2022-06-19 الساعة 12:48ص (يمن سكاي - يمن شباب)
استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في إطار جولته الخارجية الأولى منذ تنصيبه، وسط مساع لترسيخ وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة والتوصل إلى حل ينهي أزمة الحرب في الدولة الممزقة.
وناقش الجانبان آخر المستجدات في اليمن وسبل حماية الأمن والحرية البحرية في البحر الأحمر. كما ركزت المحادثات على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما في مشاريع البنية التحتية والطاقة.
وأكد السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع العليمي، دعم بلاده لوحدة اليمن واستقراره، ودعم مصر لمجلس القيادة الرئاسي اليمني في إطار مساعيه للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام يحقق السلام وينهي المعاناة في اليمن.
مجددا، رحب السيسي بتمديد الهدنة في اليمن لشهرين إضافيين بين الأطراف المتحاربة، وهو ما أعلنته الأمم المتحدة في وقت سابق من الشهر الجاري. كما دعا جميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل لبنود الاتفاقية. وقال "إنه تطور إيجابي يمكن البناء عليه لبدء عملية سياسية شاملة في اليمن".
ومن نقاط الخلاف الحالية استمرار حصار المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على مدينة تعز وفشلهم في الوفاء بتعهداتهم برفع هذا الحصار بموجب اتفاق الهدنة وسط مخاوف من انهيار الهدنة على غرار سابقاتها، وذلك في وقت يكافح فيه اليمنيون من أجل البقاء.
بموجب الهدنة، توقفت العمليات العسكرية في اليمن والهجمات عبر الحدود في الحرب التي استمرت سبع سنوات، مما ساعد في تخفيف الأزمة الإنسانية في اليمن التي تسببت في تجويع الملايين.
وبموجب اتفاق الهدنة، وافقت مصر على تسيير رحلات جوية مباشرة بين العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون، صنعاء- والقاهرة، حيث هبطت أول رحلة تجارية يمنية منذ عام 2016 في القاهرة في أوائل يونيو. وقال السيسي إن هذه الرحلات الجوية تهدف للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
تسببت الحرب في اليمن في مقتل أكثر من 150 ألف شخص وتشريد الملايين من المدنيين، بحسب الأمم المتحدة، التي وصفت الصراع بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
قال أحمد عليبة، الباحث المصري في دراسات الأمن الإقليمي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن السيسي أراد التأكيد على أن سياسة بلاده تجاه اليمن لا تتغير وأن استقرار اليمن مرتبط بالأمن القومي المصري والخليجي.
وأضاف عليبة لـ "المونيتور"، أن مصر تؤيد الحوار وأي جهد حقيقي لحل الأزمة اليمنية.
لكن عليبة قال إن جهود تسوية الأزمة قد تصطدم بمتغيرات أبرزها مدى استجابة الحوثيين وإيران ورغبتهم الحقيقية في تحويل الهدنة إلى عملية سياسية تؤدي إلى تسوية سلمية نهائية.
وقال السيسي إنه اتفق مع العليمي على التعاون وتكثيف العمل المشترك لحماية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب والخليج العربي، حيث ترتبط هذه القضية الحيوية بالأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
واليمن غارق في الصراع منذ 2014 عندما استولى الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة وأطاحوا بالحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة. دفع هذا التحالف العسكري بقيادة السعودية للتدخل لدعم الحكومة اليمنية في العام التالي.
ومنذ ذلك الحين، تشارك مصر، التي تربطها بالسعودية علاقات قوية، في عمليات التحالف في اليمن من خلال قواتها الجوية والبحرية، إضافة إلى تمركز سفن حربية في مضيق باب المندب وفي البحر الأحمر لتأمين وصول السفن إلى قناة السويس المصرية.
هناك مخاوف من أن يؤدي الاضطراب في اليمن إلى إغلاق مضيق باب المندب، مما سيمنع ناقلات النفط القادمة من الخليج وخط أنابيب سوميد - الذي ينقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط - من الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس. لذلك سيتعين على الناقلات الإبحار حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، مما سيزيد من وقت العبور وتكاليف الشحن.
من جانبه قال العليمي إن مصر تقف إلى جانب بلاده لاستعادة الدولة وإسقاط انقلاب الحوثيين. واتهم خلال مؤتمره الصحفي مع السيسي مليشيا الحوثي بالسعي لإعادة اليمن سنوات إلى الوراء.
وقال العليمي إنه أطلع السيسي على المخاطر التي يتعرض لها الأمن البحري الدولي وسلامته مع تزايد الأعمال العدائية للحوثيين عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وقال توماس جونو، الأستاذ المساعد في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا، لـ "المونيتور" إن الحوثيين، إلى حد كبير بفضل الدعم الإيراني، يبرزون قوتهم بشكل متزايد في البحر الأحمر.
