2022-05-23 الساعة 10:25م (يمن سكاي - )
خدمة "يمن واي فاي" العامة التي دشنتها مؤسسة الاتصالات في صنعاء تعد "ضربة قاصمة جديدة لمصدر رزقنا" هذا ما قاله "رمزي محمد" أحد مالكي شبكات الإنترنت في أحد أحياء العاصمة صنعاء، وسبق إعلان هذه الخدمة سلسلة من الإجراءات اتخذها الحوثيون ضد مالكي الشبكات، وتم مصادرة معدات الكثير منها خلال السنوات الماضية.
وانتشرت شبكات بث الانترنت في الأحياء والشوارع خلال الأعوام الماضية كمشاريع صغيرة مربحة للآلاف من الأشخاص في مختلف المحافظات اليمنية، وتقدم خدمة الإنترنت للمواطنين الذين لم يتمكّنوا من الحصول على خط إنترنت خاص بهم، ويستخدمون تلك الشبكات المنتشرة في الأحياء والأرياف عبر شراء كروت ذات سعات مختلفة تابعة لتلك الشبكات.
والإثنين الماضي 16 مايو/ آيار الجاري، أعلنت مؤسسة الاتصالات التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، تدشين خدمة الإنترنت عبر "يمن واي فاي"(للشوارع والأسواق والأحياء) بأمانة العاصمة صنعاء وأطلقت 48 نقطة في الأماكن العامة كمرحلة أولى، بسرعة تصل إلى 10 ميجا وبأسعار مناسبة، بالإضافة إلى إعلانها بأن الاستخدام مجاني خلال ثمانية أيام من أجل تحفيز المواطنين على استخدام الخدمة وتجربتها.
وللوهلة الأولى يبدو أن تلك خدمة جديدة للمواطنين يقدمها الحوثيون، غير ان ذلك ليس دقيقاً في ظل سوء خدمة الانترنت في اليمن عموماً وارتفاع أسعارها منذُ خضوها لنفوذ الميليشيا، في الوقت الذي تعد الخدمة الجديدة استحواذ جديد من ميلشيات الحوثي على المشاريع الصغيرة التي أطلقها المئات من الشباب خلال الثمان السنوات الماضية في توزيع خدمة الانترنت.
في العام 2019 بدأ الحوثيون في مناطق سيطرتهم، حملة واسعة استهدفت مصادرة أجهزة بث شبكات الانترنت في الأحياء المختلفة، وخاضت حرباً مع مالكيها الذين تكبدوا خسائر كبيرة، واستطاعت مصادرة الآلاف منها بمبرر البحث عن ترخيص، أو استخدام أجهزة للبث غير مرخصة. ومنذُ ذلك الحين تعرض من تبقى من ملاك هذه الشبكات لجملة من المضايقات والتعسفات من قبل مؤسسة الاتصالات الحوثية.
وقال رمزي محمد "كنت أعمل في محل إنترنت، ثم بعت ذهب والدتي واقترضت مبالغ من الأهل لشراء أجهزة الشبكة، وبدأت بمشروعي من أجل إعالة أهلي لكن تعرضنا لسلسلة مضايقات من سلطات الحوثيين خلال السنوات الماضية".
وأضاف في حديث لـ"المصدر أونلاين"، اتهمنا جهاز "الأمن والمخابرات" التابع للحوثيين بأننا نتجسس لصالح العدوان، وبدأ حرباً علينا بوسائل مختلفة تحت هذه الذريعة، وطلب منا ندفع أموال رسوم وصولاً إلى رفع أسعار الانترنت وإلغاء الباقة الذهبية المفتوحة.
وقال: "مع تدشين خدمتهم المنافسة (يمن واي فاي) تبين لنا الآن ان مضايقتهم لمالكي الشبكات هدفه الوصول لذلك، وقد انخفض طلب الناس على كروت الشبكة التابعة لي خلال الأيام الماضية لأن إحدى نقاط هذه الخدمة نُصبت في نطاق الحارة التي اعمل بها".
وعن هدف سلطة الميليشيا الآخر وراء خدمة "يمن واي فاي" الحوثية، قال خبير الاتصالات وتقنية المعلومات، محمد المحيميد إن خدمة الانترنت اللاسلكية العامة، التي دشّنتها الاتصالات الحوثي الأسبوع الماضي في أمانة العاصمة صنعاء تسهّل عملية التجسس على المستخدمين لها من قبل ميليشيا الحوثي، خاصة أنه يتطلب استخدامها فتح حساب مستخدم على نافذة تلك الخدمة على الانترنت".
وأضاف المحيميد لـ"المصدر أونلاين": " كل قطاع الاتصالات والانترنت في اليمن غير آمن، لأنها تحت سيطرة مليشيات الحوثي، ويمكنها التجسس على جميع المشتركين في أنحاء اليمن، وقد راح ضحية ذلك العديد من القيادات الأمنية والحكومية والنشطاء في اليمن، إلا أن الخدمة الجديدة خطوة متقدّمة من عمليات التجسس، وسيبقى اليمنيون تحت رحمة الميليشيا ما داموا المتحكمين بقطاع الاتصالات والانترنت".
