يساعد الناس في استعادة أنفاسهم من الغلاء والخوف.. فها هو يعتقل ويخطف طائرات".