جونو، المتخصص بقضايا اليمن وإيران، قال: "لقد حصلوا، على سبيل المثال، على زوارق مسيرة وألغام بحرية وصواريخ من الشاطئ إلى البحر أو طوروها، والتي يمكن أن تهدد الملاحة في البحر الأحمر، وهذا مصدر قلق متزايد للولايات المتحدة والدول المطلة على البحر الأحمر بما في ذلك مصر".
وقال التحالف الذي تقوده السعودية في يناير كانون الثاني إن جماعة الحوثي استخدمت أكثر من 100 قارب مفخخ لاستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر. كما استهدف الحوثيون في السابق واستولوا على سفينة شحن تحمل العلم الإماراتي قبالة ميناء الحديدة اليمني.
واستخدمت إيران اليمن كنقطة انطلاق لهجماتها على السعودية، حيث زودت الحوثيين بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة لاستهداف منشآت نفطية في جنوب السعودية، كما استهدفت الإمارات العربية المتحدة، وهي أيضًا شريك رئيسي في التحالف الذي تقوده السعودية. وفي وقت مبكر من هذا العام، شن الحوثيون عددًا من الهجمات بطائرات بدون طيار على منشآت إماراتية، مما أودى بحياة مدنيين.
وترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع الإمارات، والتي لها أيضًا مصالح حيوية في اليمن، لا سيما تلك المرتبطة بممرات الشحن الاستراتيجية في جنوب البلاد.
على الرغم من عقد خمس جولات من المحادثات الأمنية بين المملكة العربية السعودية وإيران بوساطة عراقية وعمانية، إلا أن الخلافات بين الخصمين الإقليميين لم تتم تسويتها دبلوماسياً.
في أبريل/ نيسان، شكلت البحرية الأمريكية قوة عمل متعددة الجنسيات تستهدف تهريب الأسلحة في المياه المحيطة باليمن ردا على هجمات الحوثيين على السعودية والإمارات.
وقال المحلل السياسي اليمني عبد السلام محمد لـ "المونيتور"، إن استمرار التصعيد الحوثي للأنشطة العدائية يهدد الجهود الدولية لترسيخ الهدنة، ويقضي على فرص السلام في البلاد، ويزعزع الأمن والحرية البحرية الدولية.
وأضاف أنه من خلال التعاون مع السعودية والإمارات، تستطيع مصر تأمين خطوط ملاحية دولية في حال قرر الحوثيون، بقيادة إيران، خوض الحرب، وبالموافقة على الهدنة، فإن الحوثيين يكسبون الوقت لإعادة تنظيم وضعهم العسكري على الأرض. لقد ربطوا مصيرهم بإيران، ولهذا السبب أستبعد إمكانية ذهابهم إلى السلام، خاصة إذا فشل الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي.
كما ناقش السيسي والعليمي الخطر المرتبط بناقلة صافر وشددا على ضرورة تضافر الجهود الدولية لحل هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن تحسبا لوقوع كارثة.
وترسوا الناقلة الصدأة حاليا بالقرب من ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين. تدهورت سلامتها الهيكلية بشكل كبير منذ تعليق أعمال الصيانة في عام 2015. ومنذ ذلك الحين، سعى خبراء الأمم المتحدة لتفتيش الناقلة وتفريغ حمولتها، لكنهم واجهوا عقبات بسبب مماطلة الحوثيين.
تحتوي الناقلة على ما يقدر بنحو 1.14 مليون برميل من النفط الخام، حيث سيؤدي تسرب النفط إلى إلحاق أضرار جسيمة بالنظم البيئية في البحر الأحمر وإغلاق ميناء الحديدة لعدة أشهر.
وشملت جولة العليمي الخارجية الكويت والبحرين ومصر وقطر، جاء ذلك في وقت استضافت فيه الأردن الجولة الثانية من المشاورات برعاية الأمم المتحدة بين وفد حكومي والحوثيين، بهدف التوصل إلى اتفاق لرفع الحصار عن تعز وفتح ممرات وطرق في المحافظات اليمنية الأخرى التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين.
في 7 أبريل، أصدر الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي قرارًا بنقل صلاحياته إلى العليمي وسبعة أعضاء آخرين بعد مشاورات يمنية مشتركة برعاية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض.
وقال الباحث جونو إن هناك أسبابا لتفاؤل شديد الحذر في اليمن في ظل التطورات الأخيرة، لا سيما تهميش الرئيس الأسبق هادي وتشكيل المجلس الرئاسي الجديد والاتفاق على الهدنة.
ومع ذلك، أشار إلى أن مشاكل البلاد عميقة ومعقدة بشكل غير عادي، ولا تزال هناك عقبات لا حصر لها قبل أن يتم إرساء السلام بشكل مستدام، وختم بالقول "أعتقد أن المملكة العربية السعودية جادة في رغبتها في إيجاد نوع من الحل يسمح لها بتقليص التزامها في اليمن".
المصدر: «Al-Monitor»