وخلال حرب الحوثيين على مالكي الشبكات خلال السنوات الماضية، كانوا يشنون حرباً إعلامية موازية عليهم، باتهامهم بابتزاز النساء والفتيات من خلال اختراق خصوصياتهن وسرقة صورهن، بالإضافة إلى اتهامهم بالعمالة لما يسمونه العدوان، في إشارة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
يذكر أن محاربة جهاز "الأمن والمخابرات" التابع لميليشيا الحوثي على مالكي الشبكات مستمر منذ سنوات، وسبق أن صادروا من الكثير منهم الأجهزة والمعدّات في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بالإضافة إلى رفع سعر التعرفة على الباقات الأكثر استهلاكا من قبل مالكي الشبكات عبر "الاتصالات اليمنية".
وعن آثار هذه الخدمة الجديدة على مالكي الشبكات، يقول المحيميد: "هذه الخطوة تعتبر تأميماً من قبل الميليشيا للشبكات، ومحاربة للأُسر التي كانت تقتات من هذه المشاريع الصغيرة، من أجل أن يتفرّدوا بكل أرباح الاتصالات والإنترنت لها مباشرة".
أما محمد، وهو شاب كان بصدد تنفيذ مشروع شبكة جديد في محافظة إب يقول: "لقد اقترضت مبلغاً مالياً، واشتريت الأجهزة اللازمة من صنعاء للبدء بالمشروع، لكنهم صادروها في محافظات ذمار باستلام رسمي، وقالوا لي أراجع جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء من أجل الحصول على التصريح، ولا زلت منذ العام 2020 حتى الآن أتابع عليها".
وفي أواخر العام 2019، رفعت "الاتصالات اليمنية" الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء أسعار باقات الإنترنت المقدمة للجمهور، واستهدفت بشكل خاص الباقات الكبيرة الموجهة للقطاع التجاري وملاك الشبكات، حيث عملت على إلغاء "الباقة الذهبية" وهي كانت خدمة مفتوحة الاستخدام بشكل مطلق، لكن الحوثيين خصصوا لها سقفاً محدداً، لاستغلالها وزيادة الموارد.
وكانت نقابة ملاك الشبكات اعتبرت ما تقوم به "مؤسسة الاتصالات" الحوثية برفع أسعار الإنترنت عملية تعسفية ضمن خطوات تهدف للإضرار بعمل الشبكات اللاسلكية وحرمان المواطن من خدماتها، ومحاولة إلغاء دور الشبكات والنيل من جهود وأدوار ملاكها في خدمة المجتمع ورفد خزينة الدولة وموارد المؤسسة".
وكان تحقيق اسـتقصائي ميداني لمنصة "صدق" اليمنية قد كشف أن المؤسسة العامة للاتصالات في صنعاء تعيش "واقعاً كارثيا" من حيث "الأداء المهني"، و"المسئولية الأخلاقية" تجاه المواطنين الذين تصلهم خدمات المؤسسة، في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي عليها للعام السابع على التوالي، منوهاً إلى أن المشتركين يتعرضون للسرقة والتجسس لخدمة سلطة الانقلابيين الحوثيين.
ووفق التحقيق فإن سلطة الميليشيا تجني مبالغ خيالية من عائدات المؤسسة التي تحتوي على عدة شركات منها؛ (يمن موبايل، تيليمن، وشبكات الهاتف الثابت واللاسلكي)، كما تستغلها لتنفيذ أجندتها، والاحتيال على المستخدمين.
وأكد التحقيق أن إيرادات مؤسسة الاتصالات الخاضعة لسيطرة الحوثيين تتجاوز "140" مليار ريال يمني سنويا (240 مليون دولار أمريكي)، من خدمة الإنترنت فقط، ما يعني أن سلطة الميليشيا جنت خلال السنوات السبع الماضية "980" مليار ريال يمني من خدمة الإنترنت دون الخدمات الأخرى التي تقدمها المؤسسة.
وذكر أن "المؤسسة بدأت إجراءاتها التعسفية ضد حرية المواطنين، وبدأت جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسة بالتراجع حتى بلغت أدنى مستوياتها خلال فترة الحرب التي تعيشها اليمن منذ العام ٢٠١٤م وسيطرة جماعة الحوثي على الدولة".
وحسب موقع "سبيد تست" فقد تراجع تصنيف اليمن لتصبح من الدول الأسوأ في معدل قياس سرعة الإنترنت حيث تحتل المركز 174 من أصل ١٧٨ دولة، كما تعتبر أغلى دولة في سعر الميجا بايت الواحد على مستوى الوطن العربي، كما حصلت على المركز الأول من حيث كميات الحجب في الشرق الأوسط.