أهم الأخبار

بعيداً عن الأهل وبلا "جعالة".. هذا حال عيد اليمنيين في زمن الحرب

2022-04-30 الساعة 04:38م (يمن سكاي - المصدر أونلاين)

على أعتاب عيد الفطر، يكافح اليمنيون -الذين اعتادوا على إحيائه بعاداتهم وتقاليدهم الموروثة والمتنوعة- لتوفير أبسط متطلباته، علّهم ينالوا من العيد بعض السعادة التي حرموا منها جراء الحرب الدائرة منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة أواخر العام 2014.

وتبرز أبرز مظاهر الاحتفاء بالعيد بعودة العاملين المهاجرين في مدن الداخل اليمني إلى قُراهم، وشراء الملابس والمكسرات، إضافة إلى صناعة المأكولات الشعبية، والزيارات والجلسات العائلية العيدية، وغيرها من العادات.

وخلال سنوات مضت حافظ اليمنيون على أغلب تلك العادات إلى حد كبير، بالرغم من الحرب وما خلفته من مآس في التنقل وتردي الحالة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية. لكن الوضع هذا العام تغير إلى حد كبير، وباتت الأوضاع أكثر سوءاً بحسب مواطنين تحدثوا للمصدر أونلاين.

تراجع في شراء الملابس

قال أحد أصحاب محلات الملابس وسط صنعاء إن تراجعاً كبيراً تشهده عمليات البيع والشراء خلال هذا الموسم مقارنة بالسنوات الماضية، التي كان المواطنون يستعدون لها من وقت مبكر وأحياناً قبل دخول شهر رمضان.

وأضاف في حديث لـ"المصدر أونلاين" أن أصحاب محلات الملابس ذات الجودة المرتفعة والمتوسطة أكثر تضرراً من تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين، حيث اتجهت الأسر الى شراء احتياجاتها من محلات التخفيض والبسطات ذات الجودة العادية، بالإضافة الى أسر أخرى اعتمدت على الحراج.

أولويات

وليست محلات الملابس وحدها التي تأثرت بتداعيات الحرب والأزمة الاقتصادية، فقد شهدت محلات المواد الغذائية والخضار والفواكه والمكسرات واللحوم ركودا ملحوظاً في أنشطتها التجارية لاسيما منذُ مطلع العام الجاري (2022م) بعد اضطرار أغلب الأسر على توفير الأساسيات من متطلبات الحياة.

"راتبي بالكاد يغطي احتياجاتي وأسرتي خصوصا في ظل هذه الأوضاع"، هكذا بدأ أحد موظفي القطاع الخاص حديثه لـ"المصدر أونلاين".

وقال مفضلاً عدم ذكر اسمه: "أستلم 150 ألف، ولدي أربعة أبنا (ولد وثلاث إناث)، ومستأجر بـ 70 ألف، من أكسي ومن أخلي بدون كسوة، و(كم الديك وكم مرقه - مثل شعبي)، لهذا يالله نكافي أنفسنا مأكل ومشرب وسكن، ومدارس".

وقال: "أعدت ترتيب أولويات أسرتي مع زوجتي خصوصاً في العامين الماضيين، ولهذا خفضنا من شراء الملابس والمكسرات وقللنا من العودة الى القرية والزيارات".

وأبدى الموظف تعاطفه مع أسر موظفي القطاع الحكومي المحرومين من رواتبهم منذ سنوات، والأسر الفقيرة والتي تعتمد على الأعمال اليومية لسد احتياجاتها، لاسيما الأسر التي عدد أفرادها كبير.

بعيداً عن الأهل

فضل "أنور سالم"، الذي يعمل في إحدى ورش النجارة المكوث في صنعاء هذا العام، وعدم العودة إلى قريته للاحتفاء بعيد الفطر بين أفراد أسرته، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة السفر وصعوبة التنقل الى منطقته الواقعة في ضواحي محافظة تعز.

وقال سالم في حديث لـ "المصدر أونلاين" إنه قرر أخذ إجازة هذا العام في صنعاء لتوفير المبلغ الذي سينفقه في التنقل حتى بلوغ قريته ويرسله إلى أسرته لشراء احتياجاتها الضرورية.

وتابع: "تراجعت اهتماماتنا وأصبح جلب الرزق هو شاغلنا الوحيد هذه الأيام، ولهذا العيد يوم نفس (مثل بقية) الأيام الأخرى سيذهب".

وسالم ما يزال أحد المحظوظين إذ يعمل في صنعاء ويمكنه الانتقال إلى محافظته وإن لاقى بعض الصعوبات، أما من ساقهم القدر إلى محافظة من تلك التي تقع تحت سيطرة الحكومة أو اضطروا إلى الهروب إليها من جور الميليشيا، فقد أغلقوا باب زيارة الأهل لصعوبة التنقل أو خوفاً من بطش الميليشيا.

وقال عمال وموظفون يعملون في محافظات سيطرة الحكومة إنهم تركوا السفر لزيارة أهلهم في العيد، بسبب وعورة الطرقات وكثرة النقاط والأسئلة من قبل ميليشيا الحوثي.

وقال "محمد عز الدين" وهو مالك مكتبة صغيرة في مارب، إنه سافر لآخر مرة والتقى بوالديه في العام 2018، وعند عودته عائدا لمارب احتجزته الميليشيا في إحدى نقاطها بمحافظة البيضاء لنحو أسبوعين "من يومها طلعت زوجتي وأولادي لمارب وحرمت السفر بينما الميليشيا هي من تسيطر على إب".

وأضاف: "أنا محظوظ إني سافرت في 2018، هنا أصحابي بعضهم لهم من 2015 إلى اليوم لم يتمكنوا من زيارة أسرهم".

عيد بلا جعالة

منازل أسر يمنية كثيرة ستفقد "الجعالة" في هذا العيد، وهي الهدية الأبرز من المكسرات والعصير والتي تقدمها الأسر اليمنية لزوارها خلال أيام العيد، وقال بعض من تحدثوا لـ المصدر أونلاين إن أسراً ذات دخل جيد لن تقوم أو لن تقدر على شرائها.

وأكد مالك محل بهارات تراجع معدلات الشراء خلال موسم هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، لافتاً الى أن العديد من الزبائن يأتون فقط لمشاهدة البضاعة والسؤال عن الأسعار.

وأدت الحرب الحوثية المستمرة في البلاد الى إفلاس العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتراجع العمران، الأمر الذي فاقم معدل البطالة بين المواطنين، فيما عمل آخرون برواتب شهرية زهيدة لسد احتياجاتهم.

وتقول تقارير رسمية إن ما يقارب خمسة ملايين عامل وعاملة، أي نحو 60 بالمئة من عدد العمال، فقدوا وظائفهم جراء توقف شركات محلية وأجنبية في اليمن، إثر الحرب الحوثية، في حين ماتزال ميليشيا الحوثي ترفض صرف مرتبات أكثر من مليون موظف حكومي في مناطق سيطرتها.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
النص